كتبت- إسراء طلعت:
في ظل مساعي الدولة المصرية لبناء وعي ديني مستنير، تواصل وزارة الأوقاف مشروعها الدعوي الكبير تحت عنوان “مجالس الفقه والإفتاء”، وهي مجالس علمية أسبوعية تُعقد يوم السبت من كل أسبوع عقب صلاة المغرب أو العشاء، وتضم لقاءات تثقيفية في المساجد بأنحاء الجمهورية، يشرف عليها نخبة من العلماء وأمناء الفتوى وأساتذة الشريعة.
انطلقت المجالس الفقهية لأول مرة 5 أغسطس 2023 داخل 30 مسجدًا فقط، لكن سرعان ما شهدت إقبالًا واسعًا، دفع وزارة الأوقاف إلى التوسع التدريجي وفي أقل من عامين، ارتفع العدد إلى 312 مسجدًا في أبريل 2025، حتى وصلت الوزارة اليوم إلى تنفيذ خطة موسعة تقضي بإقامة 650 مجلس فقه أسبوعيًا بجميع المديريات، بدءًا من السبت الماضي.
صرح د. أسامة رسلان، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، لـ” عقيدتي قائلاً: “تأتي هذه المجالس في إطار تكامل جهود المؤسسة الدينية في مصر، فنحن نحرص على التنوع بين فقه العبادات والمعاملات، وقضايا التزكية والتحلية، حتى يجد كل باحث عن الخير ضالَّته، وهذا ما يعزّز التعاون بين العلماء لخدمة الوطن والمواطن”.
دروس تلامس الحياة
موضوعات المجالس تتنوّع لتلامس حياة الناس اليومية، وتربط الفقه بالسلوك، مما يسهّل فهم الدين ويبعده عن التنميط الأكاديمي البحت.
وتركّز المجالس على تقديم الأحكام الفقهية بأسلوب مبسّط، بعيدًا عن التعقيد، بما يعزّز الوعي الديني ويُسهم في مكافحة مظاهر التطرّف المرتبطة بتراجع القيم الأخلاقية.
جدول المجالس
بدأت الأوقاف من السبت الماضي بمجلس عن “الغُسْل.. أركانه وسُنَنَه وأنواعه”، ثم تتواصل اللقاءات أسبوعيًا بموضوعات متنوّعة، تشمل السبت 26 يوليو “صلاة القصْر”، مع بيان حكمها، ودليل مشروعيتها، ومسافة القصْر، والصلوات التي يجوز فيها القصر، على أن تناقش السبت 2 أغسطس “صلاة الجمعة”، حيث يتم توضيح أحكامها، وشروط صحّتها، وبيان فضلها في الإسلام، وفي السبت 9 أغسطس تناقش “سجود السهو”، مع شرح حكمه، وكيفية آدائه، وبيان الحالات التي يُسجّد فيها للسهو، وتتناول السبت 16 أغسطس المضاربة، وحكمها، وشروطها، وكيفية إدارتها وِفقًا للضوابط الشرعية في المعاملات المالية.
8297 مجلسًا فى عامين
وتشير إحصائيات الأوقاف إلى أن عدد المجالس الفقهية والندوات التي عُقدت منذ انطلاق النشاط في أغسطس 2023م وحتى 12 يوليو 2025م بلغ 8297 مجلسًا وندوة، وهو رقم يعكس حجم الجهد المبذول في نشر الفكر الوسطي المستنير.
بناء الوعي
يؤكد د. أسامة رسلان، أن الهدف ليس مجرد تقديم فتاوى، بل تأسيس منظومة وعي متكاملة، تضع الفقه في سياقه الصحيح، وتربط الأحكام الشرعية بأخلاقيات المسلم وسلوكه في المجتمع.
وقال: “نحن لا نقدّم الفقه بوصفه مجموعة أحكام جافّة، بل نربطه بمقاصد الشريعة، ونعلِّمه للناس باعتباره وسيلة لتحقيق الرحمة، ومكارم الأخلاق، والنظافة، والتزكية، وحُسن المعاملة”.
مواجهة التطرف
ويأتي برنامج مجالس الفقه ضمن خطة الأوقاف الشاملة لمواجهة مظاهر التطرّف الديني واللاديني على حدٍّ سواء، فكما يواجه الفكر المتشدّد، يواجه أيضًا التسيّب الديني وتراجع القيم الأخلاقيةـ والهدف هو بناء الشخصية الوطنية المتوازَنة، التي تجمع بين الالتزام الديني، واحترام الآخر، والانضباط الأخلاقي.