يرصدها: حسام وهب الله
المتابع لمسرح الأحداث في الشرق الأوسط يكتشف إن مصر نجحت وبقوة دبلوماسية وعزيمة سياسية بالغة الحسم في تثبيت حالة وقف العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، رغم محاولة حكومة اسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو خرق الاتفاق بكافة السبل، لكن رسالة مصر الحاسمة التي حملها رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، خلال زيارته لإسرائيل، أوقفت المحاولات الإسرائيلية تماما خاصة بعد الرسائل القادمة من واشنطن والتي أكدت وقوفها خلف الرؤية المصرية.
لبنان
ولم تكد جهود مصر تنجح في تثبيت وقف العدوان في غزة إلا وبدأت الدبلوماسية المصرية جهودا في جبهة عربية أخرى وهي الجبهة اللبنانية والتي تمثلت في زيارات دبلوماسية واستخباراتية إلى العاصمة بيروت لمناقشة وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على الجنوب اللبناني، حيث تؤكد التقارير الإعلامية العالمية إن مصر بثقلها السياسي والدبلوماسي تمارس دورها كأحد قادة إقليم الشرق الأوسط لإطفاء نيران الحروب هنا وهناك. وبعد أن نجحت في القضاء على حالة العدوان في غزة، ومن قبل نجاحها في وقف حرب إيران ـ اسرائيل، فإنها وضعت نصب أعينها حماية المقدرات اللبنانية من استمرار العدوان الإسرائيلي عليها.
من جانبه رحب الرئيس اللبناني بأي جهد لمصر يُسهم في وقف الاعتداءات الإسرائيلية وإعادة الاستقرار إلى بلاده، ووفق بيان الرئاسة اللبنانية «أشاد عون بدعم مصر المتواصل للبنان في مختلف المجالات حيث تقود مصر جهودا دولية تدعم من خلالها الرئيس اللبناني، للتهدئة الداخلية، وتعمل في الوقت نفسه، لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب اللبناني، لا سيما أنه صدر بناء على قرار من مجلس الأمن الدولي.
وأكدت التقارير الدبلوماسية الدولية إن مصر
يمكنها أن تقوم بدور مؤثر في احتواء الأزمة اللبنانية، كما فعلت في قطاع غزة، بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية ودول الوساطة الدولية»، فـ«التهدئة في هذه الجبهات (غزة ولبنان) ضرورية وفقاً لمصالح الأمن القومي المصري».
الإعلام العبري من جانبه أكد على ضرورة التفاعل الإسرائيلي الإيجابي مع الجهود المصرية؛ وفي مقال نشرته صحيفة معاريف قالت د عنات ماروم خبيرة الشئون الجيوسياسية في اسرائيل: إن مصر بفضل موقعها الاستراتيجي ومكانتها في العالمين العربي والإسلامي، تُعتبر لاعباً رئيسياً في الساحة الفلسطينية. فهي تستضيف مؤتمرات دولية، مثل قمة شرم الشيخ الأخيرة، مما يعزز مكانتها كشريك استراتيجي للولايات المتحدة، ووسيط معتدل ومسئول وموثوق به في الساحة الدبلوماسية، وفي ظل التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط، يطرأ تغيير جوهري على نهج الولايات المتحدة تجاه مصر. ويحمل انخراط واشنطن الاقتصادي المتزايد مع القاهرة ثقلاً جيوستراتيجياً كبيراً.
السودان
وتصل المساعي المصرية إلى “الفاشر” بالسودان حيث تبذل مصر جهوداً حثيثة لاحتواء التطورات المتسارعة، بعد سيطرة “قوات الدعم السريع” على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، الأحد قبل الماضي، وسط مخاوف من انهيار الوضع الميداني وتغير خريطة القوى على الأرض.
وقد أجرت القاهرة خلال الأيام الماضية اتصالات مكثفة مع واشنطن وعدد من الدول الداعمة للجيش السوداني، وفي مقدمتها تركيا وإيران، بهدف وقف التصعيد ومنع “الدعم السريع” من توسيع نطاق سيطرتها كذلك جرت مشاورات بين مسئولين مصريين وأميركيين، أفضت إلى توافق على عقد جولة محادثات سودانية– أميركية في القاهرة، بحضور كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشئون العربية والأفريقية مسعد بولس، وكان من المقرر أن يلتقي بولس كلاً من رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بمشاركة مسئولين من مصر والإمارات، على أن يتبع ذلك لقاء مباشر بين البرهان وحميدتي.
