د. سامي الشريف: مصر تقود معركة التنوير والوسطية.. وتُصدِّر الفهم الصحيح للعالم
م. طارق لطفي: التأهيل الأخلاقي لتمكين الشباب.. أهم ركائز الدولة المصرية
د. إبراهيم الهدهد: الإسلام دين عَظَمَة وروح إنسانية
د. على مخيمر: عطاء القرآن والسنَّة ممدود.. وتقصيرنا سبب العداء للإسلام
مصطفى ياسين: استراتيجية “عقيدتى” تتّسق ودعوة الرئيس لنشر قيم الأخلاق والتسامح
د. أمين سعيد: واجبنا العصري.. توثيق يوميات الرسالة
متابعة
جمال سالم
حسام وهب الله
محمد لملوم
تصوير: أحمد يسرى- مصطفى كامل
فى أول وأسرع ترجمة لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي- التى أعلنها خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، الأسبوع الماضى بمقر مركز المنارة للمؤتمرات الدولية بالتجمّع- بدأت أولى خطوات تعاون “عقيدتى” ورابطة الجامعات الإسلامية، لتطبيق “منظومة القيم النبوية المُحمَّدية” فى حياتنا اليومية، بعقد لقاء موسَّع بمقرّ “عقيدتى”، تحت عنوان “وما ينطِق عن الهوى”، بحضور نُخبة من علماء الأزهر الشريف وخبراء الإعلام.
اتّفق الحضور على أن العمل الإعلامي والدعوى خطَّان متوازيان ومتكاملان لتطبيق “منظومة القيم والأخلاق المحمَّدية” فى الحياة اليومية لأفراد المجتمع، بما يضمن الاستقرار والأمن والسِلم الاجتماعي، مُحذِّرين من مَغَبَّة اتّباع “الهوَى” الذي أصبح آفَّةُ عصرنا الحاضر، مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى المتنوِّعة وجعْلِها العالَم وكأنه “قرية صغيرة”.
طالبوا بضرورة تكاتف العلماء والحُكماء فى العالم أجمع وليس فى مصر وحدها، لوقف وضبط “الانفلات الأخلاقى” بما يضمن توفير “حياة كريمة” تليق بالإنسانية.
شهد اللقاء حضور كوكبة من العلماء والصحفيين، منهم: د. على مطاوع، د. أحمد الحسيسي، د. أحمد خليل، د. ناصر وهدان، الكاتب الصحفى مصطفى عمارة، فضلا عن الزملاء من كتيبة “عقيدتى”.
وفيما يلى وقائع اللقاء.
استُهِلَّ اللقاء العلمى باستقبال حار من قِبَل م. طارق لطفى- رئيس مجلس إدارة دار الجمهورية للصحافة- للضيوف، مُرَحِّبًا ومشيدًا بمبادرة “عقيدتى” ورابطة الجامعات الإسلامية، في سُرعة الاستجابة والتنفيذ، لبدء التعاون المشترك لنشر الأخلاق المُحمَّدية، انطلاقاً من الخطوات العملية التي طرحها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف- منذ أيام- بأن نتّخذ الاحتفال فُرصة عظيمة، لإحياء منظومة القيم والأخلاق المحمَّدية، التى أكّدها الله تعالى بقوله: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾، وتحويل هذه الفرصة العظيمة إلى واقع ملموس من خلال برامج عمل تنفيذية، من قِبَل الحكومة والمؤسّسات والمجتمع المدني والأفراد، خاصةً بين فئة الشباب، باعتبارهم نصف الحاضر وكلّ المستقبل، فَهُم ركيزة المجتمع وأساس نهضته وتقدُّمه.
الاحتفال الحق
وأكد م. طارق لطفى، أن احتفالنا الحقّ بمولد خير الأنام، لن يكون إلا إذا حوَّلنا صفاته وأخلاقه الطيّبة (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى واقع ملموس في حياتنا اليومية، من صِدْقٍ وأمانة وإخلاص في العبادة والعمل، فهو- صلّى الله عليه وسلّم- القائل: “إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ”.
وقال: الدولة المصرية تسعى لتمكين الشباب بعد تأهيله وإعداده لتحمُّل المسئولية، وليس هناك أفضل ولا أهمَّ من التأهيل والإعداد الأخلاقي، فهو الأساس السليم لأن أيّ تقدُّم عِلمى أو تِقنى بدون أخلاق فهو انفلات وفوضى.
وهذا التعاون بين صرح صحفى متخصّص في ترسيخ القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية مثل “عقيدتى”، وبين رابطة تجمَع كلّ مؤسّسات وصروح العِلم في العالم العربي والإسلامي، ينْتَظَر منه عالَمُنا العربي والإسلامي، الكثير والكثير لضبط منظومة الأخلاق ونشْر الوعي الصحيح، خدمة للدين والوطن والمجتمع والإنسانية جمعاء.
الرَّدُّ على مُنْكِرِي السنَّة
وعَرَض د. سامى الشريف- الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية- لجانب مهم قائلا: ونحن نحتفل بذكرى مرور ألف وخمسمائة عام على مولد سيّد الخلق والأنام وهادى البشرية وبدر التمام، فإننى أعرض لموضوع هام وقديم يُطِلُّ برأسه من وقت لآخر ويقوده أعداء الإسلام ومُنْكِرو السُّنَّة النبوية الشريفة من أولئك الذين ينفثون سمومهم للطعن فى السُّنَّة النبوية والتشكيك فى منهجية المُحدِّثين فى قبول الحديث وردِّه والطعن فى بعض الصحابة وناقلى السنَّة من العلماء والرواة.
وحذَّر من أن أولئك الجُهَّال الذين يملأون مواقع التواصل الاجتماعى وشاشات التليفزيون والمنصّات الرقمية ينشرون جهلهم وضلالاتهم فى النَيْل من سُنَّة خير البريّة، ويرمون العلماء الأجلاء من المحدِّثين وناقلى التراث بكلّ نقيصة .
أكد د. الشريف، أن للسنَّة النبوية المشرَّفة مكانة عظيمة في التشريع الإسلامي، فهي الأصل الثاني بعد القرآن الكريم، والتطبيق العملي لما جاء فيه، وهي الكاشفة لظوابطه المُجَلِّيَة لمعانيه، الشارحة لألفاظه ومبانيه.
