بقلم ا.د. عادل القليعي
أستاذ الفلسفة بآداب حلوان
دوما ما كنا نسمع هذه الحكمة ونحن صغارا ولا زلنا نسمعها وكانت تمر على أسماعنا مرور الكرام دون أن نعيرها أدنى اهتمام ، هذه الحكمة تقول (ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك).
لكن الآن أدركنا معناها ومفادها ومغزاها تمام الإدراك.
أما معناها فإنه لن يتولى أمورك إلا أنت ولن يخاف عليك ويحرص على مصلحتك إلا من هو من بني دينك وبني جلدتك ، فينبغي علينا أن نضع ذلك نصب أعيننا وينبغي علينا أن ندرك إدراكا يقينيا أن الذئاب لا تأكل إلا الغنم الشاردة.
وإذا أردنا أن نتعرف على مفادها ، فمفادها معلوم وواضح للجميع ، فما الذي تفيده هذه العبارة وما الذي نستفيده من منطوقها ، ترك التحزب ، ترك التشرذم ، ترك اللامبالاة والإباثيا وطرح الأنا جانبا وتغليب مصلحة المجموع ، والمجموع هنا أمة إسلامية قال عنها الله تعالى (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون)،.
المغزي ، الاجتماع وطرح الفرقة ونبذ التعصب الحزبي ، وطرح التمذهب جانبا ، وترك اللغط والقيل والقال والتلاسن والتلاعب بالعبارات والألفاظ، والتأويلات التي قد تثير جدلا بيزانطيا ، وإنما الجميع ضرورة ملحة أن يتفق ووفقا لفقه الضرورة وفقه الواقع ، يتفق الجميع على كلمة سواء.
فعدونا واحد يتمنى هلاكنا بأي طريقة وبأية وسيلة ، فقد أعد عدته جيدا وجيش جيوشه ودربها تدريبا محكما من أجل ماذا ، لا من أجل أن يظفر بقطعة أرض أو كما يزعم يريد أن يؤمن نفسه من برامج نووية وخلافه ، فالخوف ليس من مثل هذه الأمور ، ضرورة أن يعي الجميع أن خوفهم الخفي الذي تخفيه صدورهم ، تثبيت المعتقد في قلوب المسلمين ، وتأصيله والعمل به .
هذا ما جعلهم يواصلون الليل بالنهار من أجل إحداث هذه الفرقة ، وزرع جواسيسهم وسطنا ونحن للأسف الشديد انقدنا انقيادا أعمى خلف ما يروجونه وخلف ما يقدمونه بدعوى المواكبة والحداثة والمعاصرة ، وكل هذه الأمور بريئة منهم ، ومن أفاعليهم وإنما الغاية القصوى إغراقنا في الشهوات والملذات.
وما أن تأتي فرصة للوحدة والإتحاد يبحثوا لهم عن وسيلة أخرى لتعيدك إلى مربع صفر ، تعيدك سيرتك الأولى لا التي رسمها لك الإسلام ووضع ضوابطها ، وإنما كما يريدونها لك هم فتصبح عبدا ذليلا تفعل كل ما تؤمر به دونما تردد.
إن الاختلاف سنة كونية أخبر عنها الله تعالى ، (كان الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين)، نعم الاختلاف سنة كونية ، لكن أليس هناك إتفاق على أمر واحد ، أليس هناك إتفاق يا أمة الإسلام على عبادة إله واحد ، والتسليم بما جاء به رسول واحد ، هو خاتم المرسلين صل الله عليه وسلم.
أما الأحزاب والجماعات والمذاهب ، فجميعهم أمورهم موكولة إلى خالقهم.
(كل حزب بما لديهم فرحون)
ألم يأمرنا الإله جل وعلا في قرآن يتلى إلى يوم القيامة أن نتوحد ونكون قوة ضاربة تضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه أن يكيد للإسلام والمسلمين.
(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
ألم نكن أعداء فألف بين قلوبنا
(واذكروا إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)
لماذا لا نعي الدروس ، الله تعالى يمنحنا الفرصة تلو الأخرى للاعتبار والاتعاظ وللململة الشمل الإسلامي تحت راية واحدة ترفع في ميدان واحد في وقت الشدة والحروب ، راية شعارها لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وترفع أيضا في وقت السلم للبناء والتشييد.
أتتنا الفرصة وتفرقنا وتشرذمنا في عام 1948م، وكل قال نفسي نفسي ، مصلحتي مصلحتي إلا مصر الكنانة ، وهل اليد الواحدة تستطيع التصفيق.
فكانت الطآمة الكبرى التي يعاني منها أحبتنا في فلسطين ، فنفذ فينا بولفور وعده وتمكن الصهاينة المجموعون من الشتات من أراضينا واستوطنوها وداسوا مقدساتنا بأقدامهم.
وتركنا الشعب الفلسطيني يقاوم منفردا بالحجارة تارة ، بالطعن تارة أخرى ، بالبندقية تارة ثالثة.
وكل ما فعلناه نحن المسلمون الإدانة والشجب ، وماذا سيجدي حجرا أو حتى صاروخا محلي الصنع أمام ترسانة أسلحة فتاكة.
لم يجد الشعب الفلسطيني من يدعمه إلا مصر دعما لوجيستيا وسياسيا ، وبعض الدول الإسلامية ، مناوشات هنا وهناك ، صاروخ يطلق من ناحية حزب الله في لبنان ، وصواريخ تطلق من اليمن.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه وفقا لفقه الواقع ، والحاجة ماسة الآن ، لماذا لا تهب الأمة الإسلامية على قلب رجل واحد لنصرة إخواننا المستضعفين في غزة.
لماذا لا تهب الأمة الإسلامية وتصطف جنبا إلى جنب مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تخوض الأن حربا ضروسا دفاعا ونفاحا عن الإسلام ، لماذا لا تتكاتف كل الدول الإسلامية وتهب لنصرة إيران ، التي هي فى الأصل دولة مسلمة .
فلله در باكستان ، لكن أين باقي الدول الإسلامية ماذا تنتظر ، هل تنتظرون الصين أو كوريا الشمالية لتدافع عنكم .؟!
لماذا لا يكون ثم اجتماع موسع يحضره جميع قادة العالم الإسلامي ويتفقوا على نصرة الإسلام.
إنها فرصتكم لتقولوا كلمتكم ولتروا الله منكم خيرا.
ألا ترون عندما انهالت صواريخ إيران على الكيان المغتصب ماذا فعل قادته ، راحوا يستجدون تعاطف الغرب ، وبدأت تنهال عليهم الأسلحة من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا ، وظهرت مفوضية الأمم المتحدة لتدلي بتصريحاتها العنصرية البغيضة ، من حق الشعب الإسرائيلي أن يدافع عن نفسه ضد الهجمات الإرهابية ، أين كنت وحرب الإبادة على غزة على أشدها ، لكن إنه الكيل بمكيالين ، إنها العنصرية والتطرف والجنوح لطرف على حساب طرف.
إنها فرصتكم يا أمة الإسلام في الاصطفاف والتخندق في خندق واحد ، شعاره لا صوت يعلو فوق لا إله إلا الله.
النصر أو النصر.