بقلم د. روحية مصطفى
فوجئت بانتشار واسع لادعاء منسوب إلى د. سعاد صالح، الأستاذة بجامعة الأزهر، يزعم أنها أفتت بشرعية تناول الحشيش. وقبل الخوض في تفاصيل هذا الادعاء، حرصت على التثبت والتحري، امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ﴾ [الحجرات: 6]
وقد تعجبت من نسبة فتوى كهذه، لا يمكن أن تصدر عن طالب علم، فضلًا عن أستاذة متخصصة في الفقه وأصوله. وإن كنت أختلف مع د. سعاد صالح في بعض المسائل الفقهية، إلا أن خلافها فيها سائغ ومقبول، إذ اعتادت أن تتبنى آراء فقهية معتبرة، وإن كانت من الأقوال غير المشهورة، لكنها تستند فيها إلى اجتهاد ونظر علمي، لا إلى مجرد رأي أو هوى. ولا تثريب في ذلك، فكلٌّ يُؤخذ من قوله ويُرد، إلا رسول الله ﷺ، وقد بحثت في الوسائط المتاحة فلم أجد لها حلقة تلفزيونية أو لقاءً صحفيًا مباشرًا بالصوت والصورة يثبت هذا الادعاء.
لكن الأدهى والأمرّ أن أجد بعض الصفحات، التي كنت أظن فيها قدرًا من المهنية والمصداقية في نقل الأخبار المتعلقة بأساتذة جامعة الأزهر وقد سايرت هذا الخبر، بل زادت الطين بلة، حينما تجاوزته من مجرد نقل لمعلومة مغلوطة إلى تبنٍّ واضح له، وكأنها تنطق باسم الجامعة أو تمثل شئونها القانونية، وهو ما يُعد تعديًا بيّنًا على الحقيقة والموقع المؤسسي.
وإن كنت أجد عذرًا– ولو على مضض– لبعض الصفحات التي انساقت وراء هذا الافتراء، فإنني لا أجد عذرًا البتة لبعض الأساتذة المنتسبين إلى الجامعة، ممن تساهلوا في ترويج الخبر الكاذب، وانشغلوا بالرد على شخص د. سعاد صالح، بدلًا من التثبت من صحة ما نُسب إليها، وكأنهم سلّموا بصدقه دون تحرٍّ أو اعتبارٍ لزمالةٍ أكاديمية أو لأبسط قواعد الأمانة العلمية.
ولو تمعّنّا قليلًا، لوجدنا أن ما جرى ليس مجرد زلّة نقل أو خطأ عرضي، بل هو جزء من حملة ممنهجة للطعن في الأزهر الشريف ورجاله، بدأت بادّعاء وجود “حَمَلات الإرهاب” بين أساتذته وطلابه، وانتهت– زورًا– بنسبة تحليل الحشيش إلى أحد رموزه الأكاديميين. والأدهى من ذلك أن الأستاذة الكريمة تمر بظرف صحي يعلم حقيقته الله تعالى، يمنعها في الغالب من الخروج من منزلها أو جامعتها، فكيف يُتخيّل أن تُدلي بمثل هذا التصريح في هذا التوقيت؟
ولو تأملنا لوجدنا أن هذه التهمة قد أُثيرت منذ أكثر من عام، على يد المدعو محمد رحومة، المعروف بعدائه للإسلام، وخروجه الصريح عن تعاليمه. ولم يكن اتهامه مبنيًّا على أي دليل علمي أو توثيق موضوعي، بل كان محض افتراء وحقد دفين على الإسلام ورموزه.
وحسبنا الله ونعم الوكيل في كل من يتعمد الطعن في العلماء بلا بيّنة، ويتخذ من الأكاذيب وسيلة لهدم ما بقي من الثقة في المؤسسات الدينية الراسخة. والله من وراء القصد.