وهَبَ الله تعالى وطننا الحبيب، كِنَانته في أرضه، مصر أُمّ الدنيا، مكانة خاصة دون غيرها لا يُنازعها فيها أىّ مكان آخر في الكون الذي نعرفه، فلم يذكر كتاب الله المسطور مكاناً تجلّى عليه الخالق سبحانه وتعالى سوى أرض سيناء الغالية، ويقيناً هذا ما جعلها “قِبْلَة” للعالمين وفي كل العصور والأزمنة، طلبًا للأمن والأمان، سعياً وراء طلب المنافع والمصالح الدنيوية أو حتى الأُخروية.
وستظل هكذا إلى أن يشاء الله ويرثَ الأرض ومن عليها، فهو سبحانه القائل على لسان سيّدنا يوسف “ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)”.
وبهذا الفضل والإنعام الإلهي اكتسب أبناؤها الأوفياء المخلِصون حبَّها والانتماء القوي لها على مدى العصور والأزمنة، ومن هنا نقول: إن مصر ولَّادة دائما بالنوابغ والمواهب في كل مجالات الحياة، وهذا ما جعلها “قِبْلَة” للعالم قديمه وحديثه.
وبنظرة سريعة لمؤرِّخ موضوعي على شواهد وأحداث السنوات الأخيرة، بل الأشهر والأيام القليلة الماضية، تتأكّد لديه هذه القناعة، الأزلية الأبدية، فمنذ أيام اشْرَأَبَّت الأعناق وتعلَّقت الآمال بما احتضنته “شرم الشيخ” مدينة السلام من قمّة لقادة وحُكَّام العالم بقيادة ابن مصر بطل صناعة السلام- فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي- لإيقاف نزيف الدّمّ الفلسطيني المُرَاق على أرض غزّة بل الأرض الفلسطينية المحتلّة كلّها، فكان بفضل الله اتّفاق وقف إطلاق النار والعدوان الإسرائيلي على أهالينا العُزَّل في غزّة.
واليوم تتطلّع العقول والأفْهَام إلى منطقة أهرامات الجيزة، متعلِّقة بأعظَم حدث تاريخي حضاري ثقافي، وهو افتتاح المتحف المصري الكبير -السبت المقبل- الذي يجسِّد المعنى الحقيقي لربط الماضى العريق بكلّ كنوزه وتراثه الضارِب في أعماق التاريخ، وما يحمله من آثار فرعونية لمصر القديمة صانعة التاريخ والحضارة الإنسانية، وبين الحاضر بكلّ أدواته وآلياته التقنية الحديثة، بما يخدم ويُيَسِّر نشْر العلوم والمعارف والثقافات والحضارات المختلفة لتكون جسْراً للتلاقى والتلاقح الفكري بين جميع البَشَر لما فيه خدمة الإنسانية وإصلاح المجتمعات والحياة المستدامة للإنسان.
وما بين صُنْع السلام العالمي على أرض السلام والمحبّة شرم الشيخ، وبين موطِن أقدم وأعرق الحضارات الإنسانية القديمة بجوار أهرامات الجيزة وحارسها أبو الهول، وأحدث العواصم العالمية على الأرض المصرية، حيث العاصمة الإدارية الجديدة التي شهدت الاحتفالية الوطنية الكبرى التي أقيمت تحت عنوان “وطن السلام”، بمدينة الفنون والثقافة في إطار الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات السادس من أكتوبر المجيدة. هكذا تقف مصر “رسالة سلام إلى العالم”، مؤكِّدة التزامها بنهْج السلام وصوْنه، باعتباره خيارًا استراتيجيًا ومبدأً راسخًا في سياستها الوطنية والدولية، مدافعة عنه بكل قوَّتِها الناعمة: الدين، الطب، الآثار، التاريخ، الإعلام، الفن، والرياضة، بـ”بصيرة قائد”، يؤمن بأن نصرَ مصر لم يأت بقوّة الجيش فقط بل أولاً بفضل الله، ثُمَّ بقوّة الشعب، مؤكّداً أن الشعب الذي يرفض الهزيمة يعيِنه الله على النصر.
ولـ”تحيا مصر” دائمًا وأبدًا بعقول وسواعد أبنائها الأوفياء المخلِصين في كل وقت وحين.
 
		



























