دبلوماسية القمّة فى ترسيخ دعائم الوطن.. ونشر السلام العالمى
“الاتزان الاستراتيجي”.. لتحقيق المصالح الوطنية بعيدا عن الاستقطاب تحت “مظلة أُممية”
87 زيارة رسمية و82 زيارة لفاعليات متعدّدة الأطراف و12 زيارة دولة
علاقات ثنائية قائمة على التعاون التنموي والشراكات الاستراتيجية ومكافحة الإرهاب
مصطفى ياسين
تلقَّى فخامة السيد عبدالفتاح السيسي، من د. بدر عبدالعاطى- وزير الخارجية- كتابين بشأن دبلوماسية القمَّة المتمثِّلة في الزيارات الخارجية للسيد رئيس الجمهورية والإنجازات المصرية في مجال السياسة الخارجية خلال الفترة من 2014 إلى 2024.
جدير بالذكر أن الإصدارَين يُعدّان أول “كتب بيضاء” تصدرهما وزارة الخارجية المصرية منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث يهدفان إلى توثيق ورصد أهم الزيارات الخارجية للسيد رئيس الجمهورية، وأبرز الإنجازات في السياسة الخارجية خلال عِقد من الزمان بدأ بتولّي فخامة الرئيس/ عبدالفتاح السيسي مهام منصب فخامته، وهي فترة شهدت العديد من التحوّلات السياسية والتاريخية الهامّة.
تم إعداد محتوى الكتابين من قِبل فريقي عمل متخصصين في وزارة الخارجية وعدد من أبرز الخبراء في مجال السياسة الخارجية المصرية، بالاستعانة بالمستشارين المعنيين.
دبلوماسية القمّة
يتلخَّص الكتاب الأول والمعَنْوَن “الزيارات الخارجية الرسمية للسيد رئيس الجمهورية في عِقد من الزمان” في كونه يوثِّق زيارات وجولات رئيس الجمهورية منذ عام 2014 التي طافت ربوع الأرض كافّة، وشملت إجمالي 181 زيارة إلى 62 دولة، لتجسِّد رؤية الدولة المصرية العميقة والثابتة لجعل مصر صوتاً مؤثِّراً في أروقة صُنع القرار الدولي، ومركزاً للحفاظ على السلم والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسْره، وطليعة لمرحلة جديدة من دبلوماسية القمّة قوامها مبدئي الاتزان الاستراتيجي ووضع العمل الدبلوماسي في خدمة المصالح الوطنية وجهود مصر التنموية وبناء شراكات استراتيجية متعدّدة الأبعاد، وقد مثَّلت تلك الزيارات خطوات أساسية ضمن استراتيجية عليا متكاملة وطموحة جوهرها الدفاع عن ثوابت الوطن وتأمين مصالحه الاستراتيجية وترسيخ حضوره، وتدعيم السِّلم والاستقرار والإقليمي والدولي والنأي بمصر عن حالة الاستقطاب والتحديات التي ميَّزت هذه الحِقْبة من تاريخ النظام الدولي.
كما يتجاوز الكتاب المشار إليه مجرد رصد للوقائع والزيارات بل يوثّق دبلوماسية القمّة التي مارستها مصر من خلال الزيارات الخارجية للسيد رئيس الجمهورية والتي شكَّلت الركيزة الأساسية لتعزيز علاقات مصر الخارجية، ويؤرِّخ مرحلة حافلة بالتحديات والتحوّلات استطاعت فيها الدولة المصرية أن تستعيد زمام المبادرة التاريخية لتعزيز دورها الإقليمي والدولي في ظلّ تحديات داخلية وإقليمية ودولية غير مسبوقة شملت كافة الاتجاهات الاستراتيجية للأمن القومي المصري، وأن تواصل بناء علاقاتها الخارجية على أُسس الثقة والاحترام المتبادل.
التنوّعُ الموضوعي والجغرافي
يستعرض الكتابُ التنوّعَ الموضوعي والجغرافي للزيارات الخارجية للسيد رئيس الجمهورية خلال هذه المرحلة الدقيقة، حيث شملت 87 زيارة رسمية و82 زيارة لفاعليات متعدّدة الأطراف و12 زيارة دولة. كما شملت امتداداً جغرافياً لمناطق ودول لم يزرها رئيس مصري من قبل، حيث كان السيد رئيس الجمهورية أول رئيس مصري يزور عدة دول، ومنها: غينيا الاستوائية وسنغافورة ورواندا والجابون وفيتنام وكوت ديفوار وجيبوتي وأرمينيا وموزمبيق. كما يعكس الكتاب من خلال رصد الزيارات الخارجية، الاهتمام الحثيث الذي أوْلته الدولة المصرية للمنطقة العربية، والتي شهدت أكثر من ثلث زيارات السيد رئيس الجمهورية بواقع 70 زيارة من إجمالي 181 زيارة، فضلاً عن الحرص المصري على تعزيز التواجد والتعاون مع القارّة الأفريقية والتي شهدت 37 زيارة إلى 20 دولة.
شهادة وطنية
ويعد هذا العمل التوثيقي شهادةً كذلك على الجهد المتكامل الذي تبذله مؤسسات الدولة المصرية لتحقيق المصالح الوطنية والدفاع عنها، وفي إطار التزام الدولة المصرية بدورها التاريخي في التعبير والدفاع عن هذه الثوابت ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية، والانفتاح على التعاون مع الجميع على قاعدة الارتباط بين الداخل والخارج، وتكامل المصالح لتحقيق الاستقرار والسلام والتنمية.
