نختتم بتوفيق الله تعالى بهذا المقال حديثنا عن مسؤولية الدولة في حماية الأوقاف، ونذكر أهم ما ورد فى المقالات السابقة اختصارا، فنقول: إن الوقف لغة مصدر وقَفَ، وجمعه أوقاف، ومعناه الحبس والتسبيل والمنع. ومعناه في الاصطلاح: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، والوقف نوعان: وقف أهلي أو ذري، وهو ما جعل استحقاق ريعه للواقف نفسه، أو ذريته وأحفاده وأسباطه ونحوهم من قرابته. ومن أمثلته: أوقاف عدد من الصحابة رضي الله عنهم، والنوع الآخر: الوقف الخيري أو العام، وهو ما يصرف ريعُه في وجوه الخير والبر، سواء أكان على أشخاص معينين كالفقراء، أم كان على جهة من جهات البر العامة، كالمساجد.
الأوقاف
والولاية على الوقف سلطة شرعية جُعلت لكل عين موقوفة، فلا بد للموقوف من ناظر يدير شؤونه، ويحافظ على مصلحته من صيانة وعمارة وتنمية وحفظ وصرف لغلته على مستحقيها، والولاية الخاصة هي الأصل في الأوقاف، ومصدرها الواقف نفسه في الغالب، وهي أقوى من الولاية العامة، فمتى وجد للوقف ناظر خاص، فليس للحاكم حق التصرف في الوقف، إلا في الحدود التي تسمح له بها صلاحياته كولي عام، والولاية العامة على الأوقاف هي من باب الولاية العامة على مصالح المسلمين، وهي من اختصاص الحاكم «الولي العام»، ومع توسع الأوقاف وكثرتها وتنوع مصارفها، وكثرة العدوان عليها أُسندت هذه الولاية في العصر الحاضر إلى وزارات الأوقاف في معظم البلدان.
والأصل في الوقف الالتزام بشروط الواقف ما لم تخالف كتابًا، أو سنةً، أو إجماعًا، أو مصلحةً محضة، أو غالبة، واتفق المسلمون على أن الإلزام بشروط الواقف الموافقة للشريعة والمحققة للمصلحة، وإبطال ما خالف ذلك منها هو جزء من مسؤولية الدولة في حماية الأوقاف وتحقيق مقاصدها الشرعية، والولاية على الوقف منوطة بالمصلحة، والناظر ليس له أن يفعل شيئا في أمر الوقف إلا بمقتضى المصلحة الشرعية، وعليه أن يفعل الأصلح فالأصلح، وما خير فيه فهو تخيير مصلحة لا تخيير شهوة وهوى، وتصرفات الناظر على الوقف العام أو الخاص منوطة بالمصلحة، ومقيدة بشرط الواقف،
وقد تقتضي مصلحة الوقف أو المصلحة العامة بيع الوقف وشراء بدل عنه، أو نقله إلى مكان آخر في البلدة نفسها أو غيرها من البلدان، أو استبداله بما هو أصلح للوقف، وأنفع للموقوف عليه، ويجب أن يستأذن فيه القاضي، ولا يصح للناظر أن ينفرد برأيه.
وفى الختام نؤكد حرص الدولة المصرية على حماية الأوقاف، وحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على الضوابط الشرعية التى تنظم الأوقاف واحترام شروط الواقفين، وإصدار القوانين التى تحقق ذلك، وتضمن حماية الوقف وتصرفاته، وهذا ما يؤكد عليه دائما الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وقد أعلن ذلك أمام لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب أثناء مناقشتها لمشروع قانون تنظيم هيئة الأوقاف الجديد، وقال: إن هذا القانون سيسهم في تنمية مال الوقف وتعظيم عوائده لصرفها في مصارفها الشرعية، وأن القيادة السياسية حريصة على الضوابط الشرعية والقانونية لحماية الوقف وتصرفاته.
وفق الله مصر ورئيسها إلى كل ما فيه مصلحة البلاد والعباد.