د. سعيد داود: أرفع الناس مكانة في الدنيا.. والأعلى درجات في الجنة
د. هشام عبدالعزيز: رعاية خاصة لحملة القرآن
د. سراج الدين سليمان: دعاة الحق يخرجون الناس من الظلمات الي النور
أدارها: جمال سالم
تابعها: محمد الساعاتى
أكد المشاركون في ندوة “مكانة أهل القرآن” التي نظمتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع “عقيدتي”، علي هامش المسابقة العالمية للقرآن الكريم، أن حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته اصطفاهم بحمل كتابه العظيم وتحفيظه لبقية الأمة، وأشاروا إلي أهمية تخلق المسلمين عامة وأهل القرآن خاصة بأخلاق القرآن اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصفته أم المؤمنين السيدة عائشة- رضى الله عنها- بأن “خلقه القرآن” وكان “قرآنا يمشي علي الأرض”، وأوضحوا أهمية المسابقات القرآنية في تشجيع أهل الله وخاصته علي الحفظ أيا كان عمره وفي هذا فليتنافس المتنافسون من الجنسين والأصحاء أو ذوي القدرات الخاصة الذين يعدون آية من آيات الله.
تحدث الزميل جمال سالم- نائب رئيس تحرير عقيدتي- فوجه الشكر للدكتور محمد مختار جمعة على رعايته لأهل القرآن الكريم وتواصله مع وسائل الإعلام وفي مقدمتها عقيدتي لتكريمهم، موضحا أن القرآن سيظل معجزة الله الخالدة حتى قيام الساعة وقد تحدى الله الكفار أن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله ففشلوا وما زال وسيظل التحدي مستمرا إلي يوم القيامة ومصير أعداء القرآن الفشل الذريع بل إنه كلما زاد هجوم أعداء الإسلام علي القرآن وأهله كلما زاد انتشارا وفتح الله قلوبا وعقولا تدخل في دين الله أفواجا وخاصة أن شمول القرآن أنه كتاب تشريع ودستور الأمة وفيه من الإعجاز العلمي الذي أسهم في الدعوة العصرية حتى أن كثيرا من أفذاذ العلم في العالم دخلوه بعد أن أثبت العلم تطابق ما جاء في كتاب الله المسطور مع الموجود في كتاب الله المنظور، ومن إعجاز القرآن التي نراه في المسابقات القرآنية أن المتسابقين الأعاجم الذين لا يجيدون الحديث بجملتين بلغة القرآن يحفظونه كاملا وبالقراءات ، وهذا أمر يعجز العقل علي تفسيره ، كما أن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي لا يمل المسلم من قراءته بل إنه كلما كرره زاد إحساسا بحلاوته علي عكس أي كتاب مسطور مهما كانت بلاغته يمل القارئ من تكراره، وكذلك من إعجاز القرآن التنافس في حفظه من الجميع شيوخا وأطفالا، أصحاء وذوي احتياجات خاصة حتى رأينا من مرضى التوحد من يحفظه بأرقام الآيات، وسيظل عطاء القرآن متجددا إلي يوم القيامة لأنه محفوظ من الله القائل “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”.
أهل الله
وتحدث د. سعيد محمد داود- محكم دولي في المسابقة العالمية للقرآن، من وزارة الأوقاف الفلسطينية- فأوضح أن أهل القرآن هم خيار هذه الأمة في كل العصور وقد اصطفاهم الله ويكفيهم فخرا أنهم “أهل الله وخاصته” وقد بشرهم بهذا رسول الله حين قال “إن لله تعالى أهلين من الناس. قالوا: يا رسول الله، من هم؟ قال: هم أهل القرآن أهل الله وخاصته”، كما أن حافظ القرآن الكريم يرتقى في درجات الجنة بقدر ما معه من القرآن فقال رسول الله: “يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق، ورتِّل كما كنت ترتِّل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها” بل إن القرآن الكريم يشفع لهم فقال رسول الله يقول: “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه”.
وأوضح د. داود، أن من يحبه الله ييسر له حفظ القرآن والعمل به والتخلق بأخلاقه وتدبر آياته وتحفيظه لغيره فقال الله سبحانه وتعالى “وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ” كما أن تكريم الله لأهل القرآن ليس في الدنيا فقط بل في الآخرة أيضا حتى أن القرآن يقدم صاحبه عند الدفن، فقد جاء حديث جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: “أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟” فإذا أشير إلى أحدهما قدَّمه في اللحد، ويكفي حملة القرآن بأنه سبب نزول ملائكة الرحمة ونشر السكينة والرحمة عندما يقرأ ويحفظ القرآن للبشر بحسن تلاوته كما نزل من الله علي رسوله عن طريق أمين الوحي جبريل فقال الله تعالي “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا”.