وإذا كان القرآن الكريم قد وضع القواعد والأسس العامة للتشريع والأحكام فإن السُّنَّة قد عنيت بتفصيل هذه القواعد وبيان تلك الأسس، ولا يمكن للدين أن يكتمل ولا للشريعة أن تتم إلا بأخذ السُّنَّة جنباً إلى جنب مع القرآن. وعلى مدى التاريخ ظهر أولئك الذين يدعون إلى إنكار السنّة النبوية وإثارة بعض الشُبهات حولها والدعوة إلى إسقاط الحاجة إليها بحُجَّة أن القرآن يكفينا! ولقد شهدت الساحة الإعلامية تطوّرات هائلة جرّاء ثورتي الاتصالات والمعلومات التي سهَّلت من انطلاق الأفكار والمعلومات وعزَّزت من مكانة وسائل التواصل الاجتماعي وقُدْرتها على التأثير، وهو أمر محمود بلا شك إلا أنه استُغِلَّ من قِبل بعض الدخلاء والمُغرضين الذين استخدموا تلك الوسائط في النَيْل من الأديان والقيم والمعتقدات الراسخة، مستغلّين شيوع الجهل بين الناس فراحوا ينفثون سمومهم للطعن في السنّة النبوية والتشكيك في منهجية المحدّثين في قبول الحديث وردِّه والطعن في بعض الصحابة وناقلي السنّة من العلماء والرواة. وهذا الأمر ليس بجديد على الإسلام والمسلمين إلا أنه يحظى بالكثير من الخطورة في الوقت الراهن لسرعة انتشاره بفضل وسائل الاتصال الحديثة وشيوع حالة الجهل العلمى والديني لدى العديد من شباب أُمَّتنا.
مصر.. ومعركة التنوير
أشار د. الشريف، إلى أن مصر قادت طوال تاريخها معركة التنوير والوسطية وصدَّرت للعالم كلّه علوم القرآن والسنّة النبوية، وحظيت مؤسساتها الدينية وعلماؤها الأجلاء بمكانة رفيعة ومتميّزة في جميع أنحاء العالم دفاعا عن كتاب الله وسنَّة نبيّه، والتصدّي لكل محاولات الجهلاء والحاقدين والمزيّفين للنيل من مَصْدَرَي التشريع.
رصْد الشُبُهات
وقدَّم د. الشريف، رصْداً لبعض الشُبهات التي أثيرت حول السنّة النبوية والرّدّ عليها، قائلا: لسنا بصدد مجادلة أحد أو جماعة ممن يهاجمون سُنَّة النبي المصطفى ﷺ ويحاولون التقليل من حُجّيَّتها كمصدر ثانٍ من مصادر التشريع، ويسوقون في سبيل ذلك حُجَجًا بالية وأقوالاً مُرْسَلة طالما تحدّث بها خصوم الإسلام على مرّ التاريخ، ولكننا نسعى مع جهود محمودة من آخرين، إلى تبيان الحق في تلك المسألة التي حسمها الله عزَّ وجلَّ في كتابه الكريم بآيات بيّنات كقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ” [محمد: 33] وقوله: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الحشر: 7). وقوله: “مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا” [النساء: 80].
إن تلك الآيات وغيرها قد رتَّبت الإيمان بالله على طاعة رسوله والرضا بحُكمه، والتسليم لأمره ونهيه، يقول تعالى: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا”. [الأحزاب: 36].
ومن هنا فإن من يؤمن بالقرآن حقيقة لابد وأن يصدِّق بوجود السُّنَّة الصحيحة لأن آيات الذكر الحكيم أُنزلت على النبي الكريم ليُبَيِّنُها ويُفسِّرها للناس .قال تعالى “وأنْزَلْنا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إلَيْهِمْ ولَعَلَّهم يَتَفَكَّرُونَ” [النحل: 44].
لقد جاءت في كتاب الله أحكام مُجْمَلة لم تُعرف تفاصيلها إلا ببيان رسول الله لها قولاً وفعلاً وتقريراً، فمن مِنَنِ الله على المؤمنين قيام رسول الله بأمور ثلاثة: التلاوة- التزكية– التعليم. فيقول سبحانه: “لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ” [ال عمران: 164].
فالتلاوة هنا هي تبليغ الوحي المُنَزَّل عليه، وإقامة الحُجَّة على الناس بإبلاغهم ما أنزل الله، ثم تذْكر الآيات الكريمات ما يترتّب على التلاوة من ثِمار فقال تعالى: “ويُزكِّيهم” والمراد هنا تطهير النفوس من الشِرك والمعاصي وبقايا الجاهلية، وغرْس الفضائل ومكارم الأخلاق والآداب عِوضاً عنها، وأما “يعلّمهم” فتعني أن رسول الله علَّم الناس ما صعب عليهم فهمه أو تأويله، فقد جاءت أحكام كثيرة في كتاب الله مجْمَلة لم تعرف تفاصيلها إلا ببيان رسول الله وتفسيره لها. وقد ذهب بعض العلماء إلى القول بأن “الحِكمة” مقصود بها السنَّة النبوية وإصابة الحق ومعرفة أسرار القرآن ووضع الشئ في موضعه.
وتُبيّن تلك الآيات وغيرها ما كُلِّف به رسول الله من إرشاد الناس وتزكيتهم وتعليمهم أمور دينهم. أمّا ما دأب أعداء الإسلام على نشره وإثارته من شُبهات حول سنَّة نبيّنا فيمكننا حصرها فيما يلي: إسقاط الحاجة إلي السنّة النبوية بدعوى أن القرآن يكفينا! حصر السنّة التي يُعتدّ بها وتصلُح للاستدلال في السنَّة المتواتِرة فقط. الطعن في بعض الصحابة وناقلي السنّة من العلماء والرواة .الادّعاء بضياع السنَّة النبوية وعدم حفظها أو تأخُّر تدوينها مما دعا إلي ضياعها. التشكيك في منهجية المُحدِّثين في قبول الحديث ورَدِّه. ردّ بعض الأحاديث النبوية ومحاولة التشكيك فيها. الطعن في وصول السنّة النبوية إلينا من خلال التشكيك في أصول النُسخ الخطيّة لبعض كُتب السنَّة النبوية .
استطرد د. الشريف قائلا: تلك أبرز وأهم الشُبهات التي روَّج لها المرجفون والمشكِّكون والمنكرون للسنّة النبوية الشريفة عبر التاريخ، وساندهم في ذلك أعداء الإسلام داخل بلداننا الإسلامية وخارجها من الأشخاص والجماعات والدول التي فتحت أمامهم كل الأبواب لنشر أكاذيبهم وتُرَّهَاتهم عبر كل منصّات الإعلام التقليدية والجديدة فأثاروا الفتن وزادوا من شقِّ الصفّ ووسّعوا هُوة الخلاف .
