تطوير المناهج وتحديثها عمل لا يتوقف
الكتاب الجامعى لا يمنع الإبداع.. واستبعاد بعض المؤلَّفات “غير الملتزمة”
حوار: مروة غانم
كشف د. سلامة داود- رئيس جامعة الأزهر- أن الجامعة فى حاجة إلى عشرة آلاف درجة مالية لسدّ العجز فى الكليات المختلفة، مشيرا الى التواصل مع الجهاز المركزى للتنظيم والادارة لتوفير هذه الدرجات، لافتا الى أنه بمجرد توفير الدرجات سيتم الإعلان عنها، ومن ثمَّ البدء فى تعيين أوائل الخريجين بالكليات النظرية والعلمية على حد سواء.
أشاد بمشروع ترجمة الألف كتاب الذى تعكف عليه كلية اللغات والترجمة، لافتا الى تطوير المناهج وتحديثها باستمرار بما يتواكب مع التطور الزمنى واستبعاد المؤلَّفات غير المطابقة للشروط، موضحا الانتهاء من ترجمة أكثر من عشرة كتب لكبار علماء الأزهر.
وأعلن أن الجامعة تعمل على تأسيس تصنيف عالمى خاص بالأزهر من شأنه تصنيف الجامعات العربية والاسلامية وفقا لرؤية علماء الأزهر، نافيا تخلّى الجامعة عن أبنائها، وأن البرامج الخاصة اختيارية لمن يريد الالتحاق بها وليست إجبارية، مشيرا الى رعاية الجامعة للوافدين وتذليل كافة العقبات أمامهم، فضلا عن عقد الندوات والدورات لتحصينهم فكريا، مشيدا بتفوّقهم العلمى والدراسى.
“عقيدتى” التقت به وناقشت معه الكثير من القضايا الشائكة المتعلّقة بالجامعة، وفى السطور القادمة نصّ الحوار.
*بداية نود معرفة إذا ما كان يوجد تجديد أو تطوير لمناهج كليات الجامعة هذا العام أم لا؟
** الجامعة تقوم بتطوير المناهج بشكل سنوى، حيث نقوم باستكتاب كبار الأساتذة فى كافة التخصصات، وكل أستاذ يعرض رؤيته لتطوير المنهج الذى سيدرَّس للطلاب مع الحفاظ على الثوابت الأصيلة التى يهتم بها الأزهر, فنحن نفتح الباب لكل من يريد التأليف والإبداع ثم نقوم بعرض هذه الأعمال الفردية على لجان علمية متخصصة تضم كبار علماء الأزهر فى كافة التخصصات، وتعكف هذه اللجان على اختيار أفضل المؤلَّفات وأجودها بعد مراجعتها بشكل دقيق والتثبّت من كل كلمة بها، والتأكد من التزامها بالمنهج الأزهرى الوسطى المعتدل، ثم يتم تحكيمها، ومن ثم إقرار الأفضل والأجود، لأن الكتب الدراسية ليست هيّنة والمحافظة عليها ورفع مستواها مطلب ضرورى للسير بقاطرة التعليم الى الأمام، فتحديث المناهج يتم بشكل مستمر ولا يتوقف لأى سبب فى الكليات الشرعية والعلمية على حد سواء .
مؤلَّفات مرفوضة
*هل صادف ورفضت لجنة التحكيم مؤلَّفات لأساتذة داخل الجامعة؟
** بالطبع هناك مؤلَّفات تُعرض على لجنة تحكيم المقرّرات الدراسية ويتم استبعاد بعضها لأنها لا تستوفى الشروط المطلوبة، وهذا لحرصنا على اختيار أفضل المؤلَّفات وأجودها كما أننا نريد أن نقدّم لأبنائنا أعلى مستوى فى الفكر والثقافة، فمنهج الجامعة فى اختيار الكتب الدراسية يتلخّص فى عقلية رائعة تؤلّف وعقليات ضابطة تحكم وتعطى التقييم المنضبط لنحصل على منهج علمى متزن يُثرى عقلية أبنائنا ويرتقى بفكرهم .
*هل هذا يعنى أن يلتزم كل أستاذ داخل المُدرَّج الجامعى بالمنهج الذى أقرّته الجامعة دون أى إضافة؟
** بالعكس الكتاب الجامعى لا يمنع الأستاذ من إضافة ما يريد من معلومات، فنحن لا نحجر على فكر الأستاذ ورأيه، بشرط أن يكون فكره منضبطا وسليما ولا ينحرف يمينا أو يسارا .
*هل من جديد لدى الجامعة فيما يتعلّق بتعيين الأوائل؟
** أعلن أنه تم إرسال قوائم بالدرجات التى تحتاجها الجامعة الى الجهاز المركزى للتنظيم والادارة منذ فترة، ونحن بانتظار ما تسمح به الدرجات المالية فى وزارة المالية، فالجهاز المركزى الآن يعمل لتوفير الدرجات التى تحتاجها كلياتنا فى كل التخصصات .
