مصر دشَّنت المسار قبل نصف قرن.. على “يد السادات”
وللرئيس ترامب: الخيار المشترك للشعوب هو السلام
وللإسرائيليين: فرصتنا التاريخية “الأخيرة” لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمي
أعرب فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن ثقته بأننا على أبواب عهد جديد من السلام والاستقرار للمنطقة، بتوقيع هذا الاتفاق، مشيرا إلى أن مصر دشَّنت المسار قبل نصف قرن على “يد السادات”.
وخاطب الرئيس السيسي، للرئيس ترامب، بقوله: الخيار المشترك للشعوب هو السلام، كما خاطب الإسرائيليين، محذرا من أن هذه الفرصة التاريخية قد تكون “الأخيرة” لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمي.
وبعد أن رحَّب فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، بجميع الضيوف، في “قمة شرم الشيخ للسلام”، قال: في هذه اللحظة التاريخية الفارقة، التي شهدنا فيها معا، التوصل لاتفاق شرم الشيخ “لإنهاء الحرب في غزة”، وميلاد بارقة الأمل، في أن يغلِق هذا الاتفاق، صفحة أليمة في تاريخ البشرية، ويفتح الباب لعهد جديد من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ويمنح شعوب المنطقة، التي أنهكتها الصراعات، غدا أفضل، اليوم نستقبل القيادة الشجاعة المحبِّة للسلام، والتي ساهمت جهوده في إنهاء الصراع، وتحقيق الأمن والتنمية في منطقتنا، بل في العالم أجمع، لذا أدعو فخامة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” للانضمام إلى قادة العالم الداعين إلى السلام.
وأود أن أعرب عن تقديرنا البالغ لكم، وقيادتكم الحكيمة لتلك المسيرة، في ظل ظرف بالغ الدقة، بما انعكس في طرح خطتكم، لإنهاء هذه الحرب المأساوية والتي خسرت معها الإنسانية الكثير.
شركاء السلام
أضاف الرئيس السيسي: أود أن أشكر شركاءنا في الولايات المتحدة وتركيا وقطر على جهودهم المخلصة، وأعيد التأكيد على دعمنا وتطلعنا لتنفيذ هذه الخطة، بما يخلق الأفق السياسي اللازم، لتنفيذ حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد، نحو تحقيق الطموح المشروع للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في طي صفحة الصراع والعيش بأمان.
لقد أثبتم؛ فخامة الرئيس أن القيادة الحقيقية ليست في شنِّ الحروب، وإنما في القدرة على إنهائها، ونحن على ثقة في قيادتكم لتنفيذ الاتفاق الحالي وتنفيذ خطتكم بكافة مراحلها، فلتكن حرب غزة آخر الحروب في الشرق الأوسط.
مصر- السلام
أشار الرئيس السيسي إلى أن مصر دشَّنت مسار السلام في الشرق الأوسط قبل ما يقارب نصف قرن، وتحديداً في نوفمبر 1977، عندما أقدم الرئيس أنور السادات- رحمه الله– بخطى ثابتة غير مسبوقة في تاريخ المنطقة، وبادر بزيارة تاريخية إلى القدس. ومنذ تلك اللحظة، أطلقت مصر عهداً جديداً أهدى للأجيال اللاحقة فرصة للحياة، وأثبت أن أمن الشعوب لا يتحقق بالقوة العسكرية فقط.
واليوم تعيد مصر التأكيد، ومعها شقيقاتها العربية والإسلامية، على أن السلام يظل خيارنا الاستراتيجي، وأن التجربة أثبتت على مدار العقود الماضية أن هذا الخيار لا يمكن أن يتأسس إلا على العدالة والمساواة في الحقوق، من هذا المنطلق، وإذا كانت شعوب المنطقة، ومازالت، تنعم جميعها بحقها في دولها الوطنية المستقلة، فإن الشعب الفلسطيني ليس استثناءً، فهو أيضاً له حق في أن يقرِّر مصيره، وأن يتطلع إلى مستقبلٍ لا يخيِّم عليه شبح الحرب، وحق في أن ينعم بالحرية والعيش في دولته المستقلة، دولة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، في سلام وأمن واعترافٍ متبادل.
إن السلام لا تصنعه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب حين تتيقّن أن خصوم الأمس يمكن أن يصبحوا شركاء الغد. وإنني إذ أغتنم هذه المناسبة، لأتوجّه بنداء إلى شعب إسرائيل، وأقول: فلنجعل هذه اللحظة التاريخية بداية جديدة لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمي، دعونا نتطلع سوياً لمستقبل أفضل لأبناء بلادنا معاً، مدِّوا أيديكم لنتعاون في تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة.
خيار الشعوب
ووجَّه الرئيس السيسي حديثه لفخامة الرئيس ترامب، قائلا: علينا أن نتوقف عند مشاهد الارتياح والسعادة، التي عمَّت، سواءً في شوارع غزة أو الشارع الإسرائيلي، أو في العالم كله على حد سواء، عقب التوصل لاتفاق إنهاء الحرب بفضل مبادرتكم الحكيمة، فهي دليل آخر على أن الخيار المشترك للشعوب هو السلام.
كما نقدِّر لكم اهتمامكم باستعادة الحياة في غزة، وستعمل مصر مع الولايات المتحدة وبالتنسيق مع كافة الشركاء، خلال الأيام المقبلة على وضع الأسس المشتركة للمُضي قُدماً في إعادة الإعمار للقطاع دون إبطاء، ونعتزم في هذا السياق استضافة مؤتمر التعافي المبكّر وإعادة الإعمار والتنمية، والذي سيُبني على خطّتكم لإنهاء الحرب في غزة، وذلك في سبيل توفير سبل الحياة للفلسطينيين على أرضهم ومنحهم الأمل، فالسلام لا يكتمل إلا حين تمتد اليد للبناء بعد الدمار.
مستقبل مشرق
تابع الرئيس السيسي: إننا نستشرف مستقبلاً مشرقاً لمنطقتنا تُبنَى مُدنه بالأمل بدلاً من أن تُدفن ذكريات أصحابها تحت الأنقاض، فأمامنا فرصة تاريخية فريدة، ربما تكون الأخيرة، للوصول إلى شرق أوسط خالٍ من كل ما يهدد استقراره وتقدمه، شرق أوسط تنعم فيه جميع شعوبه بالسلام والعيش الكريم ضمن حدود آمنة، وحقوق مصانة، شرق أوسط منيع ضد الإرهاب والتطرف، شرق أوسط خالٍ من جميع أسلحة الدمار الشامل، هذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي تتطلع مصر إلى تجسيده بالتعاون مع شركائها إقليمياً ودولياً.
وأكد الرئيس السيسي، أن اتفاق اليوم يمهِّد الطريق لذلك، ويتعيّن تثبيته وتنفيذ كافة مراحله، والوصول إلى تنفيذ حلّ الدولتين على نحو يضمن رؤيتنا المشتركة في تجسيد التعاون المشترك بين جميع شعوب المنطقة، بل التكامل بين جميع دولها.
وقبل أن يختم الرئيس السيسي كلمته، أضاف: وتقديراً لجهود الرئيس دونالد ترامب، فإنني أودّ أن أعلن أمام الحضور الكريم قرار مصر إهداء فخامته “قلادة النيل”، وهي الأرفع والأعظم شأناً وقدراً بين الأوسمة المصرية، وتمنح لرؤساء الدول ولمن يقدمون خدمات جليلة للإنسانية.