ومن أسف فإن الكثيرين من أولئك الذين تصدّوا لنشر تلك الفتن والأباطيل لا يمتلكون الحدّ الأدني من المؤهّلات والقُدرات التي تجعلهم مُلِمِّين بمقاصد الشريعة ولا بعلوم القرآن ولا حتى بقواعد اللغة العربية السليمة، بل تغلُب على بعضهم العصبيّة المذهبية واستخدام العنف والمبالغة في التفسيق والتضليل مما أحدث شرْخاً كبيراً وهُوَّة واسعة بين المسلمين، في حين يتحدّث بعضهم من منطلق جهل كامل بأصول الدين والفقه والسنّة، وتراهم يظهرون على شاشات التليفزيون أو عبر وسائط التواصل الاجتماعي، فسرعان ما يكتشف العالم والمُطَّلع جهلهم وضحالة أفكارهم وسذاجة أطروحاتهم، بينما يفُتن بها الكثير من البسطاء والعوام من غير العالِمين بأصول الدين وصحيحه .
ولا شك أن مجتمعاتنا الإسلامية أصبحت نهْباً للفتن والشائعات والأخبار المغلوطة والمزيّفة–شأن كافة المجتمعات– فسرعان ما تنتشر الأفكار الهدّامة لهؤلاء المتربّصين بدين الله وسنّة نبيّه الكريم فتنتقل بسرعة فائقة وتحدِث تأثيراً بالغاً فى أوساط الشباب خاصة أولئك الذين لا يعرفون عن الدين إلا قشوره وتستهويهم تلك الدعوات التى تخرج بين الفينة والأخرى من بعض العلماء والدعاة الجدد لتيسِّر على الناس فهم أمور دينهم وتخيّرهم فى اختيار الأحكام والأخذ بالفتاوى التى تتلاءم مع ظروفهم وأحوالهم فتفتح الباب واسعاً للتفلُّت من أحكام الله وصحيح سنَّة رسول الله بدعوى تجديد الخطاب الديني .
ونؤكّد أن تجديد الخطاب الدينى– هو ببساطة- دعوة لقراءة واعية للنفس وللآخر وللواقع، قراءة قادرة علي تقديم الحلول الشرعية المناسبة لمجتمعاتنا المعاصرة .
التجديد الذي نريده هو العناية بالخطاب الديني شكلا ومحتوى والارتقاء به، وإكسابه مقوّمات التكيّف مع العصر بهدف توظيفه كأداه لتبليغ الرسالة الدينية ووسيلة لبناء الإنسان الذي يعرف دينه وينفتح على عصره، ويندمج في محيطه، ويحترم من يخالفه الرأي أو المُعْتَقَد.
تجديد الخطاب الديني
يضيف د. الشريف: ولعل ما يدفعنا للتأكيد على تلك النقاط التي قد تبدو بديهية في تحديد المقصود بتجديد الخطاب الديني هو ما يروِّج له البعض من أولئك الذين يركبون “موجة” التجديد فيوجهّون سهامهم للمؤسّسات الدينية المعتَبَرة، وينالون من علماء الإسلام من السلف الصالح ويهاجمون التراث ويصفونه بأوصاف يندَى الجبين لذكرها، ويتحدّثون عن الدين بكلّ جُرأة ووقاحة، أو أولئك الذين يدعون لاستلهام التجربة الغربية التي جرَت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين وما حدث فيهما من صراع بين الكنيسة والمفكّرين العلمانيين باعتبارها معياراً لما نريده من التجديد بوصفه ثورة شاملة ضد الدين .
التجديد المنشود ليس انقلاباً على الدين أو تفلّتاً من التكاليف الشرعية أو ازدراءً لتراثنا العتيد .
إننا بحاجة ماسَّة إلى قراءة مقاصدية للسنّة النبوية المطهّرة تتواكب مع روح العصر ومستجدّاته، وتقرّب السنَّة إلى فهم الناس بدلاً من تلك الأفهام والتأويلات التى ينْفر الناس منها، بل من الدّين نفسه، كما أننا بحاجة ماسّة لإجراء المزيد من الدراسات والإسهامات فى هذا الاتجاه، نريد دعوة صريحة لإعمال العقل عند قراءة النصوص وصحيح السنَّة الشريفة.
رسالةُ مِهْنَتنا
وقال الكاتب الصحفى مصطفى ياسين- رئيس تحرير “عقيدتى”-: ونحن نَتَنَسَّمُ عبيرَ ونفحاتِ شهر ربيع الأنور، شهر ميلاد خاتَم الأنبياء والمُرسلين، الذي أدَبَّه ربُّه عزَّ وجلَّ فأحْسَنَ تأديبَه، وأرسله مُتَمِّمًا لمكارِم الأخلاق، ورحمةً للعالمين، فجعله على خُلُقٍ عظيم، ورَفَع قَدْرَه وذِكْرَه، بل خَلَّده إلى أبَدِ الآبدين، فَقَرَنَه بإسمه جلَّ في علاه.
جمع كلّ صفات الخير حتّى صار محمودًا في أهلِ السموات والأرض، وإذا أرَدْنا الحديث عن جُزَئٍ من خلالِه وصِفاته، فلن نستطيع مهما أُوتينا من بلاغة وحُسن بيان، لأن الله سبحانه وتعالى حَكَم بفصل الختام فقال: “وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)” سورة القلم.
ولكن، إنْ هي إلا محاولات ومساعٍ للاقتداء والتأسِّي ببعض صِفاته- صلّى الله عليه وآله وسلّم- طَمَعًا في حبِّ الله تعالى، ونَيْلِ رِضوانه، حتّى نسعد في الدنيا والآخرة.
أضاف “ياسين”: وانطلاقاً من عنوان لقائنا “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3)” سورة النَجْم، الذي هو من صميم عَمَلِنا ومِهنتنا التي نشْرُف بالعمل فيها، ألا وهي الكلام وترْجمتها الملموسة والمحسوسة بالقلمِ والورقة، حيثُ العملُ الصحفّي، وأيضا العملُ الدعوي والتعليمى والتوجيهي، لأعضاءِ هيئة التدريس والعلماءِ والدُعاةِ، والعملان: الصحفيّ والدعوي يتكاملان لنشْر الوعيّ وتبليغ الرسالة التي أنزلها المولَى عزَّ وجلَّ على قلب رسوله، القائل: “بلِّغوا عنّي ولو آية”، مُحذِّراً في ذات الوقت من التقوُّل عليه ادِّعاء وكَذِبًا، فقال “… مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ…”.
