للأكسيولوجيا مكانة مهمة فى مختلف مناحى الحياة ومجالاتها بشتّى أشكالها المادية والمعنوية؛ فهى التى من شأنها تنظيم جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية، كما أنها تمثّل الرغبة التى تحدو بنا نحو الوصول لتحقيق أهدافنا على المستوى الغريزى والعقلى.
ولمّا كانت القيم الأخلاقية هى الأساس الذى تستند إليه الكثير من الوسائل الإعلامية فى أدائها لمختلف وظائفها خاصة ما يتعلّق بوظيفة المسؤولية الاجتماعية والحتمية القيمية تجاه المجتمعات والشعوب؛ كان لزامًا الالتزام بشروط وقواعد حاكمة لتداول الأخبار عبْر هذه الوسائط وفقا لما تُمليه المنظومة القيمية للمجتمعات.
لقد أسهمت التكنولوجيا الحديثة والتقنية الرقمية بشكل فعّال وملحوظ فى إحداث تغييرات قيمية للكثير من الأفراد خاصة فئة الشباب منهم، وذلك من خلال ما تبثّه هذه الأوعية من مواضيع وقضايا تلهب عقولهم ووجدانهم وقد تكون تلك الموضوعات مفتعَلَة ومزيَّفة بعيدة عن الواقع فى كثير منها لتحقيق نسبة مشاهَدات وتفاعلات غير مسبوقة بما ينعكس على ممارساتهم الحياتية بشكل أو بآخر.
إننا بحاجة إلى تبنّى حتمية قيمية فى تداول الأخبار والموضوعات عبْر هذه المنصّات وهذا ما يدفعنا إلى ضرورة تأكيد البُعد القيمى فى التواصل الاجتماعى الرقمى خاصة من عقْلنة تبرير الأحداث إلى شرْعنة تفسيرها لمعرفة الأبعاد الخفية وراء ظهورها ورواجها حتى لا ينقاد الأفراد انقيادا أعمى خلف الشائعات المغرضة.
وهذا ما يدفعنى للقول بأن: الإعلام الرقمى على الرغم مما وصل إليه من سرعة فى الانتشار وحرية فى التعبير والرواج إلا أن ذلك لا يمنعه من الحفاظ على مسؤوليته الاجتماعية وأطره الأخلاقية والقيمية إزاء مجتمعه.
إنها دعوة صريحة تحمل فى طيّاتها أوجاعا مخبوءة حول ضرورة إرساء معايير مجتمعية مهنية وأخلاقية تحكم التواصل الاجتماعى عبر الوسائط والتطبيقات الرقمية لتوجيه الشباب وتوعيتهم بما يجعل هذه الوسائط أكثر مصداقية وفاعلية فى تقديم خدمات رشيدة ومتطوّرة لا لإثارة البلبلة والفتن والفوضى العارمة فى تشويه سُمعة الأفراد فى المؤسسات المختلفة بما يدفع العوام من الناس إلى تعميم الظاهرة أو الحدث على كل من ينتسب لهذه المؤسسات وهم معذورون فيما يطرحون.
من أجل ذلك كانت الحاجة ماسَّة لضرورة تفعيل مواثيق الشرف المهنية للأخلاقيات الحاكمة للتواصل الاجتماعى عبر هذه المنصات والمواقع، فما أكثر التجاوزات التى أصبحنا نلحظها عبر الفضاء الرقمى دون التزام واضح بمعايير مهنية وأخلاقية منظمة لهذه السُلطة الرابعة.
لقد أصبح من الواجب التفكير فى ضرورة سنِّ لوائح وقوانين وتشريعات تنظّم عمل مواقع التواصل الاجتماعى ونشر الأخبار وتداولها بمهنية عالية تحترم عقول الأفراد وتلتزم بمعايير المجتمعات التى ينتمون إليها وِفق ضوابط تشريعية وسلوكية وأيديولوجية ناظمة تحكم هذه الممارسات فى استخدام الفضاء الالكترونى كوسيلة اتصال حيوية وفاعلة فى المجتمعات.