كتب_ محمد لملوم
في قصة نجاح تُلْهِم الأمل وتعكس قوّة الإرادة، سطَّرت الطالبة نور محمد سامي عبدالعزيز، من ذوي البصيرة، فصلاً جديدًا من فصول التحدّي والتفوّق، بعد أن حصلت على المركز الثاني على مستوى الجمهورية في القسم الأدبي، بمجموع 522 درجة من 550، بنسبة نجاح بلغت 94.91%.
رغم غياب البصر، لم تغب الرؤية، فقد أثبتت “نور”، ابنة معهد فتيات أنطونيادس الثانوي الأزهري بإدارة كفر الدوار التعليمية الأزهرية بالبحيرة، أن الإعاقة ليست حاجزًا، بل دافع لبلوغ الحلم، تجاوزت التحديات الجسدية بإيمان صادق، وسعت بخطى ثابتة نحو التميّز، متسلّحة ببصيرة القلب وعزيمة لا تعرف الانكسار.
أسرة داعمة
“نور” هي الأخت الكبرى في أسرة متماسكة تؤمن بها وتدعمها بكل حب وصبر، فوالدها يعمل موظفًا، ووالدتها كرّست وقتها وجهدها لرعايتها ورعاية أختها الصغرى، التي تدرس بالصف الأول الإعدادي بنفس المعهد، وهي أيضًا من ذوي البصيرة.
منذ نعومة أظفارها، لم تكن نور طفلة عادية، فقد بدأت رحلتها مع التفوق مبكرًا، وشاركت في عدة مسابقات علمية وثقافية، وحصلت على جوائز وتكريمات عديدة، ولم يكن حفظ القرآن الكريم بعيدًا عن مسيرتها، حيث أتمَّت حفظه كاملًا في الصف السادس الابتدائي، ما منحها يقينًا روحيًا ومصدرًا للقوة للسير نحو تحقيق النجاح.
فرحة لا توصف
تحدثت والدتها بصوت يملؤه الفخر، قائلة: “الحمد لله على فضله وكرمه. نور بنتنا رفعت راسنا وأسعدتنا.. شكر خاص لفضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، رمز الأزهر الشريف، ولكل من وقف بجانبها من إدارة المعهد والمعلّمين والمعلّمات.”
البصيرة الحقيقية
أما “نور”، فبعين القلب وبصيرة النور، عبَّرت عن سعادتها بهذا الإنجاز، مؤكّدة أن فَقْدَ البصر لا يصيب من يؤمن بالقدَر ويملك الإرادة “العمَى الحقيقي ليس في العيون، بل في القلوب التي تخلو من الأمل، وأنا فخورة بانتمائي للأزهر، وأحلم أن أكون عضوًا في هيئة التدريس بكلية علوم القرآن الكريم، لأردّ الجميل وأدعم زملائي من ذوي البصيرة”.
أما والدها فيقول: “إن كتاب الله هو سرّ كل نجاح. الحمد لله الذي أكرمنا بهذا الفضل العظيم. ابنتي نور كانت دائمًا منيرة لبيتنا بعزمها وصبرها، واليوم أنارت قلوبنا بهذا التفوق الكبير. رغم فقدانها للبصر، لم تفقد البصيرة ولا العزيمة، فكانت منذ صغرها حافظة لكتاب الله، تستمد منه قوّتها ونورها، كنا نؤمن بها وندعمها، لكنها فاقت كل التوقّعات. تفوّقها رسالة لكل أب وأم، ولكل شاب وفتاة”.
قصة “نور” ليست مجرد خبر تفوّق دراسي عابر، بل درس في الثقة والصبر والتحدي، ورسالة تقول “إن البصيرة أقوى من البصر. وإن الحلم لا يعرف المستحيل”.