وهذا ينقلنا إلى الشِطْرِ الثاني من عنوان اللقاء، وأقصد به “الهَوَى”، وهو أن يتّبع الإنسانُ هواه أو هوَى وفِكْر غيرِه، مُعْتَدِيًّا أو مُدَّعِيًّاً، فما أظْلَمَه وأخْزَاه من اتّبع هواه؟! أعاذَنا اللهُ من ذلك، وحفِظنا جميعا من اتّباع الهوَى والذَلَلِ في مزالِقه وشِرَاكِه.
عبادةُ الهوَى!
وحذَّر “ياسين” من أنَّ آفةَ عصرِنا الحاضر تجاوزت اتّباع الهوَى حتّى وصلت إلى حدِّ عبادَتِه! طَمَعًا في مزيدِ مالٍ أو شُهْرَةٍ أو تريندٍ، وهذا يستوجب التحصُّن بـ”الوعي” والعِلْم والمعرفة، والانشغال بالطّاعة والعمل والإنتاج بإخلاص وتفانٍ، لأن النفسَ إنْ لم نشغلها بذلك شَغَلَتْنا بالمعصيّة والتخريب والتدمير، خاصّة في ظلّ الانفتاح، بل الانفلات الإعلامي ووسائل التواصل الاجتماعي غير المنضبِطة وغير الأخلاقية.
وهذا ما يفرضُ على الحُكماء والعُلماء- ليس في مصر أو حتّى العالم العربي والإسلامي فقط، بل في العالَم أجمع- ضرورة التكاتُف والتعاون، لوقف هذا الانفلات، وتقنين وضبط الأخلاقيات الإنسانية المُشترَكة، بما يضمنُ “حياةً كريمةً” تليق بـ”خَلِيْفَةِ” اللهِ على أرضه.
استراتيجية ثابتة
أشار “ياسين” إلى أن “عقيدتى” اتّخذت منذ إصدارها في ديسمبر ١٩٩٢ منهجاً، بل استراتيجية ثابتة لا تحيدُ عنها أبدًا، وهي: الدعوةُ إلى الله تعالى بالحِكمة والموعظة الحسَنَة، ونشْر مفاهيم الوسطية والاعتدال ومواجهة الفِكْر المُتطرّف، سواء كان تشدُّدًا أو انحلالا، في الدين أو ضدّه، نتصدَّى للمتطرِّفين المُغالين في أمور الدّين، ونوجِّههم ونحاورهم بالحُجَّة والبُرهان والبيان.
كما نتصدَّى للمُنْحَلِّيِن المُتَسَيِّبِين، الذين يُريدونها فوضوية بلا أخلاق ولا ضوابط، أصحاب شِعار “وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ” (سورة الجاثية: 24). وأيضا بالحكمة والموعظة الحسنة.
دعوة الرئيس
تابع قائلا: واستمرارًا لاستراتيجية ومنهج “عقيدتى”، واتِّسَاقًا مع دعوةِ الرئيس عبدالفتاح السيسي- في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف الـ ١٥٠٠ التى نحيَا ونَتَنَسَّمُ نفحاتِها- بتحفيز كافّة مؤسّسات الدولة؛ سواء الدينية أو التعليمية أو الإعلامية وغيرها، على الانطلاق بقوّة، نحو منظومة القيم الأخلاقية الرفيعة، التى تبْنِى الإنسانَ على الفِكر والعِلْم والإبداع من ناحية، مع الارتباط الصادِق بالله ﴿جلَّ جلاله﴾ من ناحية أخرى.
وحتى نُترجم حبَّنا لمقامِه العظيم ﴿صلّى الله عليه وسلّم﴾، إلى برامج عمل مُنيرة بنور الإيمان والحبّ لله ولرسوله، تقوم بترشيد واقعنا المعاصر وتُنير له الطريق، حتى يكون حبُّنا له مُحَرِّكًا وباعثًا لتحقيق مقاصد شرْعه الشريف، ودينه السمح الحنيف.
ويأتي لقاؤنا مع رابطة الجامعات الإسلامية، برئاسة أمينها العام فضيلة د. سامى الشريف، كـ”باكُورة” تعاون مُشترك بين الرابطة و”عقيدتى”، خدمةً للدّين والوطن والمجتمع العربي والإسلامي أجمَع.
أنواع الذِكْرِ
وقال د. إبراهيم الهدهد- رئيس جامعة الأزهر الأسبق-: الكلمة لها أثرها، والكلمة ذكر. وقال العارفون: الذكر أربعة أنواع: ذِكْرٌ يَذْكُرَك، وذِكْرٌ يُذَكِّرَ، وذِكْرٌ تُذَكَرَ به، وذِكْرٌ تكون به عند الله مذْكورًا. ومن خطورة هذا الذِكْر أن أبا الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام قال ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾، فكان بالفعل، فنحن نصلّي الصلاة الإبراهيمية في صلّواتنا، لكن الصلاة تُقدَّم أولًا على سيّدنا رسول الله، لأنه مرفوع الذِكْر بأمر ربّه: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾.
وتحدث د. الهدهد، في لطائف سريعة، قائلا: ظهرت “عقيدتي” في فترة صعبة جدًا، بعد جيل أُطلق عليه جيل الصحوة، هذا الجيل استغلَّته بعض وسائل الإعلام التي وصَفَت العلماء الرسميين بأنهم “علماء السُلْطَة”، في محاولة خبيثة لإظهار أن العلماء يُزَيِّنُون للحُكَّام بغير حقٍّ، وأن غيرهم هم وحدهم المدافعون عن الدّين، بينما الحقيقة أنهم جاؤوا بتطرّف في الدّين لمواجهة تطرّف ضد الدين، فلا هذا صحيح ولا ذاك.