10 آلاف درجة
*هل يمكن اطلاعنا على عدد الدرجات التى تحتاجها الجامعة؟
** نحتاج حوالى 10 آلاف درجة لكن لا ندرى إن كان التنظيم والإدارة ووزارة المالية سيتمكّنون من توفير هذه الدرجات جملة واحدة أم لا؟ فمن المتوقع أن يتم إتاحة ألف أو ألفين أو ثلاثة آلاف درجة لسد العجز، ثم يتم توفير باقى الدرجات تباعا، فبمجرد أن يأتينا رَدّ الجهاز المركزى سنعلن على الفور .
مشروع الألف كتاب
- ماذا عن مشروع ترجمة ألف كتاب؟
** فى حقيقة الأمر هذا المشروع الذى تقوم به كلية اللغات والترجمة يعتبر من مفاخر اللجان، وقد انتهت من ترجمة حوالى عشرة كتب من المتميزة التى يفتخر بها الفكر الاسلامى بعضها للشيخ محمد عبدالله دراز نابغة الأزهر، حيث تم ترجمة كتابه “النبأ العظيم” الى ثلاث لغات للمساعدة على انتشاره فى كافة دول العالم، وهذا الكتاب له قيمة علمية كبيرة جدا لدرجة أن العلماء ينصحون بضرورة أن يكون مع كل مسلم يقتنيه بجانب اقتنائه للمصحف الشريف، كما تم ترجمة بعض كتب الشيخ الغزالى، د. محمود حمدى زقزوق, الى لغات كثيرة, فهى ترجمات جديدة تعرض على ساحة العلم والثقافة لأول مرة .
*كيف نضمن وصول هذه التراجم للفئة المستهدَفة؟
** نحن الآن فى طور الاتفاق مع دور النشر الكبيرة للقيام بنشر هذه التراجم وبإذن الله ستصل للفئة المستهدّفة التى لا تعرف شيئا عن الاسلام ومبادئه السمحة وهذا هو الهدف الأساسى للمشروع الكبير .
*وماذا يعنى تصنيف الجامعة الأخير بأنها ضمن أفضل ألف جامعة عالميا؟ وما هو مردود ذلك على الطالب؟
** تصنيف “التايمز العالمى” الأخير لم تتدخل فيه الجامعة شأن باقى الجامعات العالمية، إنما يأتيها التصنيف من الخارج بناء على رؤية الجهة المصنِّفة وقواعد التصنيف والتى تكون طبقا لأعداد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والأنشطة البحثية وعدد البحوث العلمية المنشورة وما شابه ذلك. وبفضل الله فجامعة الأزهر متميّزة ولها مكانتها العلمية داخليا وخارجيا، وهذا بالطبع له أثر كبير على خرّيجى الجامعة. وبغض النظر عن هذا التصنيف، فالأزهر يتمتع بمكانة فريدة عند غالبية المسلمين فى شتى بقاع الأرض، فالآف يـأتون إلينا ويفضِّلون الدراسة بالازهر فلدينا أكثر من ثلاثين ألف طالب وافد من أكثر من 120 دولة على مستوى العالم, فمصداقية الأزهر وإرثه الثقافى المميَّز وتاريخه الكبير عبر الزمان هو ما دفع هؤلاء للمجىء، فنحن نعلِّم أبناءنا وأبناء المسلمين العلم الصحيح بعيدا عن أى أجندات سياسية وبعيدا عن الإفراط والتفريط، فنعطى العلم خالصا لوجه الله تعالى .
تصنيف الأزهر
*لكن هذه التصنيفات العالمية لا تهتم سوى بالجانب العلمى والعملى فقط ولا تعير الكليات الشرعية أى اهتمام، فأين الكليات الشرعية من التصنيف العالمى؟
** حقيقة هذه التصنيفات العالمية الآن سواء “شنغهاى أو يو اس نيوز” أو غيرها تصنِّف الجامعات من ناحية العلوم العلمية فقط، لكن جامعة الأزهر تعمل الآن على إنشاء تصنيف جديد عالمى تحت مسمّى “تصنيف الأزهر الشريف للجامعات الاسلامية والعربية” وسيعنى هذا التصنيف بالعلوم العربية والشرعية وسيضع معايير لها، ونأمل أن يرى النور قريبا ويكون الأزهر هو من يقوم بتصنيف الجامعات الاسلامية والعربية حسب رؤيته والمعايير التى يضعها علماؤه .
