كتب_ محمد لملوم
وسط تحديات الحياة وظروفها القاسية، سطَّرت أُمٌّ مصرية قصة كفاح إنسانية ملهِمَة، بطلتها سيدة تحمّلت مسؤولية بيت وأبناء وحدها، لتُثمر جهودها عن طبيبين في المستقبل، أحدهما في كلية الطب بجامعة الإسكندرية، والثاني على أعتاب الالتحاق بكلية الطب جامعة الأزهر، بعد أن حصل على المركز السادس مكرّر على مستوى الجمهورية.
الطالب السيد محمد السيد جبريل، ابن معهد كوم حمادة الأزهري بالبحيرة، لم يكن مجرد متفوّق دراسيًا فحسب، بل هو نموذج لطالب حمل طموحًا كبيرًا، وسار بخُطى ثابتة حتى بلغ هدفه ونال مراده، حيث حصل على 646 درجة من 650، بنسبة نجاح 99.38%، وهو ما أهَّلَه ليكون ضمن أوائل الجمهورية.
يقول “السيد”: إن والدته كانت وستظل مصدر إلهامه، والداعم الأول له في حياته، مضيفًا: “انفصل والدي عن والدتي منذ 11 سنة، لكنها لم تتركني أنا وإخوتي نحتاج شيئًا، كانت الأم والأب والقدوة والدافع وراء كل نجاح”. ويؤكد أنه لم يكن يقيس تفوّقه بعدد ساعات المذاكرة، بل التزم بمذاكرة منتظِمة وتحصيل يومي للدروس، وتكثيف الاستعدادات مع اقتراب الامتحانات.
تقول والدته السيدة رانيا السيد شعت، إنها نذرت حياتها بعد الطلاق لتربية أبنائها وتعليمهم، موضحة أنها أنفقت على تعليمهم من معاشها، بل اضطرت لبيع جزء من قطعة أرض ميراث لتلبية احتياجاتهم الدراسية. وتضيف: “ابني الأكبر مُهاب في طب إسكندرية، والسيد بفضل الله من أوائل الأزهرية، و”أسيل” الصغيرة في الابتدائي. هدفي أن أراهم جميعًا ناجحين وسعداء، فهذا هو العوض الحقيقي من الله.”
وأكدت أنها لن تتوقف عن الدعم والتشجيع، وستظل سندًا لأبنائها حتى تخرّجهم، مشيرة إلى أن ما بذلته من جهد وتضحيات بدأ يُزهر تفوّقًا ونجاحًا، وأنها تشعر بالفخر لما وصلت إليه الأسرة رغم الظروف.
هكذا، تحوّلت الأم المثالية من سيدة بسيطة إلى بطلة حقيقية خلف كواليس نجاح مشرق، كتبت فصلاً جديدًا من الإصرار، ورسالة قوية تقول: “لا شيء مستحيل أمام الإرادة والدعاء والعمل الجاد”.