بقلم د. أسامة الأزهرى
وزير الأوقاف
إنما يطمئن المجتمع ويسمو ويتميّز عندما يطمئن صانعُه، ذلك العنصر البشري العاقل الرشيد، المتأمِّل في حلول عاجلة لكل ما يعكِّر صفو المجمتع، ويوهِن أركان الوطن، ويقوّض حضارته، ويوقف عجَلة إنتاجه، فيضع حلولا تأتي بثمرات الطمأنينة من الرُّقِيّ والسُّمو والجمال والسعادة والأمن والسلام، إن هذا العاقل الذي يرنو إلى هذه الثمرات يريد أن تسْري في جنبات المجتمع سريان الماء في الورود، وتجري في الإنسان مجرى الدّم في العروق، فيهتدي إلى فِقه التصحيح والمراجعة والاطمئنان، والعود إلى المحامد، وبلوغ خير المقاصد، فيوصف الداء الذي يتمثّل في المفاهيم الخاطئة والمغلوطة، ويعود بها إلى مبادئ الوحي ومشكاته ومقاصده فيصحّح الأفكار والمفاهيم الخاطئة، ويزنها بميزان العدل والصلاح والطمأنينة والأمان.
كمّ من مفهوم خاطئ كان قاعدة غير آمنة أُطلقت منها الشائعات والأكاذيب؟! وكم من مفهوم خاطئ متجذِّر لسنوات شهد بسببه المجتمع الآمن تطرُّفًا وإرهابًا، وتصحُّرًا وإلحادًا، وترَدِّيًّا في منظومة الأخلاق وخلَلا في السلوكيات؟! فمن أين يأتي اعتدال الحياة وأمانها؟
إن الإحساس بهموم الوطن والذي يأتي في بؤرته المفاهيم الخاطئة جعل وزارة الأوقاف تُطلق حملة «صحِّح مفاهيمك» بمشاركة مؤسسات الوطن، بهدف اعتدال الحياة ونشر الفضيلة وانكسار موجات التطرّف الديني واللاديني المضاد، وترميم أركان الشخصية المصرية ليكون إنسانا مصريا قويًّا، صانعا للحضارة مبتكرا مخترعا مفيدا للإنسانية.
تأتي المبادرة من منطلق الواجب الديني والقيمي والوطني، لإعادة قراءة فِقه الطمأنينة وصنعها، فالتحرُّش أحد المفاهيم المستهدَف تصحيحها واستبدالها بمفهوم راقٍ يؤكّد على تقدير الأنثى واحترامها من حيث كونها أنثى ولا يتربط احترامها بملبس أو سلوك، يجعل الأنثى تطمئن على نفسها، ومن هنا تصنع طمأنينة الأنثى، بوصف التحرُّش بالإيذاء وهو بهتان وإثم قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} [الأحزاب: ٥٨]، والإدمان يأتي نتيجة لترسُّخ مفهوم أنه طريقة من طُرق معالجة التوتّر، واعتدال المزاج، والهرب من المشكلات الحياتية، والانفصال عن الواقع واليأس من الحلول، فيتّجه المدْمنُ إلى تعاطي المخدّرات، فهي مفاهيم يجب أن تصحَّح، ببيان أن ذلك قتل للنفس، قال تعالى: {وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} [النساء: ٢٩].
فتصنع طمأنينة الشباب بأن يرْحم نفسه، فرحمة الله متقرَّرة فكيف لا يُقرّها الإنسان ويمنحها لنفسه؟!
هذان مثالان من المبادرة «صحِّح مفاهيمك» التى تمنح الطمأنينة وتصنعها، قوامها كما رأيت تغيير المسار من خوف إلى اطمئنان، وإلى الأفضل والأرقى والأحسن وهو منهج كل عاقل رشيد يريد لمجتمعه عيشًا في أمن وطمأنينة وطهارة، ولوطنه عزًّا وحضارة.