تولّى د. منير جمال الدين حمزة القادري بودشيش، أمس الجمعة، رسمياً قيادة الزاوية البودشيشية خَلَفاً لوالده الراحل الذي وافته المنيّة في المستشفى العسكري بالرباط، في انتقال سَلِسٍ للزعامة بناءً على وصيّة واضحة تمّ الإعلان عنها سابقاً، كمّا وثّق ذلك فيديو منشور على منصّة اليوتيوب.
فماذا عن سيرة د. منير الأكاديمية والدينية ومسار ارتباطه بالزاوية؟ حيث كان يشغل سابقاً منصب نائب الطريقة القادرية البودشيشية ومدير الملتقى العالمي للتصوّف، وهو تجمّع سنوي يُحتَفى به في إقليم بِرْكَان بجهة وجدة المغربية، ويجذب باحثين ومختصين من مختلف أنحاء العالم لمناقشة قضايا روحية وفكرية معاصرة.
تجدر الإشارة إلى أن د. منير يحمل خلفية أكاديمية غنية؛ فقد تخرّج في كلية الآداب بوجدة عام 1994 حاملاً إجازة في الدراسات الإسلامية، وأكمل دراساته بحصوله على إجازة ثانية في العلوم الاقتصادية عام 1995، كما نال دبلومات عُليا في تسيير المقاولات من جامعة كرونبل بفرنسا، والأنثروبولوجيا السوسيولوجية حول المجتمعات المغاربية.
ومن أبرز إنجازاته العلمية، حصوله على درجات دكتوراه في علوم الأديان وأنظمة التفكير من جامعة السوربون بباريس، بالإضافة إلى دكتوراه في الدراسات الصوفية، حيث تناول كتاب “قوْت القلوب” لأبي طالب المكي.
ويشغل د. منير اليوم عدّة مهام أكاديمية ودينية، منها إدارة المركز الأورو-متوسطي لدراسة الإسلام اليوم في فرنسا، التدريس في جامعة دوفين في مجال المالية الإسلامية، إلى جانب عضويته في المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة ورئاسته لجنة الرقابة الشرعية في المجلس الأوروبي المستقلّ للمالية الإسلامية.
ويمتد نشاطه أيضاً إلى المشاركة في مؤتمرات وندوات دولية تتناول قضايا التصوّف، الحوار بين الثقافات، مكافحة التطرّف، حيث يُشْرف على تنظيم الملتقَى العالمي للتصوّف الذي يُعقد دورياً ويجمع خبراء من مجالات متنوّعة لمناقشة موضوعات الهُوية، السِلْم، والتحديات العالمية.
وقد أصدر د. منير القادري بودشيش عدّة مؤلّفات تناولت التصوّف من جوانب روحية، فكرية وسياسية، من بينها “التصوّف والدبلوماسية الروحية”، و”التصوّف ومواجهة التطرّف”، و”الحضور الصوفي في زمن العولمة”. وتُبرز مراجعات أكاديمية طابع كتاباته المتوازن بين البحث العلمي والارتباط العميق بالتراث الصوفي، حيث يجمع بين العمل الروحي والانخراط في المؤسّسات الحديثة.
ويُنتظر أن يحافظ الشيخ الجديد على منهج والده في قيادة الزاوية، مع إمكانية إدخال تجديدات تعكس خبرته الأكاديمية وانفتاحه على التحدّيّات المعاصرة، مما يجعل مستقبل الزاوية البودشيشية محور اهتمام العديد من المتابعين في الساحة الدينية والفكرية.