الغطرسة الاسرائيلية تهدر القانون الدولي وتغتال القيم الإنسانية
جدَّد المستشار د. حنفي جبالي- رئيس مجلس النواب- التأكيد على اصطفاف الشعب ونوابه خلف فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكّدا أن مصر ماضية لوقف الحرب على غزّة، ومحذّرا من أن الغطرسة الاسرائيلية التي تُهدر القانون الدولي وتغتال القيم الإنسانية ولا ترى في السلام إلا ضعفاً ولا في العدوان إلا حقّاً مكتسباً.
وقال- بمناسبة افتتاح دور الانعقاد السادس من الفصل التشريعي الثانى لمجلس النواب، بحضور حكومة د. مصطفى مدبولي-: نجتمعُ اليومَ- الأربعاء أول اكتوبر- في لحظةٍ استثنائيةٍ من عُمرِ وَطَنِنِا وَأُمَتِنِا، نفتتحُ دورَ الانعقادِ السادسَ من الفصلِ التشريعيّ الثاني، عاقدين العزمَ على استكمالِ رسالَتِنَا الوطنيةِ حتى آخرِ لحظةٍ من مدةِ هذا الفصلِ، وفاءً بالعهدِ الذي ألقاهُ على عاتِقِنا شعبُ مصرَ العظيمُ.
مرحلةٌ فارقةُ
تابع: إننا أمام مرحلةٍ فارقةٍ تتصاعدُ فيها التحدياتُ من كلِّ صوبٍ، وفي القلبِ منها الغطرسةُ الإسرائيليةُ التي تهدُر بلا خجلٍ القانونَ الدوليَّ وتغتالُ جوهرَ القيمِ الإنسانيةِ، مدفوعةً بأيديولوجيةٍ صهيونيةٍ متطرفةٍ لا ترى في السلامِ إلا ضعفًا، ولا في العدوانِ إلا حقًا مكتسبًا. لقد فاقت جرائمُها في بشاعتِها كلَّ الحدودِ، وأعادت العالمَ إلى مشاهدِ الغابِ والظلامِ، لتجعلَ من منطقتِنا ساحةً ملتهبةً على مرأى ومسمع المجتمعِ الدوليِّ.
وحذَّر د. جبالي، من أنَّ هذه الممارساتِ العدوانيَّةَ والمستهجَنةَ التي تقومُ بها إسرائيلُ لم تعدْ مقصورةً على فلسطينَ وحدَها، بل امتدت آثارُها إلى دولٍ عربيةٍ شقيقةٍ، كان آخرُها العدوانَ الغادرَ على دولةِ قطر الشقيقةِ، مهددةً الأمنَ الإقليميَّ برمتِه، ومؤكدةً أننا أمام عقليةٍ لا تعرفُ إلا منطقَ القوةِ الغاشمةِ.
وفي مواجهةِ ذلك، يظلُ موقفُ مصرَ واضحًا وصلبًا؛ لا يتراجعُ عن دعمِ الحقوقِ العربيةِ، وفي مقدمتها حقُ الشعبِ الفلسطينيِّ في البقاءِ على أرضِهِ ورفضُ أيِّ محاولةٍ لتهجيرِه، وإقامةُ دولتِه المستقلَّةِ على كاملِ الترابِ الوطنيِّ على خطوطِ الرابعِ من يونيوَ 1967، وعاصمتُها القدسُ الشرقيَّةُ، والدفاعُ عن سيادةِ الدولِ العربيةِ ووحدةٍ أراضِيها.