وتبذل مصر جهدا دبلوماسيا غير مسبوق من أجل سرعة التوصل إلى هدنة إنسانية فاعلة تمهد لوقف شامل ودائم لإطلاق النار، وتؤسس لعملية سياسية شاملة يقودها السودانيون أنفسهم، وتمنع أي محاولات أو مخططات تستهدف تقسيم البلاد أو المساس بمؤسساتها الوطنية.
ليبيا
وفي ليبيا تواصل مصر جهودها لـ”تحقيق السلام وسرعة انخراط كافة الأطراف في عملية سياسية تعمل على تحقيق تطلعات الشعب الليبي الشقيق في الاستقرار والتنمية، وذلك من خلال مسار انتخابي سليم، يهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بالتزامن، مع توحيد المؤسسات الليبية من خلال حكومة جديدة وموحدة”.
والثابت إن مصر ابدت اهتماما كبيرا بالاوضاع في ليبيا في مرحلة ما بعد عهد القذافي(عقب ثورة 17فبراير 2011) حيث استضافت مصر العديد من اللقاءات التي جمعت قوى سياسية وممثلين ليبيين، في إطار المحاولات لإيجاد حل للأزمة بأيدي الليبيبن أنفسهم، فضلا عن مشاركة مصر في مؤتمرات دولية حول ليبيا سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وآخرها مؤتمر باليرمو بجنوب إيطاليا (12 – 13 نوفمبر2018 ) الذي شارك فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذلك الاجتماع الوزاري الـ12 لآلية دول جوار ليبيا بالخرطوم (29 نوفمبر 2018 ) وشارك فيه وزير الخارجية المصري ومازالت تواصل هذا الدور من أجل حقن دماء أبناء الشعب الليبي.
الصومال
دعمت مصر الصومال، فى العديد من المواقف والظروف، وأكدت دورها المحورى فى استقرار القارة الأفريقية، إذ تربط الدولتين علاقات تاريخية واستراتيجية عميقة على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية.
ورفضت مصر مراراً وتكراراً مساعى بعض المجموعات الإرهابية لتفريق الشعب الصومالى وتفكيك الدولة الصومالية وسيادتها واستقرارها، وأكد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى التزام «القاهرة» بدعم مساعى الحكومة الصومالية والجيش الوطنى الصومالى نحو مكافحة الإرهاب بمفهومه الشامل، والذى يتضمن الأبعاد الفكرية والاجتماعية والتنموية والأمنية، مشدداً على حرص مصر على استمرار الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق أوسع للتعاون فى مختلف المجالات، فى ضوء العلاقات الأخوية الوثيقة والمصالح المشتركة التى تربط بين البلدين.
وفى العديد من المناسبات، أكدت مصر موقفها الداعم لوحدة وسيادة الصومال وسلامة أراضيه، وحرصها على مواصلة التنسيق والتعاون مع الأشقاء الصوماليين والشركاء الدوليين لدعم مسار تحقيق الأمن والتنمية فى البلاد، انطلاقاً من الروابط التاريخية والأخوية التى تجمع الشعبين المصرى والصومالى وهو ما أدى في النهاية إلى تراجع أطماع دول الجوار وأبرزها أثيوبيا في الصومال ونجحت مصر في وقف محاولة أثيوبيا اقتطاع جزء من الصومال ليكون نافذة لها على البحر الأحمر.
تحذير اسرائيلي لأثيوبيا
المثير إن وسائل الإعلام العبرية وهي ترصد الجهود المصرية الإقليمية سارعت إلى تحذير أثيوبيا من تعاظم الدور السياسي والدبلوماسي المصري بشكل كبير خلال السنوات الماضية وتأكيد المجتمع الدولي سواء على مستوى القادة والحكومات أو حتى الشعوب على ثقتهم في نزاهة الدور المصري الساعي لإقرار السلام وإطفاء نيران الصراعات المختلفة في الشرق الأوسط وهو ما يعني إن الحكومة الإثيوبية ستكون في ورطة كبيرة عندما تطرح مصر قضية سد النهضة أمام المجتمع الدولي سيكون الموقف المصري قوي بحكم علاقاتها ودورها الاستراتيجي في حين سيكون الموقف الاثيوبي في أضعف حالاته.





