الاتّزان الاستراتيجي
وبالنسبة للكتاب المعَنْوَن “الاتّزان الاستراتيجي: عشر سنوات من الدبلوماسية المصرية”، فإن هذا العمل المتكامل يوثّق حصاد عقد كامل من السياسة الخارجية المصرية في ظلّ توجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويعرض بأسلوب شامل الرؤية التي حكمت تحرّكات مصر في المنطقة والعالم، وكذلك الإنجازات التي تحقّقت خلال السنوات العشر الماضية، وذلك إعمالاً بمبدأ “الاتزان الاستراتيجي” الذي أرساه فخامة الرئيس، والقائم على رؤية تسعى لتحقيق توازن بين حماية المصالح الوطنية والانفتاح على شركاء متعدّدين، مع رفض منطق الاستقطاب أو التحالفات الصفرية، والالتزام باحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، ودعم مؤسسات الدولة الوطنية، وحلّ النزاعات عبر الدبلوماسية والحوار، والتمسّك بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتّحدة كمرجعية حاكمة.
في هذا السياق، يسعى الكتاب المشار إليه لاستعراض مختلف الجوانب التطبيقية للسياسة الخارجية المصرية التي تنطلق من مبدأ الاتزان الاستراتيجي، بوصفه الإطار الناظم لتوجّهات العمل الخارجي المصري، وبشكل يعكس الرؤية المركّبة التي يقوم عليها للنظامين العالمي والإقليمي، ولمقتضيات إعادة تعريف المصلحة الوطنية المصرية لتتواكب مع المهام الجديدة التي تفرضها البيئة الدولية المعقَّدة من جهة، وتتناسب مع الأولويات السياسية والتنموية الوطنية من جهة ثانية.
الريادة المصرية
ويستعرض الكتاب أن هذه الرؤية المركَّبة قد أتاحت المحافظة على ثوابت السياسة الخارجية المصرية التقليدية، وفي القلب منها العمل على تحقيق أهداف السلام والاستقرار الإقليمي والتنمية. وانعكس ذلك في استمرار الريادة المصرية لجهود حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصةً في أعقاب العدوان الإسرائيلي المستمر على غزّة، وإعداد تصوّر– أصبح اليوم موضع توافق إقليمي ودولي– لإعادة إعمار غزّة، وإنهاء العدوان عليها، وإعادة الزخم لمبدأ حلّ الدولتين وحقّ الشعب الفلسطيني في الاستقلال وإقامة دولته على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
التعاون التنموي
كما تستعرض فصول الكتاب النشاط المصري في مناطق الجوار المباشر، سواء في إطار جهود استعادة الاستقرار وإعادة بناء مؤسسات الدولة الوطنية التي تعرّضت لأزمات غير مسبوقة على مدار السنوات العشر الماضية في المنطقة العربية، وبخاصة في ليبيا والسودان ومنطقة المشرق العربي واليمن، أو في إطار إعادة تنشيط الدور المصري في الساحة الأفريقية، على قاعدة التعاون التنموي والشراكات الاستراتيجية ومكافحة الإرهاب، والحفاظ على ثوابت الأمن القومي المصري، وفي القلب منه أمن مصر المائي.
ثوابت تاريخية
وعلى مستوى النظام الدولي، يعكس الكتاب ما أظهرته السياسة الخارجية المصرية من تمسُّك بثوابتها التاريخية في الدعوة لنظام عالمي متعدد الأطراف قائم على احترام قواعد القانون الدولي، مع إبداء المرونة في التعامل مع التحديات البازغة كالإرهاب وقضايا البيئة والأمن السيبراني وأسلحة الدمار الشامل والذكاء الاصطناعي.
كما تبرز فصول الكتاب المختلفة الشراكات الاستراتيجية المصرية المتنامية مع دول أفريقية وآسيوية وأوروبية وأمريكية ولاتينية، سواء على الصعيد الثنائي، أو في إطار تجمُّعات التعاون الاقتصادي والإنمائي، والتي كان من أبرزها انضمام مصر مؤخّراً لتجمع دول البريكس، فالانفتاح المصري على التعاون وتوسيع مساحات المصلحة المشتركة والارتقاء بها لاحقاً لمستوى الشراكة الاستراتيجية، لم يستثن طرفاً دولياً، ولم ينحاز لطرف ضد طرف، ولم يطوِّر شراكات جديدة خَصْمَاً من العلاقة مع شركاء مصر التاريخيين، وبما مكّن مصر من مواجهة ضغوط الاستقطاب الدولي والأزمات المستمرة بحِكمة وثبات، محافظةً بذلك على سيادتها وفعالية مواقفها، ومنحازة بشكل حازم لقيم السلام والتنمية والعدالة كأساس للتعامل مع المنطقة والعالم، ومنطلقة من تسخير كل تحرّكها في البيئتين الإقليمية والدولية لتحقيق تطلّعات الشعب المصري، والشعوب العربية والإفريقية، في الحياة الكريمة والأمن المستدام، في ظلّ نظام دولي أكثر عدالة واستقراراً، يتيح الفرصة لبناء المستقبل الذي تستحقّه الأجيال القادمة.





