الاصطفاف الوطني
أضاف د. جبالي: وهنا نجدِّدُ الاصطفافَ خلفَ قائدِنا فخامةِ الرئيسِ عبد الفتاح السيسي؛ رئيسِ الجمهوريةِ، الذي أثبتت الأحداثُ يومًا بعد يومٍ بُعدَ بصيرتِه وحكمتَهُ في إدارةِ ملفاتِ الأمنِ القوميِّ والسياسةِ الخارجيةِ، وحزمَهُ في الدفاعِ عن ثوابتِ الأمة. مؤكدا أنَّ مصرَ، رغمَ كلَّ هذا المشهدِ المشتعلِ، ستظلُ منارةً للسلامِ وصوتًا للعقلانيةِ. فالسلامُ خيارُها الاستراتيجيُّ الذي لا بديلَ عنه، ولن تجرَنا مغامراتُ مهوسي الحربِ والدمارِ إلى مستنقعِهم الآسنِ. وليس أدلُ على ذلك من نجاحِها، مؤخّرًا، في التوصّلِ إلى اتفاقِ القاهرةِ بين إيران والوكالةِ الدوليةِ للطاقةِ الذريةِ، لتفتحَ نافذةَ أملٍ في خفضِ التوتراتِ الإقليميةِ والدوليةِ عبرَ الدبلوماسيةِ الهادئةِ والعملِ الصامتِ الفعّال.
ونؤكِّدُ أنَّ مصرَ ماضيةٌ بعزمٍ لا يلينُ في مواصلةِ العملِ مع الدولِ العربيةِ والإسلاميةِ، ومعَ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ وسائرِ الشركاءِ الدوليينَ، من أجلِ وضعِ حدٍّ للحربِ الدائرةِ في قطاعِ غزة، عبر اتفاقٍ شاملٍ يضمنُ إيصالَ المساعداتِ الإنسانيةِ الكافيةِ إلى القطاعِ بلا قيود، ويحولُ دونَ تهجيرِ الفلسطينيينَ، ويؤسسُ لمرحلةِ إعادةِ إعمارِ غزةَ، ويمهِّدُ لتكريسِ مسارِ السلامِ العادلِ على أساسِ حلِّ الدولتينِ، بما يحقّقُ وحدةَ غزّةَ والضفةَ الغربيةَ في دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ، باعتبارِ ذلكَ المفتاحَ الحقيقيَّ لتحقيقِ الاستقرارِ والأمنِ في المنطقةِ.
أما مجلسُ النوابِ، فإنه يجدّدُ التزامَهُ بدورهِ الوطنيِّ، مؤكّدًا عبرَ دبلوماسيةٍ برلمانيةٍ نشطةٍ أنَّ مصرَ– قيادةً وحكومةً وشعبًا– جعلت من الاتزانِ الاستراتيجيِّ منهجًا ثابتًا، ومن العقلانيةِ سبيلًا للتعاملِ مع قضايا الداخلِ والخارجِ.
أوضح د. جبالي، نفتتح اليومَ فصلًا جديدًا من عملِنا البرلمانيِّ، ونؤكّدُ عزمَنَا على أنْ نواصلَ رسالتَنا حتى آخر لحظةٍ، لا نبتغي إلا خدمةَ وطنِنَا وصونَ مصالِح دولتنا؛ لتبقى مصرُ– كما كانت دائمًا– سندًا للحقِ، ودرعًا للعدلِ، وصوتًا عاليًا للقيمِ الإنسانيةِ.
قانون الإجراءات الجنائية
وحول الاعتراض الرئاسي على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، قال د. جبالي: اعتراض السيد الرئيس على بعض مواد مشروع القانون برهان على أن مؤسسات الدولة تعمل في تكامل وتعاون من أجل خدمة المواطن وحماية الصالح العام. فالاعتراض لا يعدّ رفضاً لمشروع القانون بل هو ممارسة دستورية طبيعية تستهدف تعليقاً مؤقّتاً لمشروع القانون لحين إعادة النظر في بعض أحكامه لتحقيق مزيد من الضمانات. مشيرا إلى أن الاعتراض أنصبّ على ثماني مواد فقط من أصل خمسمائة واثنتين وخمسين مادة. لافتا إلى أن النقد الموضوعي قيمة نبيلة نرحّب بها، أما النقد الذي ينزلق إلى التشويه فلا يخدم الوطن ولا يحترم عقول المواطن.
وأن مجلس النواب يجدِّد ترحيبه باعتراض السيد رئيس الجمهورية على عدد من مواد مشروع القانون ويؤكّد أنه سيمضي فوراً في دراستها بعين المسئولية الوطنية. لأن التعاون الوثيق بين السُلطات هو السبيل الأمثل لتحقيق أمال الشعب المصري وصناعة مستقبل يليق بمصرنا العظيمة.
