لا شك أن فضيلة ضبط النفس نحن في أمسّ الحاجة إليها، حفاظاً على صحتنا سواء على المستوى الخاص في داخل بيوتنا ومع أقاربنا، أو على المستوى العام مع جيراننا ومع أصحابنا وفي السفر والحضر ونحن على الطريق، وفي الملاعب وأثناء مشاهدة المباريات وبعد انتهائها مهما كانت نتائجها.
وضبط النفس يعني كظم الغيظ، ولذلك أثنى الله تعالى على الكاظمين الغيظ فقال سبحانه: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) وذكر من صفاتهم (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} يقال: كظم غيظه أي سكت عليه ولم يظهره مع قدرته على إيقاعه بعدوه.
ويتضح ذلك في عدة مواقف منها:
– سرعة الغضب والانفعال، والتأثر لأفعال وردود أفعال لم تدرس عواقبها، وهي التي تجر علينا الويلات؛ روى البخاري عن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه (أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ).
والمعروف أنّ الغَضَبُ غَريزةٌ رَكَّبَها اللهُ في طَبيعةِ الإنسانِ، وهو انفعال يترتب عليه فَوَرانِ في دَمِ القَلبِ؛ وقد جَمَعَ عليه السلام في قَولِه: «لا تَغضَبْ» خَيْرَيِ الدُّنيا والآخِرةِ؛ لأنَّ الغَضَبَ يَؤُولُ إلى التَّقاطُعِ ومَنعِ الرِّفقِ، ورُبَّما آلَ إلى إيذاءِ المَغضوبِ عليه.
ولَعَلَّ السائِلَ كان غَضوبًا، وكانَ النَّبيُّ يَنصَحُ كُلَّ واحِدٍ مِن أصحابِه بما هو أَوْلى به ويَحتاجُه؛ فلهذا اقتَصَرَ في وَصيَّتِه له على تَركِ الغَضَبِ؛ أي اجتَنِبْ أسبابَ الغَضَبِ، ولا تَتعَرَّضْ لِمَا يَجلِبُه عليك من انفعالات.
– إطلاق اللسان في بعض المواضيع دون دراسة أو تفكير وقد جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قوله: “لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِه، وقَلْبُ الأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِه”والمراد بهذا، أنَّ العاقل لا يطلق لسانه إلَّا بعد مشاورة الفكر، بينما الأحمق تسبق زلات لسانه، وفلتات كلامه مراجعة فكره، فكأنَّ لسان العاقل تابع لقلبه، وكأنَّ قلب الأحمق تابع للسانه وفي هذا توصيف رائع لحالة بعض الناس ببلاغة لا نظير لها.
–





























