د. عبدالله عزب: مصيبة كبيرة لا يسدها شيء
د. اعتماد عبدالصادق: من رحمة الله أن أمتنا لا تخلو من عالِم
د. علي منصور: العوض من الله
تحقيق: مروة غانم
بعد وفاة “أسد السنَّة وكبير المحدِّثين” د. أحمد عمر هاشم- عضو هيئة كبار العلماء، رئيس جامعة الأزهر سابقا- ذلك العالم الجليل الذى كان يجمع بين وقار العالم وتواضع الولي، فصيح اللسان، بليغ البيان، يجرى على لسانه القرآن والسنّة، قضى عمره كله فى خدمة الحديث النبوى والرّد عن رسول الله والدفاع عن سنَّته .
فـ”موت العالِم” ليس كموت غيره من العوام، بموته تنطفىء مصابيح الهُدى التى تنير للناس الطريق، وتنقطع أنفاس عطرة، كانت تذكُر الله وتذكِّر به غيرها، فموت العالِم حدث جلَل ومصيبة للأمة، وكما قال النبى: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤوسا جُهَّالا فسُئِلوا فأفتوا بغير علم، فضلُّوا وأضلّوا”.
فموت د. أحمد عمر هاشم فقْد لعلم غزير امتد عقودا طويلة فى ميادين الدعوة وخدمة الحديث النبوى.
حول رحيل العلماء، وكيف يكون العِوض؟ وكيف نسد فراغهم؟ كان هذا التحقيق.
يؤكد د. عبدالله محيى عزب- العميد السابق لأصول الدين بالقاهرة- أن موت د. عمر هاشم مصيبة كبيرة، وفقْد لركن ركين من علماء السنَّة بالأزهر، فقد كان من أكابر علماء السنّة عاش عُمره باحثا ومدقِّقا فى سنّة رسول الله، مدافعا عنها ضد من ينكرها، فكان فارسا من فرسانها، رزقه الله حسن البيان وفصاحة اللسان، لذا نعتبر موته مصيبة كبيرة، وقد قال الامام التابعى أيوب السختيانى:” إنه ليبلغنى موت الرجل من أهل السنّة فكأنما يسقط عضو من أعضائى!”. لذلك كان موت العلماء مصيبة عظيمة لا يسدها شيء لأن موتهم يعنى فقدان العلم والمعرفة مما يؤدى الى ضلال الناس واتّباعهم للجهَّال الذين يفتون بغير علم فتصبح الأمّة عُرضة للهلاك والفساد، وفقدان العلماء يدعو للأسف والحزن لأنهم ورثة الأنبياء ومصابيح الهدى .
ويطالب د. عزب الأمة الاسلامية بأن تتضرع الى الله أن يجبر مصابها ويعوّضها خيرا فى فقْد هذا العالم الجليل بعالم آخر يحذو حذوه، أو أن يعوّض أمتنا بعلماء آخرين يقومون مقامه ويحملون عبء العلم والدعوة، وهو دعاء بالصبر على المصيبة التى سببتها فتنة موت عالمنا الجليل فنقول: “اللهم أجرنا فى مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها”.
مصابيح الدجى
يوافقه الرأى د. على منصور- عميد كلية الدعوة بالقاهرة- قائلا: أهل العلم الربانيون هم ورثة الأنبياء، مصابيح الدجى والهداة والقدوة، حصن الدين وناشرو الفضيلة ومكارم الأخلاق، وكما قال الإمام أحمد بن جنبل:” الناس أحوج الى العلم منهم الى الطعام والشراب، لأن الطعام والشراب يُحتاج اليه فى اليوم مرتين أو ثلاثا والعلم يُحتاج إليه فى كل وقت”.
يضيف: فقد العلماء خسارة لا تعدلها خسارة، ومصيبة تصيب الأرض، ولذلك قال ابن مسعود:” موت العالم ثلمة فى الاسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار” بقاؤهم نعمة من الله مستشهدا بحديث النبى: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء”.
ويشدد على أن موت العالم لا يعوضه شيء فهو خسارة كبيرة تحل بنا والعوض من الله فهو المأمول عند كل نازلة .
أشراط الساعة
تناولت خيط الحديث د. اعتماد عبدالصادق- العميد الأسبق لإسلامية بنات القاهرة- مؤكدة أن مسألة انتزاع العلم بقبض العلماء من المسائل المهمة التى بيَّنها النبى، وهناك أدلة من السنّة النبوية توضح ذلك منها حديث أنس بن مالك: “من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا”، وكذلك: “يتقارب الزمان وينقص العمل، ويلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج. قالوا: يا رسول الله أيما؟ قال: القتل. قالوا: أكثر مما نقتل؟ قال: إنه ليس كقتلكم المشركين، ولكن قتل بعضكم بعضا”، قالوا: ومعنا عقولنا؟! قال: إن أناسا من أمّتى ليخطئون العقل وينزع الله من قلوب العلماء حتى لا يبقى عالم فيتخذ الناس رؤوسا جهَّالا، فيُسألون فيفتون بغير علم فيضلّون ويضلّون”.
تضيف: من مظاهر رحمة الله بهذه الأمة وجود العلماء الربانيين فى كل عصر، فهذه الأمة لا تخلو من قائم لله بحجة. وكذلك بركة العلم الموروث، فالعلماء ورثة الأنبياء كما أخبرنا النبى وهذا الإرث النبوى مستمر الى قيام الساعة يحمله العلماء فى كل جيل، بالاضافة الى حفظ الله لكتابه وسنّة نبيه حيث قال تعالى: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”، فالسنة النبوية محفوظة بحفظ الله لها .
وتلفت د. اعتماد، الى أنه بالرغم من كثرة الفتن إلا أن الله يسَّر سبل طلب العلم ونشره بما لم يتيسر فى عصر من العصور، وذلك من خلال وسائل الاتصال والتقنية الحديثة ودور العلم والمعاهد الأزهرية وجامعة الأزهر حصن اللغة والدين وقِبلة العلم والعلماء .
********