إن الأخلاق الإنسانية تحتاج الى جوٍّ هادئٍ ومستقرٍّ ولا يوجد به زعزعة ولا عدم استقرار لأن الأخلاق هي التي تصنع الرجال، ومن ثمَّ فإننا نجد أن الفساد الإلكتروني يوما بعد يوم يتوغّل كالمرض الخبيث الذي يقضي على صاحبه.
وما أقصده بالفساد الإلكتروني هو إتاحة المواقع الفاسدة المدمِّرة للعقول وخاصة عقول الأطفال والشباب، فالطفولة هي البراءة التي يجب على المجتمع كلّه أن يحارب الفساد الذي يزلزل عقول الأبرياء. إن الطفل الذي يجلس مع أمّه وأبيه أمام التلفاز- وذلك أقلّ شيء- هو ليس له ذنب في أن يرى فساد الإعلانات العارية القبيحة المدمِّرة التي تُدمِّر أذهان البالغين الذين لهم القُدرة على السيطرة واتخاذ القرار للتراجع، لكن الطفل مسكين لا يدري، لكن عنده مبدأ التخزين العقلي والتشبُّع لرغاباته ونُفاجأ بأننا أمام جيل كلّه إجرام وفساد أخلاقي، ونلوم بعد ذلك على هولاء الأبرياء الذين ابتُلوا بشبكات التواصل الفاسد لضخّ الفحشاء والمنْكرالذي أصبح علناً بالشوارع والتلفاز والهواتف النقَّالة. ومن ثمَّ “لا تحصد زرعًا صالحاً إلا بعد محاربة الدود الذي لو توغَّل على شجرة القطن أو الفاكهة لقضى عليهما وحُرِمت من ثمارهما وتأثّر بها المجتمع لأن القطن مصدر الغطاء والفاكهة مصدر الإطعام”.
والجريمة الإلكترونية أصبحت حديث العالم من حيث الضرر الناجم عنها من أفعال وأعمال مُشينة تُهدّد المجتمعات، وكما تُعدّ الجريمة الإلكترونية من الجرائم المستحدَثة حيث إنها متجدّدة ومتغيّرة، ومن ثمّ نجد أن تعريف الجريمة من حيث القانون هي “كل ما نصَّ عليه الشرع أو القانون من أفعال أو أقوال تشكِّل جريمة ويترتّب عليها ضرر”.
وحدَّدت لذلك جميع التشريعات القانونية عقوبةً جنائية ومدنيّة مثل: جرائم الحدود والقِصاص، وذلك وفقا لما نصّ عليه الدستور والقانون، لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصٍّ– أو لا جريمة ولا عقوبة الا بناءً على نصٍّ- لحماية الوطن والمواطنين ومن ثمّ نجد ظاهرة الإجرام تفشّت بصورة عالية بشِعة تجرّدت من الإنسانية حتى أصبحنا في عالم أغلب مواقفه الإجرام الذي يُطلق عليه اليوم انعدام الإنسانية وذلك كان في قديم الزمان تجد المصري كل صباح يُنعش أفكاره بقراءة الجرائد العامة وكانت الجريمة بنسبة قليلة أصبحت اليوم الجريمة هي حديث العالم كله وتأثّرت بها الشعوب بكافة أنواعها من جرائم قتل وسرقة واحتيال ودمار للأذهان…إلخ.
أما عن الجريمة الإلكترونية فهي كل فعل ضار يأتيه المواطن عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي وهو أيضا فعل إجرامي يتم عبر استخدام الحاسب الآلي وهو أيضا ما يتم عن طريق التقنية الحديثة، عن طريق البرامج المعلوماتية، ولكن تتميّز هذه الجرائم بانها معقّدة من حيث صعوبة الوصول الى الجاني حيث إن بنسبة كبيرة تتم في الخفاء عن طريق التواصل الإلكتروني من حيث التراسل البريدي الإلكتروني عبر الايميلات والبرامج المختلفة ويكون هناك بعض الغموض لمرتكبي هذه الجرائم مما يسبّب قلقًا على العامة من حيث الاعتداءات المتنوّعة سواء كان اعتداء على النفس أو المال العام أو المال الخاص، ولكن في النهاية لا يوجد تعريف موحّد للجريمة الإلكترونية فقد تكون أنماطا من الجريمة تستخدَم فيها التقنية الحديثة من أجل تسهيل عملية الإجرام .
وتُعرف أيضا بأنها سلوك غير مشروع يعاقِب عليه القانون وصادر عن إرادة جريمة محلّه الحاسب الآلي.
ولذا نرى من وجهة نظرنا المتواضعة أن الجريمة الإلكترونية هي “كل عمل أو فعل يتم عن طريق شبكات التواصل بكافة أنواعها ،والمتسبّب فيها الحاسب الآلي الذي هو أداة فعل الجريمة ،التي تم تنفيذها لغرض عمل أو فعل غير مشروع بهدف الضرر للمصلحة العامة والخاصة للأشخاص، ومن ثمّ نجد أن الجريمة الإلكترونية أصبحت تهدّد الشعوب من حيث الحرب الإلكترونية تارة ومن حيث التدمير الشخصي تارة ومن حيث التدمير الفكري والعقلي تارة ومحاربة عقول الشباب من حيث الفساد الأخلاقي وأصبحنا في المواجهة الإلكترونية الصعبة وذلك من حيث ارتكاب الجرائم الالكترونية، ونشير إلى حُسن استعمال واستخدام الطرق الحديثة لتقنية المعلومات في الأعمال المشروعة والبُعد كل البعد عن الأعمال غير المشروعة.
ومن ثمّ لابد أن تكون هناك رسالة هامة لكل من سوّلت له نفسه لارتكاب هذه الجرائم البشعة مهما بلغت قمة ذكائك فأنت مكشوف ومعلوم ومهما بعدت الأيام وطالت لابد من ظهور الحقائق وتكون تحت سيف العدالة الذي يقطع كل ضالٍّ ومُعتدٍ على الحقوق بكافة أنواعها، والخلاصة لابد من حجب المواقع الإباحية.
وختاما تحية تقدير وإجلال للقضاء العادل قضاء مصر الشامخ “تحيا مصر- تحيا مصر”.