بقلم الداعية
د.نيفين مختار
لحظات هى قاسية جدآ ومؤلمة آلما شديدا عندما تبحث عمن تحب ولا تجده، ومع كثرة الفقد وذهاب الكثيرين وتعرض الإنسان فى حياته لمواقف تدمى القلب، تجعله يتقلب ويتحسر على ما خسره فى هذه الحياة كأن يفقد إبنا أو أما أو أبا أو أخوات أو أصدقاء أو أساتذة علم، وإذا لم يكن الإنسان على درجة عالية من الإيمان فسوف يعيش لوعة الفراق الأليم ولا يستطيع أن يكمل مسيرة حياته، لكنها للأسف هى الحياة يعيشها الإنسان بحلوها ومرها، يعيشها بضعفه أحيانا وبقوته فى وقت آخر، لكن هناك أوقات تمر على كل منا يفقد فيها حتى قدرته على المقاومة أو التوازن فيقع وتتلقاه الحياة الحزينة فترميه على شاطيء الأحزان فيجلس يفكر فى أحزانه التى تعتصر قلبه، فإذا بموج عات يضربه حتى كاد أن يحطمه، فيفيق مع تلك اللطمة القوية ليتذكر أن الأحزان تميت القلوب وتوقفها عن العمل الذى هو فى أشد الحاجة إليه كى يهب لمن رحل حسنات توضع في ميزانهم، فيبدأ البحث عن الطريق الموصل للخير لهم فيمضى مشوار حياته مرة ثانية بدون من فقد، ويفكر طويلا وإذا به يهتدى إلى أن بداية الطريق هو الله، نعم الله سبحانه وتعالى هو من سيأخذ بيديه، فيبدأ بالدعاء أن يعينه على آلامه ويعطية بارقة أمل كى يبدأ حياته من جديد، فيجد أن القرب من الله هو أجمل طريق كى يعبر المحن ويتجاوز آلام الفراق، وما أجمل القرب بالقرآن الكريم كلامه سبحانه.
توقفت لحظات قليلة أسترجع كلام الله فى كتابه أين أجده؟ فإذا بى أتوقف عند قوله تعالى: (ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) فأدركت أن الخير كله فى الرضاء بما كتبه الله، فالإنسان ليس له حول ولا قوة، وليس فى يده رد قضاء الله، فالأفضل له الاستجابة لكلامه سبحانه كى يحصل على الأجر والثواب والخير الوفير الذى وعده عباده لمن يصبر منهم على قضائه، فقد وعده بدخول الجنة دون الوقوف للحساب مع بقية البشر بل سيتفوق عليهم ويدخل الجنة بصبره دون حساب كما قال سبحانه: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). نعم الصبر على ألم فراق الأحبة يعصر القلوب لكن أجره عظيم وثوابه جزيل والعطاء من الله واضح وهو الجنة بغير سابقة حساب، وهؤلاء كما وعدهم الله عليهم صلوات منه، فما هى تلك الصلوات من الرحمن على عباده؟ إنها رضاه، إنها الرحمات التى تتنزل، إنها العفو والعتق من النار، بل إنها السكينة التى ينزلها الله على عباده الراضين بقضائه وقدره، لذا على كل منا التسليم بقضاء الله والرضا عن أفعاله سبحانه حتى ننال الدرجات التى أعدها الله للصابرين، وألهمنا الصبر والسلوان، ونسأل الله لمن فقدناهم نعيما لا ينقطع أبدآ فى جنة عرضها السموات والأرض، ولذة النظر إلى وجهه الكريم، ونحن جميعا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، وأرفق بقلوبنا يا رب العالمين فقد باتت تتألم بشدة حتى أصبحت تدمى دون أن تتحدث من فراق الأحبة.