د. محمد صالح عوض
مدير عام بأوقاف الدقهلية
لا تسأل عن لذّة الكتابة حين تُخلّد ذاتك على الورق، وتبثّ فكرك في مقالةٍ أو كتابٍ يحمل اسمك وتوقيعك، فيغدو الحرف مرآة روحك، والعقلُ المسطور على الصفحات نبضًا من كيانك.
إنها سعادة لا تضاهيها سعادة، حين تمتدّ كلماتك خارج حدودك، لتبلغ قارئًا لا تعرفه ولا يعرفك، في أقصى الأرض أو أقربها، يجلس في عزلته يتأمّل سطورك، فيرى نفسه بين حروفك، ويسكنه ما سكنك، فينشأ بينكما خيط خفيّ من الألفة، وصلة روحية لا تفسّرها المسافات ولا تحدّها الأزمنة.
يا لها من متعةٍ غامرة، أن توقظ كلماتك في قلب إنسانٍ خابية المشاعر، شعلةَ حياة، وأن تثير في فكره الساكن رياح التساؤل، فيتحرّك وجدانه طربًا، ويردّد ما كتبتَ كما يردّد العاشقُ لحنًا يهواه.
هناك، في فضاء الفكر الواسع، تلتقي الأرواح فوق بساط اللغة، وتتوحّد العقول في محراب الحرف، وكأن الكلمة جسرٌ من نورٍ يمتدّ بين قلبين لم يلتقيا جسدًا، لكن جمعهما الفكر والبيان. فسبحان من جعل للحرف سلطانًا، ينفذ إلى القلوب بلا استئذان! وسبحان من بثّ في الكلمة حياةً تخلّد صاحبها، فصار الاسم علمًا، والحرف ذكرى، والفكر ميراثًا من الحب والجمال. ومن ذاق حلاوة هذا الاتصال الخفي، عرف أن الحرف حياة.






























