د. أحمد ممدوح: تشبُّه مرفوض
د. علا الزيات: تحول خطير في فهم الذكورة والأنوثة
تحقيق – خلود حسن
أكد علماء أن ارتداء الشباب للأساور والحظَّاظات أمر منافٍ لكمال الخشونة المطلوبة من الرجل. مطالبين بضرورة الابتعاد عن مثل هذا الأمر حتى لا يقعوا في فى مسألة التشبُّه بالنساء الذي يحرّمه الاسلام .
أوضحوا أن ارتداء الشباب للحظّاظات يعكس تحوّلًا في فهم الذكورة والأنوثة! ويساهم في كسر القوالب النمطية التي تفرض على الرجل مظهرًا معينًا! مشدّدين على أن الإسلام لا يأمر أتباعه بالتميّز أوعدم التشبُّه لمجرد التميّز والمخالفة، وإنما يأمرهم بالأخلاق الحسنة والشمائل الكريمة، ومراعاة النظام العام واحترام الخَلْق .
كانت دار الإفتاء قد نشرت بيانا على موقعها الإلكتروني حول قضية “لبس الرجال للأساور” قالت فيه: “من المتفق عليه شرعًا أنَّه يَحْرُمُ على الرجال التَّحَلِّي بالذهب، فالتَّحلِّي به من زينة النساء؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ رسول الله لم قال: (حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِم) رواه أحمد في “المسند”، والترمذي في “السنن”- واللفظ له-، وصححه، والنسائي في “المجتبى”، متابعة أن الحديث دليلٌ على إباحة الذهب للنساء دون الرجال، وعلى ذلك وقع الإجماع؛ قال الإمام النووي في “شرح صحيح مسلم” «أجمع المسلمون على إباحة خاتم الذهب للنساء وأجمعوا على تحريمه على الرجال»، هذا في الذهب.
أضافت دار الإفتاء: “أَمَّا الفضة فتحلّي الرَّجُل بها تختّمًا أو تحلية لسيفه، أو مصحفه جائز باتفاق الفقهاء، والأصل في ذلك ما ورد في “الصحيحين” عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النبي اتخذ خاتمًا من وَرِق –أي فضة- نقشه “محمد رسول الله”. بينما ذهب جماعةٌ من الفقهاء إلى جواز لبس الطَّوْق للرجل من فضة، وهو ما ذهب إليه المتولي والغزالي من الشافعية، حيث قالا بجواز لبس الرجال للأساور والسلاسل من فضّة قياسًا على الخاتم، حيث إنَّه لا فَرْق بين الأصابع وسائر الأعضاء، بشرط ألَّا يكون فيه معنى التَّشبُّه بالنساء، لأنَّ تحريم الفضة لم يثبت إلَّا في الأواني، أو ما كان فيه معنى التَّشبُّه بالنساء” .
الذهب والفضة
ولخّصت دار الإفتاء فتواها حول حكم لبس الأساور للرجال بقولها: “يَحْرُمُ على الرجال التَّحَلِّي بالذهب، وأما تَّحَلِّي الرجال بالفضة فيباح للرجل اتخاذ خاتم من فضة، أو تحلية سيفه ومصحفه، كما أَنَّه لا مانع شرعًا من لبس الرَّجُل سلسلة من الفضة؛ لما أجازه جماعة من الفقهاء إذا كان مما لا يختص بالنساء عُرْفًا، وليس فيه دلالة على التَّخَنُّث وإلَّا فلا، ويتأكَّد الجواز إذا كان لحاجةٍ معتبرة؛ كأن يكون فيها تعريفه وعنوانه لمَن يحتاج إلى ذلك” .
الابتعاد مطلوب
يقول الشيخ أحمد ممدوح- أمين الفتوى بدار الإفتاء-: شاع بين الشباب موضة ارتداء الأساور والحظّاظات والبناطيل المقطّعة! وهذه الأشياء منافية لكمال الخشونة المطلوبة من الرجل، فالأفضل الابتعاد عن مثل هذا حذرا من الدخول فى مسألة التشبُّه والأفضل للإنسان أن يبتعد عن مثل هذه الأمور.
