بقلم: جهاد شوقي السيد
إن التغير قادم لا محاله واختلال موازين القوى أصبح حقيقة وواقع يرى بالعين المجردة للشعوب جميعا، فلم تعد أمريكا الوحيدة في ملعب الشرق الأوسط تحرك قطع الشطرنج حسبما ترى، فهي تفكر في القوي المترصدة لها من بعيد وتريد أن تسحبها لحروب خارجية تضعف قوها وتستنزف قوتها الاقتصادية، حتى تركع على قدميها.
فمن جانب نرى الصين والحرب الاقتصادية العنيفة التي تشنها ضد سياسات ترامب الاقتصادية، وحشد وتحرك قواتها البحرية في المياه الإقليمية وقربها من جزيرة تايوان والتهديد بضمها إليها، وعلي الجانب الآخر نرى الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، والمساعدات المستمرة من الجانب الأمريكي لأوكرانيا ومدها بالسلاح والمال حتى لا تقع في براسن الدب الأبيض.
وبجانب كل هذا نرى المشهد في الشرق الأوسط والمنذر بحدوث حروب كارثية، فمنذ السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ وحركه طوفان الأقصى وحرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل وصمود الشعب الفلسطيني، وكشف الوجه الحقيقي للصهاينة للشعوب، وكره جميع البلاد لأفعالها، لم تعد تحرك أمريكا لصالحها كما كان في السابق.
وبعد أن قامت قوات جيش الاحتلال باستهداف كوادر الحرس الثوري الإيراني واستهداف بعض المواقع العسكرية واختراق أنظمة الدفاع لديها في حركة استفزازية، ظنا منها أنها سوف تبعد الأنظار عن مجازر وسياسات نتنياهو التي رفضت من قبل الشعب الإسرائيلي نفسه، وتقحم حليفها الدائم والقوي أمريكا في صدام مع إيران وتفتح الملفات الشائكة الخاصة بامتلاك إيران للسلاح النووي، وأنها سوف تكسب تعاطف العالم عند قيام إيران برشقتها الصاروخية كما حدث بالسابق.
ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان، فقد تم استهداف تل أبيب بكثافة -لأول مرة- منذ عقود واختراق القبة السماوية وتعطيلها، وكان رد أمريكا مخيبا لأمالها فقد التزمت بحق الرد بما يتناسب مع مصلحتها، ووجدت أمريكا ورقه ضغط على حكومة نتنياهو والتي كانت تعارض بشدة أوامر وزير الخارجية الأمريكي، وفي نفس الوقت فهي تضغط على إيران حتى تتخلى عن برنامجها النووي، فما يحدث الآن في الساحة هي حرب تصفية حسابات وورقة ضغط لتقليم أظافر وبراسن طهران حتى لا يكون هناك أي قوى معارضة للمشروع الأمريكي بالمنطقة وهو تقسيم المقسم والاستيلاء علي موارد الشرق.
الموقف الأمريكي غاية في الصعوبة، فعليها أن تدرس جيدا عواقب أي فعل متهور يصدر منها أو من حلفائها فقد يقود المنطقة نحو الهاوية ومعها إسرائيل كما حدث وضربت المفاعل النووية الإيرانية، وأيضا قد تقود اقتصادها إلي أزمة كبيرة ولهذا يقوم ترامب بإصلاح الاقتصاد والاقتراض من كل من السعودية ودول الخليج حتى يكون قرار التخلص من إيران في يدها، ولكن وجود كل من الصين وروسيا وكوريا يعطل ويجعل هذا المخطط خطرا على وجودها ويضعها في وضع خطر، فهي تحسب لكل خطوة حتى تتجنب العواقب الوخيمة.
ولأن الله قدر ان تكون مصر دائما هي حائط السد المنيع التي تتصدي للحروب علي مر العصور من هكسوس ومغول وحروب صليبية، فعلينا ان نقرأ جيدا ما بين السطور ونتريض حتي لا تنزلق أقدامنا الي حروب داميه ليس لها مكاسب لنا ولا للقضية الفلسطينية.
وقد اثبت التجربة أن مصر ستظل دائماً هي حائط الصد لدى المنطقة والجيش الوحيد المتبقي بعد أن تم تدمير جميع جيوش دول الجوار “ليبيا، والسودان، واليمن”، فالحكمة في التصرف هي ما قد ينجي المنطقة من قطار طهران السريع الذي سوف يدهس جميع الدول معه مالم نقرأ هذا المشهد جيدا ونعد أنفسنا للقادم داعين الله تعالى أن يحفظ اوطاننا جميعا.