تفوّق الوافدين
*لاحظنا فى السنوات الأخيرة تفوّق الوافدين على المصريين فى الكليات الشرعية لدرجة أن بعض العلماء اعتبر ذلك تفريغا لمصر من هُويتها الفقهية، فهل تتفق مع هذا الرأى؟
** بالطبع لا حظنا ذلك فى نتائج الكليات الشرعية، لكننا لا نفرِّق بين الطالب المصرى والوافد، فكلّهم أبناؤنا ويحملون الفكر الأزهرى المعتدل، فضلا عن أن أكثر علماء الإسلام قديما كانوا من الأعاجم، كالإمام البخارى ومسلم والنسائى والترمذى، كما أن أصحاب الكتب الصحاح الستة أكثرهم إن لم يكن كلهم كانوا من الأعاجم وخدموا حديث رسول الله، بالاضافة إلى علماء اللغة وعلى رأسهم سيبويه وابن جنى, فالعروبة والاسلام لم تعد عروبة عِرق إنما هى عروبة فكر وثقافة, فأنا أشعر بفرحة غامرة حينما يتفوّق الوافدون لكن هذا لا ينفى تفوق أبنائنا المصريين أيضا .
البرامج الخاصة
*البعض يعترض على البرامج الخاصة التى افتتحتها الجامعة مؤخرا، ويطالب بإغلاقها، مبرِّرا رفضه بأن الجامعة منذ انشائها وهى ترعى طلابها وتنفق على الفقراء منهم، فكيف تسعى للتكسُّب بهذه البرامج؟
** الجامعة ستظل تنفق على أبنائها ولن تتخل عن الفقراء بل ستلبّى احتياجاتهم بكل السبل, وهذه البرامج الخاصة المميزة اختيارية لمن يريد الالتحاق بها وليست إجبارية، فضلا عن أن تكلفتها أقل بكثير من نظيرتها فى الجامعات المصرية الأخرى .
*هل يمكن أن نرى شخصية قيادية نسائية تتولى منصب نائب رئيس الجامعة؟
** نحن لا نفرِّق بين الرجال والنساء، فالفيصل هو الكفاءة، فلدينا أكثر من مائة كلية تتولّى منصب العمادة فيها أكثر من نصف عدد هذه الكليات، فالمرأة إذا تقدمت لأى منصب قيادى وكانت جديرة به فهى أولَى به ولا يوجد مانع فى ذلك، فلدينا مستشارة لشيخ الأزهر د. نهلة الصعيدى.
الأنشطة الطلابية
*نريد منكم إلقاء الضوء على الأنشطة الطلابية وأهم الأُسَر بالجامعة؟
** نولى الأنشطة الطلابية عناية خاصة لأهميتها فى تشكيل شخصية الطالب وهى تتنوع ما بين ثقافية وترفيهية ورياضية تلبية لاحتياجات الطلاب ولصقل مواهبهم المختلفة، وكما تعلمون فقد عقدنا المسابقة الحرّة للقراءة ومسابقات فى القرآن, كما شاركنا فى مسابقة “إبداع” وحصل فيها أبناؤنا على مراكز متقدمة على مستوى الجامعات المصرية, وبالنسبة للأُسَر فلدينا العديد من الأُسر الطلابية ومنها “طلاب من أجل مصر” و”أزهريون على المنهج” ولها دور فعال فى تنظيم الفعاليات وعقد المسابقات المختلفة .
الجامعة والوافدون
*وبالنسبة للوافدين، ماذا تقدّم لهم الجامعة، وكيف تحصّنهم من التطرّف الفكرى؟
** الجامعة تهتم اهتماما بالغا بأبنائها الوافدين، فنقدم لهم منحا تعليمية مجانية، كما ننظم لهم باستمرار دورات تثقيفية وتدريبية بالتعاون مع مركز تطوير وتعليم الوافدين والأجانب، وكذا كلية العلوم الاسلامية والعربية للوافدين، كما نحرص على ضرورة استيفائهم المنهج الوسطى المعتدل وعدم انحرافهم يمينا أو يسارا. لذا نعقد لهم برامج وننظم ندوات لتحصينهم فكريا ومواجهة الشُبُهات الإلحادية وقد قمنا مؤخّرا بافتتاح دورة عن الحضارة الاسلامية، بالاضافة الى حرصنا على الالتقاء بهم والتحدث اليهم والاستماع لآرائهم ومناقشتهم فى القضايا التى تشغلهم .
الجامعة والبحث العلمى
*وماذا عن إسهام الجامعة فى البحث العلمى وخدمة المجتمع؟
** الجامعة لها دور كبير فى إثراء البحث العلمى، فهناك الكثير من أبحاث الأساتذة على بنك المعرفة لمن يريد الإفادة منها، كما قمنا بتشكيل لجنة لجمع كل توصيات المؤتمرات التى عقدتها الكليات لبحث ما تم تنفيذه من توصيات تخدم المجتمع، بالاضافة الى تسيير القوافل الشاملة التى تقدم خدمات طبية وتوعوية ومحو أمية وتوزيع مساعدات لغير القادرين والذهاب اليهم فى كل المحافظات انطلاقا من مسئولية الجامعة تجاه المجتمع.
