الله هو الكريم المجيب، فهو الكريم في ذاته، صفاته، وعطائه الذي لا ينفد، وقد ورد اسمه “الكريم” في القرآن ثلاث مرات، قوله تعالى: “فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”، وقوله: ”وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ”، وقوله: ”يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ”.
وقد ذكر الإمام القرطبي (رحمه الله) أن لفظ “الكريم” له ثلاثة أوجه، وهي: الجواد، الصَّفوح، العزيز، وهذه الأوجه الثلاثة يجوز وصفه (عزَّ وجلَّ) بها.
وليس سبحانه بكريم فحسب، بل هو أكرم الأكرمين، وهو الأعز الأكرم، يقول: ”اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ”، فهو الأكرم الذي لا يُوازي كرمه كرم، ولا يضاهيه نظير، وهو الذي عمَّ الجميع بكرمه وفضله وعطائه، يقول نبينا: ”إنَّ اللَّهَ حيِىٌّ كريمٌ يستحي إذا رفعَ الرَّجلُ إليْهِ يديْهِ أن يردَّهما صفرًا خائبتينِ” (سنن الترمذي).
وإذا رغبت في مزيد من نيل كرم الكريم فخذ بأسباب ذلك، بأن تكون شاكرا لأنعمه عليك، كريمًا مع خلقه وعباده، يقول سبحانه: ”وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ”.
وهو سبحانه المجيب دعاء من دعاه، ونداء من ناداه، فيقول: ”ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ”، فإن كنت مريضًا أو مَدِينًا أو مهمومًا فعليك بنداء القريب المجيب الذي يقول: ”وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.
وإذا كنت مضطرا أو مكروبا فَمَنْ غيره ينجِّيك من كل كرْب ويكشف عنك الضُّرَّ؟ إنه سبحانه الذي أمْره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون: “أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ”، ويقول: “قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ”.
وهذا نبي الله نوح (عليه السلام) يناجي ربّه فيستجيب له: “وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ”.
وهذا نبي الله أيوب (عليه السلام) يدعو: “أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”، فتأتيه الاستجابة: “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ”.
وهذا نبي الله يونس (عليه السلام) يدعو وهو في بطن الحوت: ”فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ”.
فتعلّق بالقريب المجيب دعاءَ من دعاه، الكريم في فضله وعطائه، الغني المغني، العزيز الوهاب، ذي الجلال والإكرام، وقل: يا رب، تُجَبْ وتكرم بإذن الله.




























