“الحجر الدائر لا ينبت عليه عُشب” مقولة تحمل العديد من المعاني، فمن الناس من يطلقها على أعمال القمع والتعدي التي تحول دون التقدم والتطوير ومنهم من يقصد بها سوء السير والسلوك وما يجلبه على صاحبه من سوء العاقبة. ومن مقاصد هذه المقولة أيضًا هو العمل في مجالات عديدة وبصورة متعاقبة فيترك عملًا إلى عمل واهتمامًا إلى اهتمام ودراسة إلى غيرها فتكون نتيجة ذلك هي عدم الإنجاز في أي منها.
وهذا المعنى هو ما أريد اليوم التحدث عنه ألا وهو العمل من خلال مشروع ثابت يقيمه صاحبه ويطوره مع الوقت ويرعاه ويتوسع فيه رأسيًا وأفقيًا فقد يكون ذلك المشروع وظيفتك أو رعاية اسرتك أو عملًا خيريًا أو نشر علم أو أي شيء تهتم به بصورة منتظمة، فكلما اتضحت معالم الطريق مبكرًا كانت فرصة النجاح أكبر ، فلو اكتشف الوالدان شغف أبنائهم والمهارات التي تميزهم فاهتموا بصقلها بالتشجيع والدعم والتنمية حتى إذا جاء سن الجامعة فاجتهد الابن ليعزز ما أحب بالدراسة والتعلم المستمر حتى بعد تخرجه في الجامعة ليعمل في نفس المجال الذي جذبه واستهواه منذ صغره.
والواقع أنه لا يستطيع البعض تحديد التخصص المناسب له أو قد تحول الظروف دون البدء في المشروع الثابت. ولكن في أي مرحلة نستطيع أن نبدأ فطالما اعتلى القطار القضبان فلا بد له أن يصل. حسن الاختيار أحد مفاتيح تلك الحياة بعد تقوى الله والمسارعة في الخيرات “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جهولًا”.