هذا الفكر نشأ مع النفط، واستُدْعيت فيه آراء ابن تيمية بغير إنصاف. وقد عثَرْتُ مؤخّرًا على نصوص في مخطوطات تبيّن رأي ابن تيمية نفسه في حُكم الاحتفال بالمولد النبوي، ولم تُدْرج ضمن “مجموع الفتاوى” المطبوع، لأن ما طُبع سبعة وثلاثون مجلَّدًا هو في الحقيقة أقوال تلامذته- على طريقة سُئِل الشيخ فأجاب- ثم نسبوا ذلك إلى ابن تيمية. أما النصّ الصحيح فيؤكّد أن ابن تيمية نفسه قال: “يأثم مَنْ لم يحتفل بالمولد النبوي الشريف”. والسبب أن الاحتفال به أمر فطري منطقي، فالله تعالى يقول: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾، ويقول أيضًا ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾. فالله أنْعَمَ على العالَم كلّه بسيّدنا رسول الله، وجعل محبَّته مُقَدَّمة على محبّة النفس، كما جاء في الحديث الصحيح “والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من نفسه” [رواه البخاري]. فإذا لم نفرح بمن جعله الله شرْطًا لكمال الإيمان، فبأي شيء نفرح؟!
عبادة لا عادة
تابع د. الهدهد: العلماء الذين قالوا إن الاحتفال بدْعة لم يصرِّحوا أبدًا بأنه حرام. والبدعة في الشرع نوعان: بدعة بمعنى الإحداث الجديد، وهذه بِدعة محمودة، وبدعة مخالِفة للشرع، وهي المذمومة. ولا يمكن أن يجترئ عالِم فيقول إن الاحتفال بالمولد النبوي حرام، لأن القاعدة الأصولية تقرّر أن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا يُحرَّم شيء إلا إذا وَرَدَ نصٌّ صحيحٌ صريحٌ، صحيح من جهة السَنَد، صريح من جهة الدِلالة.
والقرآن الكريم حَمَّال أوجه، قال رسول الله: “أُنزل القرآن على سبعة أحرف”. أي أن النصّ الشريف يحتمل معاني متعدّدة، إلا بعض الآيات القليلة مثل آيات المواريث. ومن هنا نفهم أن الإسلام لا يقطع الرَّحم ولا يدعو إلى القطيعة حتى مع اختلاف العقيدة، قال تعالى: ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ﴾ (لقمان: 15).
الإسلام الشكْلي
أشار د. الهدهد، إلى أن الإسلام دين عَظَمَة وروح إنسانية، لكنه تعرَّض منذ قرن ونصف تقريبًا لتيار حوَّله إلى مظاهر شَكْلِيَّة: طول الّلحية، أو نوع الجِلباب، أو استخدام السِواك بطريقة نَمَطِيَّة! وقد حذّر النبي من هذه الفئة في الحديث الصحيح، فيما رواه عبدالله بن مسعود في صحيح ابن ماجه وأخرجه الترمذي وابن ماجه واللفظ له، وأحمد، فقال: ” يخرُجُ في آخرِ الزَّمانِ قومٌ أحداثُ الأسنانِ سُفَهاءُ الأحلامِ يقولونَ مِن خيرِ قَولِ النَّاسِ يقرءونَ القرآنَ لا يجاوزُ تراقيَهُم يمرُقونَ منَ الإسلامِ كما يَمرُقُ السَّهمُ منَ الرَّميَّةِ فمَن لقيَهُم فليقتُلهم فإنَّ قتلَهُم أجرٌ عندَ اللَّهِ لمن قتلَهُم”.
وسَاقَ د. الهدهد، شواهد من السيرة النبوية تثبت سماحة الإسلام، وأن النبي كان رحمةً حتى مع من أساء الأدب معه، كما في قصّة الرجل الذي قال له: “اتق الله يا محمد”، فقال: “ويحك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟”.
كما حذَّر النبي من فئة أخرى تُنْكِر السُّنَّة وتقول: عندنا كتاب الله، ما وجدنا فيه من حلال أحلَلْناه وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، وهؤلاء يغفلون أن القرآن نفسه أمر بطاعة الرسول، فعندما سألنا بعضهم: كم ركعة صلاة الظهر؟ أجابوا: أربع، فقلنا: وأين هذا في القرآن؟! فلا دليل إلا من السُّنَّة.
واستشهد د. الهدهد، بأقوال كبار العلماء مثل ابن الجزري فى (القرن التاسع الهجري) الذي ألّف كتابًا في المولد النبوي، وأحمد الدردير صاحب كتاب “مولد البشير النذير”، والعز بن عبدالسلام الذي أكّد مشروعية الاجتماع للاحتفال بالمولد.
وقد اعتاد أهل مكّة منذ انتقال النبي أن يذهبوا إلى البيت الذي وُلِد فيه ويحتفلوا بمولده. كما أن النبي نفسه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: “ذلك يومٌ وُلِدت فيه”. والآية واضحة: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾، ولا فضل أعظم ولا رحمة أكبر من سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
الأصل الإباحة
وضرب د. الهدهد، مثالًا بقوله: لا يجوز أن نحرِّم ما أحلَّ الله. الحلاوة التي تُوزَّع في المولد حلال في ذاتها، فلا تتحوّل إلى حرام لمجرّد أنها قُدِّمت في مناسبة الاحتفال. فالحُرمة تسْري على الفعل لا على الأصل، كالخمر التي حُرِّمت لِعَيْنِها، لكن العنب باقٍ حلال. وكذلك الأمر في الأدوية المستخلَصة من مواد محرَّمة كدهن الخنزير إذا تحوّلت كيميائيًا إلى علاج ضروري فالحُرمة زالت بالإحالة.
واختتم د. الهدهد قائلًا: الإسلام جاء لإحياء القلوب وتزكية النفوس. قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾، فطهارة النفس من الغلّ والحِقد والحسد أعظم من طهارة البدن. والصحابة كانوا يحتفلون برسول الله في كل لحظة، وكانوا يتبرَّكون بشَعْرِه وأظفاره وعَرَقه الشريف. ومن ثمّ، فالفرح بمولد النبي عبادة يتقرَّب بها المسلمون إلى الله، وليس مجرّد عادة اجتماعية، ومن لم يفرح بمولده- صلى الله عليه وسلم- فقد حَرَم نفسه من الامتثال للأمر القرآني الصريح.
عطاء ممدود
وتحدَّث د. علي فؤاد مخيمر- مؤسس ورئيس جمعية الإعجاز العلمي المتجدِّد، رئيس قسم الإعجاز العلمي بجامعة باشن الأمريكية- عن عطاء القرآن الكريم والسنَّة المطهّرة، مؤكّدا أنه لا ينتهي أبداً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قال تعالى: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” سورة فصِّلت: 53.