أضاف د. جبالي: إن الرسالة التي تليت على النواب فى هذا الإطار، هي برهان على أن مؤسسات الدولة تعمل في إطار من التكامل والتعاون، كلٌّ في حدود اختصاصه، من أجل خدمة المواطن وحماية الصالح العام، حيث استخدم فخامة السيد رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية في أن يردَّ إلى مجلسكم الموقَّر مشروع قانون الإجراءات الجنائية، لإعادة دراسة بعض مواده؛ إعلاءً للمصلحة العامة، وتقديرًا لحقّ المواطن في عدالة ناجزة، وحرية مصونة. وهذا الاعتراض لا يُعد رفضًا لمشروع القانون، بل هو ممارسة دستورية طبيعية، تستهدف تعليقًا مؤقتًا لمشروع القانون لحين إعادة النظر في بعض أحكامه؛ تحقيقًا لمزيد من الضمانات.
وقد جاء هذا الاعتراض إدراكًا لحساسية مشروع القانون وأثره المباشر على المواطن، وحرصًا على أن تصدر التشريعات بجهود وطنية مشتركة، متوازنة ومحققة لغاياتها.
ولعلّ من الأهمية بمكان أن نؤكّد أن الاعتراض قد انصبّ على ثماني مواد فقط من إجمالي خمسمائة واثنتين وخمسين مادة؛ أي بنسبة لا تتجاوز 1.4% من مواد المشروع؛ وهو ما يبرهن جليًا على أن مشروع القانون جاء في مجمله متماسكًا ورصينًا، وثمرة لتضافر جهود الجهات المعنية كافة، حيث تعاونت في إعداده المؤسسات والهيئات الوطنية المختصة بروح من التنسيق والمسؤولية المشتركة، بما يضمن صياغة نص تشريعي متكامل يلبي احتياجات الواقع العملي ويواكب متطلبات التطوير.
ما يثير الاستغراب!
استدرك د. جبالي قائلا: غير أن ما يثير الاستغراب حقًا هو أن بعض الأصوات لم تُعطِ نفسها فرصة للترويّ أو حتى الاطلاع على المواد محل الاعتراض، وانطلقت- على عَجَل- لتعلن أن مشروع القانون برمته غير منضبط وغير صالح؛ وكأنّ مئات المواد المحكَّمة قد انهارت في لحظة أمام نزعة للتشكيك والتهويل. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل ذهب آخرون إلى المناداة بتأجيل نظر مشروع القانون إلى دور انعقاد لاحق، أو المطالبة بإرجاء النظر فيه لإعادة دراسته كاملا من جديد، وكأن أشهرًا من الجهد والحوار قد ضاعت هباءً، متجاهلين بذلك حقيقة أن المجلس قد أولاه ما يقارب ثمانية وعشرين شهرًا من المناقشات المستفيضة.
واستطرد موضحا: إن النقد الموضوعي قيمة نبيلة نرحّب بها ونصغي إليها، أما النقد الذي ينزلق إلى التشويه أو المناكفات فلا يخدم الوطن ولا يحترم عقول المواطنين.
إن مجلس النواب إذ يجدد ترحيبه بما أبداه فخامة السيد رئيس الجمهورية من اعتراضات على عدد من مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ليؤكد أنه سيمضي فورًا ـ بكل ما أوتي من إخلاص وعزم ـ في دراستها بعين المسؤولية الوطنية، إدراكًا منه أن التشريع ركيزة أساسية لدولة القانون، وأن التعاون الوثيق بين السلطات هو السبيل الأمثل لتحقيق آمال الشعب المصري وصناعة مستقبل يليق بمصرنا العظيمة.
وفى هذا المقام نتقدّم بأسمى آيات التقدير والعرفان لفخامة السيد رئيس الجمهورية، الذي حمل على عاتقه مسئولية الوطن بإرادة صلبة ورؤية واعية، واضعًا مصلحة الوطن والمواطن في مقدمة أولوياته، وفَّقه الله لما فيه الخير لمصر وشعبها.