نعم يا حسرة على العباد الذين يغفلون عما يفعلون ويظنون أنهم هكذا آمنون! فقد أصبحت هناك ظاهرة منتشرة جدآ بين الناس، فالغالبية العظمى تتحدث على بعض من وراء ظهورهم على أى شيء! فتجدهم يعلقون على أى أمر! ويتكلمون من وراء ظهر الشخص الغائب بما لا يرضى الله ورسوله! حتى وإن كان الموقف بسيطا ولا يستحق أن يذكر أو نأخذ بسببه العديد من السيئات! ألم يعلم هؤلاء أن هناك ملكين يسجلان كل شيء على العبد؟! ألم يعلم هؤلاء أن الكلمة كالرصاصة إذا خرجت لم نستطع إرجاعها؟! فإن كانت شرآ من غيبة أو نميمة أو زورا وبهتانا، أخذ العبد العديد من السيئات وكتبت فى صحيفته التى سوف يحكم بها على نفسه يوم القيامة، كما قال سبحانه {ٱقۡرَأۡ كِتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡیَوۡمَ عَلَیۡكَ حَسِیبࣰا} لأنه عندما يقرأ كل شخص كتابه سيتحسر على ما أرتكب من الذنوب التى لم يتب منها! وكذلك التى لم يسترضى من وقع في عرضهم أو استسمحهم وأرجع الحقوق لأصحابها!
لذا نحن فى غفلة شديدة ولن نفيق منها إلا إذا غيرنا من أنفسنا ورجعنا عن تلك الأفعال المشينة التى لا يفعلها إلا من هو قليل الإيمان أو مدعو الإيمان، فمن يقول: قال الله وقال الرسول ثم تجده يضحك فى وجهك ثم يطعنك بخنجر مسموم من وراء ظهرك ويتكلم عليك! هذا فى خطر عظيم! ألم يعلم بأن الله يسمع ويرى؟! ألم يعلم بأنه محاسب على كل لفظ؟! ألم يعلم بأن الدنيا زائلة وسنقف بين يدى الله تعالى يحاسبنا جميعا؟! وللأسف معظم هؤلاء يتصورون أنهم أفضل الناس وأحسنهم؛ لكونهم يصلون ويزكون ويقرأون القرآن! لكنى والله أتصور أنهم يقعون تحت قوله سبحانه {قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِینَ أَعۡمَـٰلًا (103) ٱلَّذِینَ ضَلَّ سَعۡیُهُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَهُمۡ یَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ یُحۡسِنُونَ صُنۡعًا (104)} سورة الكهف. لأن الدين أيضآ معاملات مهذبة بين الناس يشملها الأخلاق وتحيط بها المبادىء.
لذا أتمنى من كل إنسان أن يحسن ما يلقنه للملكين اللذين يسجلان عليه كل شيء حتى الغمزات والهمزات واللمزات، أحسنوا تأليف صحيفتكم حتى إذا استلمتموها يوم القيامة لا تتحسروا على كل شيء مدون بدقة متناهية فى تلك الصحيفة، فالوقت الآن مازال أمامكم طالما أن هناك أنفاسا بداخلنا تدخل وتخرج مازلنا نحيا بها، والحق أن باب التوبة مفتوح لكل إنسان قبل أن تغرغر الروح، عاهدوا الله على تغيير أمر النفس بشيء يرضاه الله كما قال {إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ}.
علينا جميعا أن نعود إلى الله ونتقرب إليه بتوبة نصوحا ونحن نادمين على ما فعلنا ثم نكثر من الأعمال الصالحة لأنها تساعد فى محو الخطايا كما قال سبحانه {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَیِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفࣰا مِّنَ ٱلَّیۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَـٰتِ یُذۡهِبۡنَ ٱلسَّیِّـَٔاتِۚ ذَ ٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّ ٰكِرِینَ}، وأعظم الحسنات ركعتان فى جوف الليل والناس نيام تعاهد الله أثناء سجودك بألا تعود إلى معصية أبدآ، عندها إذا عدت إلى نفس الفعل غصبا عن ارادتك ستستحى من الله وأنت تقف أمامه ثانيا بعد أن نكثت عهدك معه وعدت إلى المعصية مرة أخرى.
أفيقوا قبل يوم القيامة {أَن تَقُولَ نَفۡسࣱ یَـٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِی جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِینَ}، فعندها يتحسر كل إنسان على ظلمه لنفسه وتفريطه فى حق الله ثم حق الآخرين، عندها حقآ يقال: يا حسرة على العباد!





