وحرف “السين” تفيد المستقبل المُطْلَق، فهناك حقائق وإشارات كامنة في القرآن والسنَّة لها مدلولاتها في العلوم الطبّية الحديثة بكافّة تخصّصتها في علاج الأبدان سواء في الشقّ العلاجي أو الوقائي، وصدق ربُّ العزّة إذ يقول: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ” سورة الحشر: 7.
فمن منطلق هذه الآية يجب على جميع أفراد الأمّة أن يعظِّموا سنَّته- صلّى الله عليه وسلم- ويعرفوا قَدْره وقدْر سنَّته الشريفة لأنها هي الشارحة لكتاب الله والمفسِّرة لما يخفي من كتاب الله والمفصِّلة للفروض والعبادات ولهذا قال تعالى: “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ” النحل: 44.
فالقصور ليس في السنَّة ولكن منَّا نحن المسلمين وهذا القصور يسبِّب عدم فهم لسيرته العطرة وسنّته المطهّرة على الوجه الذي يليق به.
أضاف د. مخيمر: والغرب يُعْذَر في ذلك لأنهم لم يعرفوا رسول الله بالوجه الذي يليق بقَدْره ولكن حسبي أن أعطى إشارات مضيئة وإسقاطات سريعة حول بعض أحاديث النبي التي لها مدلولاتها الطبية والتي تعود بالفائدة على البشرية إن التزمنا بها.
وهنا نعطي بعض الأمثلة على اكتشاف علماء الغرب غير المسلمين للعديد من الاكتشافات التي تتطابَق مع ما جاء بالقرآن والسنَّة المطهّرة .
فيجب علينا أن نلتزم بما جاء في القرآن والسنَّة بالاعتقاد والإيمان بها حيث أن هذا من سِمات الأرواح الطيّبة والقلوب الحيَّة المؤمنة.
فالكثير من آيات القرآن والأحاديث النبوية تزخَر بلَمَحَات الإعجاز العلمي والطبي والتي تشهد لهذا النبي الخاتم بالنبوة وبالرسالة وبأنه كان موصولاً بالوحي ومُعَلَّماً من قِبل خالق السماوات والأرض، وأن هذه الحقائق العلمية التي أجراها سبحانه وتعالى على لسانه لم يكن لأحد من الناس القُدرة على فهمها أو التفكُّر فيها وصَدَقَ ربُّ العزّة “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ” النجم 3,4 .
نماذج الهدي النبوي
وعرض د. مخيمر، لبعض نماذج من الهدي النبوي، أولا: النوم على الجانب الأيمن: قد علّم رسول الله أُمَّتَه آداباً كثيرة للنوم بالاستعداد والدعاء والوقت والهيئة، لأهمية النوم من ناحية، ولرعاية الإسلام للنفس البشرية، وقبل 14 قرناً من الزمان أوصى النبى المسلمين بالنوم على الشقِّ الأيمن، وتجلَّت الحِكمة النبوية فى هذه النصيحة الغالية بعد مرور قرون من الزمن، فجاء الباحثون يؤكّدون هذه الفوائد حول الوضع الصحيح لنوم الإنسان، بأن الوضع الصحيح للنوم على الجانب الأيمن إذ إن الرِّئَة اليُسرى أصغر من اليُمنى، فحين ينام الإنسان على جانبه الأيمن يكون القلب والرّئة اليُسرى أخفّ حِملاً ويكون الكَبِد مستقرّاً وغير معلَّق، أما المَعِدَة فإنها تكون مُسْتَلْقِية فوق الكَبَد مما يساعدها على سهولة الهضم والتفريغ التى تتراوح ما بين 2,5 إلى 4,5 ساعة.
وكذلك اكتشف أن القصَبة الهوائية اليُسرى بهذا الوضع تسهِّل وظيفتها فى سرعة تخلُّصها من الإفرازات المُخاطية، أما القصبة اليُمنى فإنها تتدرّج فى الارتفاع إلى أعلى نظراً لأنها مائلة قليلاً كما يسهّل تخلّصها من إفرازاتها بواسطة الأهداب.
أما بالنسبة لبقية أوضاع النوم وهى على البطن أو الظهر أو الجانب الأيسر، فحدِّث ولا حرج عن أضرارها، فالذين ينامون على بطونهم يشعرون بضيق فى التنفّس لأن ثِقل الظهر والهيكل العظمى يقع على الرئتين، إضافة إلى أن هذه الهئية في النوم يبغضها الله ورسوله.
أما الذين ينامون على ظهورهم فإنهم يعطِّلون جهازاً من أدَقِّ الأجهزة، وهو جهاز التسخين والتصفية بالأنف ويتنفّس الإنسان من فَمِهِ بدلاً من أنْفه مما يجعله عُرضة للإصابة بنزلات البَرد والزكام وجفاف الّلثة والفَمِّ، فضلاً عن الشخير المُزعج ورائحة الفم الكريهة.
علاوة على أنه غير مناسب للعمود الفقرى لأنه يفقد استقامته فى تلك الحالة ويصيب الأطفال بتفَلْطُح الرأس. ومن هنا تجلّي الحكمة النبوية في حديث رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضى الله عنه، أن رسول الله قال: “لَا يَسْتَلْقِيَنَّ أَحَدُكُمْ ثُمَّ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى”.
أما النوم على الجانب الأيسر، فيرى الأطباء أنه غير آمن لأن القلب يقع تحت ضغط الرئة اليُمنى وهى كبيرة الحجم مما يؤثّر على نشاطه وكذلك الضغط على المَعِدَة من قِبل الكبد فيؤخِّر من زمن إفراغها.
وكذا وَضْع الكَفِّ الأيمن على الخَدِّ الأيمن، فكان النبى إذا أراد أن ينام وضَع يده تحت خدِّه الأيمن ويقول: “اللهم قِنِى عذابك يوم تبعث عبادَك”، وقد أثبت العلماء أن هناك نشاطاً يحدث بين الكفِّ الأيمن والجانب الأيمن من الدماغ عندما يتم الالتقاء بينهما فيؤدّى إلى إحداث سلسلة من الذبذبات يتم من خلالها تفريغ الدماغ من الشُحنات الزائدة والضارّة مما يؤدّى إلى الاسترخاء المناسب لنوم مثالى.
وهذا ما فسَّرته الدراسة التي أجراها فريق بحثي أمريكي برئاسة مدير مركز “علوم الحياة” بالولايات المتحدة .
وكذلك ثبت من خلال الدراسات والأبحاث أن التكوين التشريحي لعضلة الفؤاد الخاصة بالمَعِدَة تُغْلَق بإحكام تامٍّ عند النوم على الشقّ الأيمن بعكس الأوضاع الأخرى، وثبت علمياً أن الإفراز الحمضي للمَعِدَة يزيد ليلاً، تخيّل أخي الكريم إن لم يُحْكم إغلاق عضلة الفؤاد ماذا سيحدث ؟!
الشُرب والأكل
استطرد د. مخيمر قائلا: وكذا النهى عن الشرب والأكل واقفًا، فعن أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه- أن النبى نهى عن الشرب قائماً (رواه مسلم) وهناك أحاديث كثيرة فى هذا الشأن وأحاديث أخرى تدل على جواز الشرب واقفاً، وذلك عند الحاجة والضرورة، مثلما فعل النبي في حجَّة الوداع، عن ابن عباس رضى الله عنه قال “شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ” مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الأشربة» باب الشرب قائمًا، ومسلمٌ في «الأشربة».
وهكذا تردّدت أقوال العلماء في هذه الأحاديث فمنهم من قال بالترجيح ومنهم من قال بالجمع بين هذه الأحاديث وليس فيها بحمد الله إشكال ولا ضعف بل كلّها صحيحة والصواب فيها محمول على كراهة التنزيه، أما شربه- صلى الله عليه وسلم- قائما فبيان للجواز فلا إشكال ولا تعارض .
ولكن حسبى هنا أن أبرز البحث العلمى وما توصل إليه العلماء فى ذلك، فالشُرب وتناول الطعام جالساً أصحّ وأسْلم وأهنأ وأمرأ، حيث تكون الأعضاء ساكنة والمَعِدَة مستريحة حيث ينزل الماء والأكل على جدرانها بتؤدة ولُطف، وأما الشرب واقفاً فيؤدّى إلى تساقط السائل بعنف إلى قعْر المعدة ويصدمها صدماً وإن تكرار هذه العملية يؤدّى إلى استرخاء المعدة وعُسر الهضم وقُرحة المعدة .
ويرى الأطباء أن الإنسان فى حالة الوقوف يكون متوتِّراً ويكون الجهاز العصبى نشطًا للسيطرة على عضلات الجسم لكى تتم عملية التوازن والوقوف مُنتصباً .
وأثبت العلم أن الطعام والشراب قد يؤدّى تناولهما فى حالة الوقوف إلى إحداث انعكاسات عصبية شديدة تقوم بها نهايات العصب المُبهم المنتشرة ببطانة المَعِدَة هذا العصب متّصل بالمعدة والقلب، فالتنبيه العنيف لهذا العصب بالماء البارد مثلاً يؤدّى إلى انعكاسات خطيرة وإطلاق شرارة النهى العصبى الخطيرة ربما نبَّه القلب فأوقفه عن العمل، وهناك حالات موت مفاجئ كثيرة بسبب التنبيه الشديد جداً لهذا العَصَب المُبْهَم .
وأثبت أطباء الأشعة أن قُرحات المعدة تكثر فى المناطق التى تكون عُرضة لصدمات الّلقم وجرعات الأشربة بنسبة تبلغ 95% من حالات الإصابة بالقرحة وذلك مع الاستمرار على عادة الأكل والشرب واقفاً .
كما أثبت الطب الحديث أن عملية التوازن أثناء الوقوف ترافقها تشنّجات عضلية فى المَرِئ تعيق مرور الطعام بسهولة إلى المعدة ومُحْدِثَة في بعض الاحيان آلاماً شديدة تضطرب معها وظيفة الجهاز الهضمي .
ومن هنا ننصح فى حالات الحرّ الشديد ومع المجهود العالى أن يُشرب الماء القليل وعلى فترات، وهذا ما أرشدنا إليه أنس بن مالك أن النبى “كان يتنفس فى الشراب ثلاثاً”، ويقول أنه أمْرَأ وأروى (رواه مسلم) أى أنه يشرب على ثلاث دفعات .
وها هو العلم اليوم يُطالعنا بالمشاكل الصحية التي تصاحِب من يداوم على الأكل والشرب واقفاً، وأن هذه من العادات الخاطئة ولا تتناسب مع القواعد الصحية، فمن أين تأتي للنبي أن يخبر بهذا الأمر العظيم في ذلك العصر قبل أكثر من 1400 سنة؟! إن في هذا دليلاً واضحاً على صِدق نبوَّته وأن كل ما كان يخبر به إنما هو وحي من الخالق العليم .
وأشار د. مخيمر، إلى مسألة “تحنيك” المولود بالتمر، وهذا من السُنن التى كان النبى حريصا عليها. والتحنيك يعنى تليين شىء من التمر وتدليك فم الطفل الوليد به عقب ولادته حتى يمتصّها ويستفيد جسمه من موادّها المُغذّية ولاسيما المواد السُكَّرية منها، فقد وُجِدَ طبِّيًّا أن نسبة السُكَّر فى دمّ الوليد تهبط كثيرا فى أعقاب الولادة بسبب الشدّة التى يتعرّض لها أثناء الولادة وتأخّره فى الرضاعة من أمّه، وهكذا فإن التحنيك بالتمر يُسهم فى تعديل نسبة السكّر فى دمّه خلال هذه الفترة الحرجة من حياته ويشترط أن الذي يقوم بالتحنيك يكون فمُه بحالة صحية جيدة .
فقد أظهرت الدراسات الطبية أن الوليد يصاب بنقص فى سكّر الدم عن حدّه الطبيعى 20ملجم/ 30ملجم فى أعقاب الولادة بسبب انقطاع صلته بأمّه وتوقّف ما كان يأخذه منها عبر المَشِيْمة ولهذا فقد دأب أطباء التوليد على تغذية المولود بمحلول سكّرى فى أعقاب الولادة لحمايته من نقص السكّر وما يؤدّى إليه من أضرار من تأخُّر النمو، تخلُّف عقلى، شلل دماغى، إصابة السمْع أو البَصر أو كليهما، نوبات صرع دائمة ومتكرّرة .فتحنيك الوليد بالتمر أمر عجيب لما فيه من عظيم الفائدة الطبية فقد ثبت علميا أن بالتمر عناصر حيوية تقى الطفل من الأمراض وتقوّى مناعته المكتَسَبة وهى بمثابة لقاح يقيه طيلة عُمره ويعطى للطفل لقاحات شلل الأطفال والدفتيريا والحصبة، ذلك أن الطفل أقلّ مناعة من البالغ وأكثر عُرضة للإصابة بالميكروبات .
وكذلك يحتوى التمر على فيتامين (ب) بنسب عالية وهو يستخدَم فى علاج تشقّق زوايا الفمّ والشفاة والتهابات الّلثة والفم وحالات الحساسية
وفيتامين (ج) الموجود بالتمر به أثر فعّال لوقاية اللثة من الالتهابات وتقوية الأوعية الدموية والمحافَظة على أنسجة الفم واللثة ووقايتها من التلَف، فتحنيك الرضيع بالتمر له فائدتان: الأولى وقائية. والثانية: علاجية.
وَرَدَ عن أبى موسى الأشعرى- رضى الله ع-نه قال: وُلد لى غلام فأتيت به النبى فسمَّاه إبراهيم، فحنَّكَه بتمرة ودعا له بالبَرَكة ودفعه إلىَّ. وكان أكبر ولد أبى موسى .”
وعن أسماء بنت أبى بكر الصديق- رضى الله عنهما- أنها حملت بعبدالله بن الزبير بمكّة قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة فنزلت قباء فولدت بقباء ثم أتيت به رسول الله فوضعته فى حجْره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم حنَّكه بالتمر، ثم دعا له فبرك عليه وكان أول مولود فى الإسلام.
هذا وغيره من الأحاديث والروايات الكثيرة ولكن هنا وقفة مع هذا الإعجاز النبوى، فقد قرّر العلم الحديث أن التمر يحتوى على سكّر “الجلوكوز” بكمّيات وافرة وخاصة بعد إذابته بالرِّيق الذى يحتوى على إنزيمات خاصة تحوّل السكّر الثنائى “السكروز” إلى سكّر أُحادى كما أن الرّيق يسهّل إذابة السكّريات وبالتالى يمكن للطفل المولود أن يستفيد منها وهذا ما دأبت عليه مستشفيات الولادة والأطفال، فمن علَّم النبي فائدة التمر للمولود مع مضْغِه؟
حقًّا هذا دليل على أن النبى لا ينطق عن الهوى وإنما هو الوحى والتوجيه الربانى الحكيم وصدق ربُّ العزّة (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى) (النجم:3،4) فهذا يوضّح إعجازا طبيا لم يكن معروفا فى زمنه ولا فى الأزمنة التى تلته حتى اتّضحت الحكمة من ذلك فى القرن العشرين مع التقدّم العلمى .
يوميات نبوية
وعلَّق د. أمين سعيد- عميد كلية الإعلام، جامعة السويس- بإلقاء قصيدة، قال فيها:
نور مشى على الأرض
أضاء منها قاصيها ودانيها
ورحمة أُرسلت للعالَمين
بشيرًا لمؤمنها نذيرًا لعاصيها
فقير يتيم وأُمِّىٌّ
ويرقَى إلى السِدرة ويغشى ما فيها
أملا فى حبّ الله أحبّه
وحبّه للروح أسمى أمانيها
وتساءل: ألا يستحق رسول الله من أبناء أمّته البالغين اليوم ٢ مليار والذين سيبلغون عام ٢٠٥٠ ثلاثة مليار نسمة، أن يتخصّص منهم مجموعة من الباحثين لتوثيق يوميات رسالته وتوضيح كيف مشى نوره على الأرض فى أيام بعثته التى تبلغ ٨١٢٤ يوما و٢٧٦ شهرا و١١٠٤ أسبوعا و٢٣ عاما؟! وذلك ردًّا على حملات منْكرى وجود الرسول فى التاريخ؟!
فهذه مهمّة المسلمين جميعا ومن بينهم العرب، ومن بين العرب، العلماء المصريين، ومن بين المصريين هى المهمة الأولى لعلماء الأزهر الشريف، ليفتحوا باب الاجتهاد العلمى ويوثِّقوا للأمّة يوميات الرسالة وحقائق حياة الرسول، باعتباره نور إلهى مشَى على الأرض. وكيف مشى؟ وماذا قال؟ وماذا فعل؟ وماذا نزل عليه من آيات الذكر الحكيم فى كل يوم وساعة ودقيقة من حياته صلى الله عليه وسلم؟
ردُّ الإساءة.. بالتجاهُل
ورَدًّا على استفسار للزميل حسام وهب الله، عن الطريقة المُثلى للرّدِّ على المُسيئين للإسلام ورموزه وفي مقدّمتهم النبي، دعا د. سامي الشريف، لتجاهل الإساءة فهذا يكون في أغلب الأحيان الطريقة الأفضل، ففي حالة الشاب الأزهري الذي صعد المنبر وأساء لمن يحتفلون بيوم المولد النبوي فإن تهافت السوشيال ميديا والفضائيات وراء تلك القصّة وإثارتها أعطت لها الشُهرة الكبيرة، وبالتالي ولو الإعلام تجاهل القصّة برمّتها لكان الأمر قد مرّ دون أن يشعر به أحد، لكن ترويجها له شقّ خطير وهو أن يتفاعل البعض ويقتنعون بحديثه، وبالتالي بدلا من موت كلماته نمنحها انتشارا لا نستطيع مواجهته بسهولة.
أضاف: إن أمّ المؤمنين عائشة بنت أبى بكر قالت: “كان النبي ﷺ إذا بلَغَه عن الرجل شيئا، لم يقل: ما بال فلان يقول، ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا” (سنن أبي داود: 4158). فلابد أن يكون نهج الإعلام الحقيقي قائما على تعاليم النبي لكن المشكلة التي تواجه المجتمع المصري الآن تتمثّل في أن بعض المحسوبين على الإعلام يروِّجون للإساءات بل ويتلقَّفوها ليس دفاعا عن الإسلام ولكن عشْقًا لتسويق أنفسهم وقنواتهم ووسال إعلامهم وسعيًا لما يقولون عنه “التريند” حتى لو على حساب النبي للأسف الشديد!
لهذا لابد على الإعلام أن يتجاهل مثل تلك الأخبار ولا يكون وسيلة لترويجها فمروّجوها يدخلون ضمن المُسيئين أنفسهم، وإلا فبماذا نفسِّر قيام بعض وسائل الإعلام بمناقشة موضوع الفتى حتى اليوم، رغم أن الناس الذين كانوا في المسجد حينها أجبروه على النزول من على المنبر ورغم تدخّل الأوقاف وإحالة المسئولين للتحقيق ورغم اعتذار الشاب نفسه، فلماذا تُصِرُّ بعض وسائل الإعلام على الترويج للحادث؟!