أضاف: ليس من الضروري أن يكون الشيء حراما حتى يتركه الإنسان، فمن الممكن أن يكون غير حرام ولكنه لا يقلّده أو لا يرتديه إذا كان لا يناسبه مثلًا، فارتداء هذه الأشياء منافية لكمال الخشونة المطلوبة من الرجل، والتشبُّه إنما يكون فيما اختص بالْمُتَشَبَّهِ به عادةً أو طبعًا في جنسِهِ وهيئتِهِ، فإن اختص التشبُّه في جنسه دون هيئته أو هيئته دون جنسه لم يكن حرامًا، ويكون حكمه حينئذٍ راجعًا إلى قصد المتشبِّه، فإن جرى به العُرف السليم فلا كراهة، وإلا فهو مكروه، كما أن تقليد المسلم واتباعه لعادات غير المسلمين وتقاليدهم واتباع كل ما هو جديد -الموضة- في الملبس وغيره، يحرم إذا كان مخالفًا لأحكام الشرع، أو كانوا مختصين بها لأجل كونهم غير مسلمين، وقصد به المسلم مع ذلك تقليدهم فيها من هذا الوجه، أما لو رأى فيها ما يعجبه من جهة الحضارة أو التمدّن أو الأخلاق أو الجمال أو غير ذلك مما لا يخالف الشريعة وأحكامها فلا حرج حينئذٍ، ولا يعد من التشبُّه المنهيّ عنه في شيءٍ.
أوضح الشيخ ممدوح أن الإسلام لا يأمر أتباعه بالتميّز أو عدم التشبُّه لمجرد التميّز والمخالفة، وإنما يأمرهم بالأخلاق الحسنة والشمائل الكريمة، ومراعاة كرامة الإنسان والوفاء بالعهود والمواثيق، ومراعاة النظام العام واحترام الخَلْق والرحمة بهم.
البحث عن هُوية
ومن منظور آخر قال د. محمد خطاب- أستاذ مساعد للتحليل النفسي وعلم النفس-: ارتداء الحظاظات يمكن أن يكون جزءًا من رحلة الشباب في البحث عن هُويتهم الشخصية في هذه المرحلة العُمرية، حيث يسعى الشباب للتميّز عن الآخرين وإظهار فرديتهم، والحظّاظة سواء كانت منسوجة يدويًا أو مصنوعة من مواد معينة يمكن أن ترمز إلى شيء خاص بالشخص نفسه، مثل اهتماماته الفنية أو فلسفته في الحياة أو حتى ذكرياته.
يوضح د. خطاب، اختلاف الحكم على ارتداء الحظّاظات من شاب لآخر حسب القصد والبيئة المحيطة، مؤكّدا أنه إذا كان القصد هو جلب الحظ أو دفع الأذى، فهذا فعل محرم. أما إذا كان القصد منه الزينة، فالأمر يعود إلى العُرف في المجتمع ومدى ارتباط هذه الزينة بالنساء، وفي النهاية يبقى لكل شخص قناعاته الشخصية التي يحدّد على أساسها ما إذا كان هذا الفعل يتناسب معه أم لا.
تحول في المفاهيم
من جانبها توضح د. علا الزيات- رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة المنوفية- بأنه في الماضي كانت الإكسسوارات الرجالية محدودة جدًا مثل الساعة أو الخاتم، أما الآن فإن ارتداء الشباب للحظّاظات يعكس تحوّلًا في فهم الذكورة والأنوثة، ويساهم في كسر القوالب النمطية التي تفرض على الرجل مظهرًا معينًا. مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تؤكد بأن الشباب أصبحوا أكثر انفتاحًا على التعبير عن أنفسهم بطُرق كانت تعتبر في السابق “نسائية”.
وترى د. علا أن الشباب يستخدم الإكسسوارات مثل الحظّاظات كوسيلة للتعبير عن شخصيتهم الفريدة واهتماماتهم، ففي مجتمعات اليوم، حيث تتشابه المظاهر الخارجية، يبحث الشباب عن طرق لتمييز أنفسهم، من خلال الإكسسوارات التي يعتبرونها إحدى هذه الطرق للتعبير عن أنفسهم، وأن هذه الظواهر تعكس التغيّرات المستمرة في المجتمع، حيث تصبح الموضة وسيلة للتعبير عن الذات والانتماء، والتمرّد على التقاليد، وتحدي المعايير الاجتماعية القديمة.
وتؤكد على أهمية الأسرة والمؤسسات التعليمية في القيام بدور فعّال في تربية الشباب على القيم والأخلاق السليمة، وتوضيح أهمية الهُوية الذكورية ودورها في المجتمع، ويجب أن يكون هناك قدوة حسنة من قبل الآباء والمُرِّبين والمشاهير الذين يلتزمون باللباس والسلوك المُحتشم.





























