الإفتاء تؤكد: محرَّم بإجماع العلماء
وزير الأوقاف: “التحليل” تضليل للرأي العام
“الأزهر للفتوى الإلكترونية”: حرام بلا خلاف
إسراء طلعت
هل الحشيش حلال؟ سؤال فجَّر موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحات إعلامية (منسوبة) للدكتورة سعاد صالح ،أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قالت فيها إن تدخين الحشيش لا يُعد محرَّمًا شرعًا إذا لم يُذهب العقل! معتبرة أن قياسه على الخمر فيه تعسّف لأن التحريم مرتبط بالإسْكَار!
ورغم أن التصريحات ليست جديدة في بعض أوجهها الفقهية إلا أنها أعادت إلى الواجهة قضية الفتوى الفردية في زمن السوشيال ميديا، ومدى التزام الجمهور بفتاوى المؤسسات الدينية الرسمية، وسط تحذيرات من خطورة الاستناد إلى اجتهادات شخصية قد تُستغل لتبرير سلوكيات ضارة وتهدد استقرار المجتمع.
وأيضا أعادت قضية “تَرْنِيْد” الفتاوى، بمعنى (الاجتزاء أو الادّعاء على العلماء جرْيًا وراء التريند)!
وعلى الفور أعلنت المؤسسات الدينية موقفها بتأكيد أن تحريم تعاطي الحشيش والمخدرات هو تحريم قاطع مبنيّ على الكتاب والسنة والإجماع لا يحتمل اجتهادات فردية أو تأويلات شخصية لأن الأصل في الشريعة هو حفظ العقل والنفس والدين، وإن اختلفت صور الإدمان ومسمياته فإن حكمه في الإسلام واحد والعبرة ليست بالألفاظ بل بالمضامين والمقاصد.
وفي رد حاسم أصدرت دار الإفتاء بيانًا أكدت فيه أن تعاطي الحشيش حرام شرعًا بإجماع العلماء، موضحة أن المخدرات تضر العقل والجسد وتؤدي إلى التهلكة، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم نهى فيه عن كل مسكر ومفتر، ومشددة على أن كل ما يُذهب العقل أو يُعطل إدراك الإنسان يقع تحت طائلة “التحريم القطعي”.
وأضافت الدار: أن الله تعالى يقول “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة” فكيف يجوز تعاطي ما يُهلك الجسد والعقل؟! داعية الجمهور إلى الرجوع للمؤسسات الرسمية المعنية بالإفتاء وعدم الانسياق خلف تصريحات فردية قد تُحدث بلبلة وتُستخدم في تبرير سلوكيات خاطئة.
من جانبه قال د. أسامة الأزهري، وزير الأوقاف: إن القول بـ”حل” الحشيش خاصة إذا صدر من شخصية أكاديمية يُعد تضليلًا للرأي العام وفتحًا لأبواب الإدمان والانحراف، لافتًا إلى أن كتبًا تراثية حسمت المسألة منذ قرون منها “زهر العريش في تحريم الحشيش” للإمام الزركشي وكتاب “واضح البرهان” للسيد عبدالله بن الصديق.
العالمي للفتوى
وفي بيان شديد اللهجة أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن (تعاطي المخدرات بما فيها الحشيش والماريجوانا حرام شرعًا بلا خلاف)، موضحًا أن الشريعة الإسلامية أمرت بصيانة العقل من كل ما يُذهبه أو يُفسده وحرّمت كل ما يُعطل الإدراك أو يضر بالجسد والنفس والعقل.
وأوضح المركز أن (المسكرات هي ما يُغيّب العقل مع نشوة مثل الخمر والكحول) والمخدرات تُغيب العقل وتُخدر الحواس دون نشوة وتؤدي إلى الهلوسة وبطء الإدراك، أما المفتّرات فهي ما يؤدي إلى فتور عام وخمول وخدر في الأطراف، والمنشطات تسبب نشاطًا عصبيًا زائفًا يؤدي لاحقًا إلى الانهيار والإدمان.
وأكد أن (الحشيش يُصنّف مخدرًا ومفترًا في الوقت ذاته ويحمل جميع الصفات الموجبة للتحريم) استنادًا إلى الحديث النبوي الشريف الذي نهى عن كل مسكر ومفتر وقول الله تعالى “ويُحل لهم الطيبات ويُحرّم عليهم الخبائث”.
وحذر المركز من محاولات تمييع الأحكام الشرعية أو تزييف الوعي من خلال فتاوى فردية شاذة، مؤكدًا أن العبرة في الشريعة بالمقاصد لا بالأسماء وأن ترويج هذه الفتاوى يُعد جريمة شرعية ومهنية وأخلاقية تستوجب المحاسبة.
قرار الجامعة
وفي تطور سريع قررت جامعة الأزهر برئاسة د. سلامة جمعة داود إحالة د. سعاد صالح إلى التحقيق لمخالفتها قرار مجلس الجامعة رقم 1224 لسنة 2018 والذي يُحظر على أعضاء هيئة التدريس الظهور الإعلامي أو التصدي للفتوى دون تصريح رسمي حفاظًا على صورة المؤسسة وضبطًا للخطاب باسمها.
وأكدت الجامعة أن الفتوى لا تُعد اجتهادًا شخصيًا بل مسئولية علمية ومجتمعية يجب أن تُضبط بأطر مؤسسية خاصة في القضايا الحساسة التي تمس أخلاق المجتمع وسلوكيات أفراده.