رعاية وتكريم
وأوضح د. هشام عبدالعزيز- وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد والقرآن الكريم- أن وزارة الأوقاف بقيادة د. محمد مختار جمعة، تولي القرآن الكريم عناية خاصة عن طريق التوسع في كل وسائل تحفيظ القرآن وتشجيع مختلف الفئات العمرية من خلال المدارس القرآنية ومكاتب التحفيظ والمسابقات الدولية والمحلية وكل وسائل نشر القرآن، ولهذا فإنه بحق إمام المجددين في الفكر الإسلامي وممن يدافعون عن الإسلام في الداخل والخارج لإظهار سماحة الإسلام وتفنيد الأفكار الضالة لأصحاب الفكر المنحرف الذي أساء فهم آيات القرآن وأساؤوا للإسلام والمسلمين.
وقال د. هشام: نحن نتقلب في نفحات الزمان وهو شهر رجب حيث أكرم الله تعالى فيه رسوله الكريم بمعجزة الإسراء والمعراج، ونفحة المكان فنحن نجلس بين أهل القرآن الكريم خيار هذه الأمة بشهادة رسول الله “خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه” ولم يقل خيركم من حفظ القرآن وحفظه، وإنما من تعلم القرآن وعلمه، فمع حفظ القرآن الكريم وتلاوة آياته لابد أن نتعلم العلم فقال رسول الله “من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدين” لأننا ابتلينا بأناس لا يفقهون ولا يعلمون عن كتاب الله شيئا، وقد يحفظونه أو يحفظون بعض آياته لا يفهمونه على الوجه الصحيح فيضلون ويضلون غيرهم، فقد خلا عمر بن الخطاب ذات يوم فجعل يحدث نفسه، فأرسل إلى ابن عباس، فقال: كيف تختلف هذه الأمة وكتابها واحد ونبيها واحد وقبلتها واحدة؟! قال ابن عباس: يا أمير المؤمنين إنا أنزل علينا القرآن، فقرأناه وعلمنا فيما نزل، وإنه يكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن لا يعرفون فيم نزل، فيكون لكل قوم فيه رأى، فإذا كان لكل قوم فيه رأى اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا، فزجره عمر، وانتهره وانصرف ابن عباس، ثم دعاه بعد فعرف الذي قال، ثم قال إيها أعد”. كما ورد عن الفاروق عمر بن الخطاب قوله :”أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: “إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين” أي “يرفع بهذا الكتاب”: أي بقراءته والعمل به، “ويضع به ” أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه.
وأشار د. هشام، إلي أن الله أنعم علي حفظة وقراء كتاب الله بمضاعفة الثواب علي قراءة الحرف الواحد من القرآن أضعافاً كثيرة فقال رسول الله “من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن: ألف حرف ولام حرف، وميم حرف” ولهذا يجب أن نكرم أنفسنا بتكريم حفظة القرآن الذين كرمهم الله ورسوله القائل: “إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط” .ويكفي لحافظ القرآن شرفا قول النبي “مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده، وهو عليه شديد فله أجران”.
تكريم شامل
واكد د. سراج الدين محمد سليمان- الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف- أن تكريم الله لحافظ القرآن لا يقتصر عليه فقط بل يمتد إلي والديه اللذين اجتهدا في رعايته وتوجيهه، ولهذا فصاحب القرآن يلبس حلة الكرامة وتاج الكرامة فقال النبي: “يجيئ صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول : يا رب حله ، فيلبس تاج الكرامة . ثم يقول: يا رب زده فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيقال: اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة”، كما قال النبي في حديث آخر: “وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا، فَيَقُولَانِ: بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا، فَهُوَ فِي صُعُودٍ، مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا”.
وأشار د. سراج إلى أن رسول الله حدد فئات المتعاملين مع القرآن الكريم وجزاء كل واحد منهم ليعرف مكانته فقال: “مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ريح لها وطعمها حلو. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مر”.
وأوضح د. سراج، أن الله تعالى يباهى بالمجتمعين على القرآن الكريم الملائكة الكرام فقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال: ما يجلسكم؟ فقالوا: جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا الإسلام، ومنَّ علينا به. فقال: “أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة” وقد كرم الله سبحانه وتعالى حفظه القرآن أيضا كما جاء فى الحديث القدسي “من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله سبحانه وتعالى عن سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه”. كما ثمن النبي مكانة قارئ القرآن فقال: “من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه”. فأي مكانة أعظم من ذلك؟!
ودعا د. سراج، المسلمين للتمسك بكتاب الله حفظا وفهما وتخلقا وتطبيقا في حياتهم حتى يكونوا منفذين للأمر الإلهي “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا…” وقد أجمع المفسرون أن “حبل الله المتين” هو القرآن الكريم لأنه مصدر قوة الأمة وعصمتها من الفتن فقال رسول الله: “يا عليّ إنها ستكون فتنة، فقلت: وما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله عز وجل، فيه نبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تلتبس به الألسن ولا تزيغ به الأهواء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم يتناه الجن إذ سمعته أن قالوا: “إنا سمعنا قرآنا عجبا” من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم”.
وأكد د. سراج أن القرآن الكريم كتاب الإسلام الخالد، ومعجزته الكبرى، وهداية للناس أجمعين، ولهذا فإن من يقرأه ويحفظه ويحفظه لغيره ويعمل ويتخلق به أجر عظيم في الدنيا والآخرة، ولهذا قال الله تعالى: ” كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ”.