قضية أؤمن أنها جوهر كل نهضة حقيقية، “الوعي” في المجتمعات الشعبية، فالوعي ليس معرفة سطحية أو ثقافة محفوظة، بل هو بصيرة ترى ما وراء الأشياء، وتفهم الواقع دون انخداع بالشعارات أو الوعود البرّاقة. “الوعي” هو أن يفكر الإنسان بعقله لا بعاطفته، وأن يسأل قبل أن يصدِّق، ويدرك قبل أن يلوم.
في مجتمعاتنا الشعبية، الطِيْبَة تمتزج بالكفاح، تصنع الكلمة الواعية فرْقًا هائلًا. حين يدرك الأب أن تعليم ابنه مشروع مستقبل، والأمّ أن غرس القيم في بيتها بناء وطن صغير، والشاب أن دوره يبدأ بالعمل لا بالشكوى، حينها تبدأ أولى خطوات الرُّقي.
“الوعي” لا يُولد صدفة، بل يُصنع بالتربية والقدوة والكلمة الصادقة التي تصل إلى الناس دون تعالٍ. فحين يكون لكل إنسان رأي نابع من فهم، ونتعلّم أن نختلف دون خصام، نكون قد وضعنا حجر الأساس لمجتمع قوي يعرف ما يريد. وإلي أين يذهب.
لقد علّمتنا الحياة أن الفقر الحقيقي ليس فقر الجيب، بل فقر الفِكر، وأن الغنى الحقيقي هو غنى الوعي. فكم من شعوب نهضت حين استيقظ وعيها، وكم من أمم تراجعت حين غاب عنها الإدراك. إن الاستثمار في الوعي الشعبي هو أقدس أنواع الاستثمار، لأنه يصنع الإنسان، ويمنح الوطن قلبًا نابضًا بالحياة.





























