د عوض اسماعيل: مساعدة المكروب أفضل من حج النافلة
د صبرى أبو حسين: بعض الفقهاء حرموا التكرار لأن به رياء ومباهاة
د محمد سالم: الصدقة على الأهل أفضل من حج التطوع
تحقيق مروة غانم
فى نفس التوقيت من كل عام ومع بدء موسم الحج يثار الجدل ويكثر الكلام وتزيد المطالبات حول أيهما أولى حج النافلة أم الإنفاق على الفقراء والمساكين خاصة فى تلك الظروف العصيبة التى تمر بها الأمة الإسلامية.
واتفق العلماء على أن الإنفاق على الفقراء والمساكين وأصحاب الحاجات أولى من تكرار الحج بل إن بعض الفقهاء المعاصرين ذهبوا الى تحريم تكرار الحج والعمرة لما فى ذلك من رياء ومباهاة بكثرة أداء الحج وتركا لواجب وهو الانفاق على الفقراء والمساكين فضلا عن الاسراف والتبذير الذى يصاحب التكرار فحول اشكالية تكرار الحج و الانفاق فى أوجه البر والخير دار هذا التحقيق.
بداية أكد الدكتور عوض اسماعيل العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بجامعة الأزهر بالقاهرة على أن الحج متى أداه المسلم تام الأركان صحيح المناسك فقد سقط عنه وليس مكلفا به إلا مرة واحدة فى العمر ومن زاد على ذلك فهو من النوافل.
مساعدة المكروب
وشدد العميد السابق لاسلامية بنين الأزهر على أن الإنفاق على الفقراء والمساكين وأصحاب الحاجات والأعذار ورفع الكرب عن المكروبين فريضة لافتا الى وصية سيدنا أبو بكر رضى الله عنه للفاروق حيث قال له ” إن الله لايقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة “.
وأضاف : الحج الثانى أو الثالث يعتبر من النوافل المستحبة وقد رغب النبى صلى الله عليه وسلم فى المتابعة بين الحج والعمرة لكن الأولى مساعدة المكروب والانفاق على المساكين طالما أن المسلم أدى الفريضة.
وأوضح أنه إذا تساوى الانفاق على الفقراء مع الحج فى الاستحباب بحيث يكون الانفاق فى هذه الحالة ليس ملزما هنا يكون حج النافلة أولى وأجمل لما فى الحج من منافع كثيرة أما اذا كان الانفاق ملزما كدفع الكرب عن المكروبين ومساعدة أصحاب الحاجات ودفع الجوع عن الجوعى ورفع كرب مريض هنا يكون الانفاق أولى وأحق من تكرار الحج والعمرة.
شرط الاستطاعة
أما الدكتور محمد سالم أستاذ مساعد بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالمنصورة فيؤكد على أن الحج من الفروض قطعية الثبوت لا تحتاج الى جدل أو تشكيك ومن توافرت لديه شروط الحج البدنية والمالية وتحقق عنده ركن الاستطاعة وجب عليه الحج على الفور ولا ينبغى تأجيله لقوله تعالى :” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين.
اختلاف العلماء
وأضاف سالم : لقد اختلف العلماء حول اشكالية حج التطوع والانفاق فى وجوه البر والخير فمن العلماء من قدم حج التطوع على أعمال البر الأخرى مبررين ذلك أن الحج عبادة بالمال والبدن وهى هنا تعد أفضل من عبادة المال فقط ولأن الفقراء أيضا ممن لا تلزمه نفقتهم , لكن لما كانت الضرورات تقدر بقدرها وفقه الحاجة والواقع يفرض كلمته فقد ذهب بعض الفقهاء الى أن الصدقة خصوصا على الأهل والأقارب وذوى الأرحام أفضل من حج التطوع حيث قال هذا الفريق أنه يستحب للإنسان أن يتعاهد المنقطع والغريب والضعيف والأعمى والأرملة مستشهدا بقول النبى صلى الله عليه وسلم :” الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله ”
أفضلية الصدقة
وأشار الى رأى الإمام ابن الجوزى والذى أورده فى كتابه “الصفوة ” حيث يقول : الصدقة أفضل من الحج ومن الجهاد لأنها سر لا يطلع عليه إلا الله عزوجل مشددا على أن الصدقة فى تلك الأيام العصيبة أولى من تكرار الحج والعمرة.
حاجة المعدمين
ووافقهما الرأى الدكتور صبرى أبو حسين، وكيل كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات للدراسات العليا والبحوث بمدينة السادات، جامعة الأزهر، مؤيداً لفتوى دار الإفتاء المصرية والتى ترى أنه لا مانع شرعا من تكرار الحج والعمرة لكن الأولى تقديم مصالح وحاجات المسلمين المعدمين الذين هم فى مسيس الحاجة إلى ما يؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية عن التطوع “.
فضل الصدقة
وأضاف : الحج فرض على القادر المستطيع مرة واحدة فى العمر فمن زاد فتطوع ونافلة فى التقرب الى الله , فالحج والعمرة ليسا واجبين على المسلم بعد أداء الحج والعمرة الأولين بل يكونا تطوعا ونافلة فى التقرب الى الله وعلى المسلم أن يقدم مصالح وحاجات إخوانه المسلمين المعدمين الذين هم فى مسيس الحاجة الى ما يؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية فليس لله حاجة فى الطواف ببيته من شخص يترك إخوانه البائسين فريسة للفقر والجهل والمرض لأن المسلمين يجب أن يكونوا يدا واحدة يتعاونون على البر والتقوى ومساعدة بعضهم البعض فقد ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث النبوية التى تعدد فضل الصدقة وثواب مساعدة المسلم لأخيه حيث قال صلى الله عليه وسلم :” لا يستر عبد عبدا فى الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ” وقال أيضا صلى الله عليه وسلم :” المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ” كما ورد عنه صلوات ربى وسلامه عليه :” الله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه ” فكل هذه الأحاديث تبين فضل الصدقة وجزاء مساعدة المسلمين لبعضهم البعض .
تحريم التكرار
وأشار وكيل بنات السادات الى أن بعض الفقهاء المعاصرين ذهبوا الى تحريم تكرار الحج وحجتهم فى ذلك أن فى تكرار الحج ظلما بأخذ حق المسلمين الأخرين , كما يرون أن فى تكراره رياء ونفاق ومباهاة فضلا عن أن التكرار يجعل المسلم يترك واجبا أساسيا وهو التصدق على الفقراء والمساكين , كما أن التكرار يصاحبه بذخ واسراف لاسيما وأن عندنا ملايين من المسلمين والمسلمات مشردين ومشردات ومطاردين ومطاردات من قبل أعداء أمتنا المستكبرين الغاشمين الظالمين , وهؤلاء المستضعفين يحتاجون الى عون وإغاثة ونصرة وإيواء انطلاقا من التطبيق العملى لقول الله تعالى :” أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الأخر وجاهد فى سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدى القوم الظالمين ” وتنفيذا لقول النبى صلى الله عليه وسلم :” والله لا يؤمن , والله لا يؤمن , والله لا يؤمن ! قالوا : من يا رسول الله ؟ قال : من بات شبعان وجاره الى جنبه جائع “.