ستجد الله موجودا فى كل آية، فى كل لحظة، فى كل مكان، ودعنى أسألك يا من تنكر وجود الله وأنت يا من تنكر البعث بعد الفناء، دعنى أحاورك بل قل دعنى أخبرك، أنا أقول: أن الله موجود فى كل مكان وأنه هو من خلق هذا الكون بقدرته وعلمه. وسأسألك عدة أسئلة، وإذا لم تدلك نفسك على إجابتها، فقطعا أنت مغيّب وغير واعى لما أنت عليه، بل إن إلحادك هذا سيلقى بك إلى طريق التهلكة إذا لم تبصر الحقيقة الغائبة عنك بقلبك وعقلك. والآن قل لى: من الذى رفع السماء بلا عمد؟ من الذى يمنعها أن تسقط فوقنا ويحرسنا؟ بل قل: من الذى منع البحار أن تغرِق الأرض بهذا النسق البديع؟ ودلّنى بصدق نفسك على سفينة تقف على رصيف الميناء ولا يوجد فيها أحد فتأخذ كل البضائع التى فوق الأرصفة وتضعها فى السفينة لوحدها دون مساعدة من أحد مطلقا ثم تبحر بلا ربان فتصل إلى بلد أخرى وتفرغ هذه البضائع وحدها، هل هذا معقول؟!
بالطبع لا، إذن أرض ذات فجاج وسماء ذات أبراج وكواكب وملاين المجرّات والنجوم ألا تدل على العليم الخبير؟! إن انتظام الكون بهذه الدقة واستمرار دورة الحياة بهذا الإعجاز يدل على وجود من يحافظ عليه ويسيّره ولا ينكر هذا إلا من فقد عقله.
عزيزى الملحد! العقل إذا أمعن التفكير أدرك أن المخلوق لابد له من خالق، فمن الذى خلقك؟ هل خلقت نفسك؟ هل صنعت عقلك وأدخلته داخل رأسك؟ هل نظرت إلى بنانك وبصمات أصابعك التى لا تنطبق مع أى مخلوق آخر؟ من الذى صنع مليارات البصمات غير المتشابهة على الإطلاق؟ أفلا يدل ذلك على وجود الله الخالق المبدع؟ أخبرنى عن المخلوق الضعيف فى بطن أمه، يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظام معرَّاة ثم مكسوة لحما، فتُنفخ فيه الروح وينمو داخل رحم أمّه ويخرج إلى الكون مخلوق بديع، من الذى صنعه وصنعك؟ من الذى صوره وصورك تبارك الله أحسن الخالقين؟ الأدلة على وجود الله كثيرة فى كل شئ تدلك على وجود الله الواحد القهار، لكنى حقا أستغرب من هؤلاء، كيف وصلوا إلى هذا الإلحاد؟ فكل مولود يولَد على الفطرة السليمة على وجود الله. وأكبر دليل على ذلك عند نزول البرق والرعد والريح العاصف وخروج البراكين وتحرك الزلازل وهبوب العواصف المدمّرة، تجد الإنسان يهرع بالفطرة ويلجأ إلى الله ،أنظر إلى نفسك وإلى كل أجهزتك الداخلية، هل قرأت يوما عن الغشاء العاقل؟ إنه إعجاز بكل ما تحمله الكلمة من معانى. إن هذا الغشاء يمنع اختلاط دم الأم بدم الجنين ولو حدث ذلك لمات كل منهما على الفور، وهذا الغشاء العاقل يأخذ من دم الجنين ثانى أوكسيد الكربون وحمض البول والمواد السامة ويضعها فى دم الأم كى تخرج عن طريق كليَتَيّ الأمّ وجهازها التنفّسي، أتدرى لماذا سمّى بالعاقل؟ لأنه يقوم بعمليات تتسم بالعقل والعقلانية، لأنه أيضا يأخذ من دم الأم ما يحتاجه الجنين من المعادن والفيتامينات والبروتينات والشحوم والمواد السكرية، فهو جهاز هضم للجنين يقدم له الغذاء، انه أيها السادة ينقل السكر والاكسجين والانسولين من دم الأم إلى دم الجنين ليحصل على الطاقة باحتراق السكر. ومن أهم وظائفه أنه إذا احتاج الجنين إلى مادة غير موجودة بدم الأم وتوجد فى طعام معين فإنه يجعل الأم تشتاق لأكل هذا الطعام وهو ما يسمّى بالوحم، من الذى أوحى له بهذا؟ إنه الله القادر على صنع ذلك، لذلك قال لنا سبحانه: (وَفِیۤ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ).
نعم، فمن لا يرى هذا، قد فقد بصره أم قل فقد البصيرة؟ أرأيت الأعرابي الذى على فطرته عندما سئل: كيف عرفت الله؟ فقال: البَعْرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، أفلا تدل على العليم الخبير؟! استمع لقوله تعالى (أَوَلَیۡسَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰۤ أَن یَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِیمُ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُۥۤ إِذَاۤ أَرَادَ شَیۡـًٔا أَن یَقُولَ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ فَسُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِی بِیَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَیۡءࣲ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ).