عجبت لك يا زمن العجايب، الإنسان الذي كرمه الله أصبح أرخص وأدني من الحيوان، وخاصة إذا كان هذا الإنسان عربيا مسلما، هذه ليست نكتة أو مبالغة مما يجري في زمن الفتن التي تجعل الحليم حيرانا، وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم ببعض مواصفاته فقال:” كيف بكمْ أيُّها النَّاسُ إذا طَغى نِساؤُكم، وفسَقَ فِتيانُكم؟ قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذا لَكائنٌ؟ قال: نعمْ، وأشَدُّ منه، كيف بكم إذا تَركتُمُ الأمْرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المُنكَرِ؟ قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذا لَكائنٌ؟ قال: نعمْ، وأشَدُّ منه، كيف بكم إذا رأيتُمُ المُنكَرَ مَعروفًا والمعروفَ مُنكَرًا؟”.
صدقت يا رسول الله، أليست الإبادة دفاعا عن النفس، والمقاومة للإحتلال ارهابا، والعري والفسق والفجور تحضرا، والحشمة والتدين تخلفا ورجعية وظلامية، وما يجري بشأن القضية الفلسطينية خير شاهد حيث يتم التدبير والتآمر الدولي الذي لا يحرك ساكنا إذا كان الأمر يتعلق باسرائيل، ومستعد لتحريك الجيوش إذا تعرضت حيوانات للذبح في عيد الأضحى في بلاد المسلمين، فهذا ما تدعو إليه منظمات حقوق الحيوان مؤخرا بالاتفاق مع الكيان السرطاني الغاصب على سرقة “حمير غزة” تحت غطاء “الرفق بالحيوان” لعلاجها من آثار الحرب التي أكدت الإضرار بها نفسيا وجسديا.
لم تقف المؤامرة التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب عند ذلك وإنما تم جمع أكبر قدر من الحمير وشحنهم إلى فرنسا وبليجكا لعلاجها وإعادة تأهيلها نفسيا وعدم رجوعها إلى غزة لتتمتع بالحرية الغربية المزعومة، وإعطائها حق اللجوء، والهدف الحقيقي تعجيز أهل غزة الذين يعتمدون على الحمير بشكل اساسي في تنقلاتهم التي لا تتوقف من قرية لقرية ومن مخيم لمخيم، وهي أرخص وسيلة نقل في ظل عدم توافر الوقود للسيارات، وعمال نظافة بلدية غزة يجمعون القمامة على ظهورها.
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن قيام الجيش الإسرائيلي بنقل آلاف الحمير هذه إلى مزرعة تديرها جمعية إسرائيلية تُدعى “لنبدأ من جديد”، تُعنى برعاية الحمير، ونقلت عن مسئولة بالجمعية قولها: “لن نسمح بدخول الحمير مجددًا إلى قطاع غزة، وسنعمل على إخراج ما تبقى منها لكي لا تُستغل في عمليات إعادة إعمار القطاع، بل أنه تم ترحيل الحمير إلى فرنسا وبلجيكا، نظرا لوجود مساحات واسعة هناك تتيح لهذه الحيوانات العيش بحرية، خاصة أن الوضع النفسي والجسدي للحمير التي جرى إخراجها من غزة كان صعبا لأنها كانت تعيش حياة عبودية جراء استخدامها في نقل الرمل ومواد البناء، ونقل الأثاث والمواطنين بعد الحرب، ولهذا فإن هذه الحمير تلقت العلاج الطبي وإعادة التأهيل لأنها كانت تحمل أوزانًا ثقيلة ومقيدة بالسلاسل!!”. وصدق المتنبي إذ يقول:
أَغايَةُ الدينِ أَن تُحفوا شَوارِبَكُم.. يا أُمَّةً ضَحِكَت مِن جَهلِها الأُمَمُ
كلمات باقية:
يقول الله تعالى:” أَزِفَتِ الْآزِفَةُ. لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ”.