كلمة خطيرة جدا لأن عليها يقوم الدين، فعندما سأل أحدهم الرسول- صل الله عليه وسلم- عن أكثر ما يُدْخِل الجنة؟ فقال: (تقوى الله وحُسْن الخُلُق)، فلماذا التقوى؟ لأنها تعنى أنك تخاف الله وتراقب نظره لك فى كل موقف، ودائما تسأل نفسك: هل هذا الموقف يرضى الله أم لا؟! فدائما تفعل الأوامر التى أمرك الله بها وتسعى بكل الطُّرُق إلى اجتناب نواهيه.
ومن هنا نجد أن التقوى هى أن تجعل بينك وبين محارم الله أو ما يغضبه وقاية، أى حاجزا تقى به نفسك من النار، وكأن العبد ليترك المحظور يستغنى أيضا عن بعض المباحات التى قد توقِعه فى شُبهة كما قيل (إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثيرا من الناس، فمن اتقى الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه، ومن وقع فى الشُّبهات وقع فى الحرام).
ولأن التقوى تقارب الورع فقد بشَّر الله تعالى المتقين بأن جعلهم من أوليائه الصالحين فقال سبحانه: {أَلَاۤ إِنَّ أَوۡلِیَاۤءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ (62) ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ یَتَّقُونَ (63)} فجعل التقوى مع الإيمان من أسباب الاطمئنان والسعادة فى الدنيا والآخرة، بل هناك بشارات للمتقين، فقال سبحانه: {وَقِیلَ لِلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ مَاذَاۤ أَنزَلَ رَبُّكُمۡۚ قَالُوا۟ خَیۡرࣰاۗ لِّلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ فِی هَـٰذِهِ ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣱۚ وَلَدَارُ ٱلۡـَٔآخِرَةِ خَیۡرࣱۚ وَلَنِعۡمَ دَارُ ٱلۡمُتَّقِینَ} وأيضا {إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَیَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَـٰنُ وُدࣰّا (96) فَإِنَّمَا یَسَّرۡنَـٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلۡمُتَّقِینَ وَتُنذِرَ بِهِۦ قَوۡمࣰا لُّدࣰّا (97)}. والتقوى وعدنا الله تعالى بأن جزاء من يفعلها الجنّة ونعيمها {لَـٰكِنِ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَا نُزُلࣰا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۗ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَیۡرࣱ لِّلۡأَبۡرَارِ} وقال {تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِینَ لَا یُرِیدُونَ عُلُوࣰّا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادࣰاۚ وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِینَ}. ورغم الثواب الكبير لمن يتّقى الله نجد كثيرا من الناس يقعون فى أعراض بعض ويتكلّمون على بعض فى غيبتهم بما لا يُحمد عقباه! ألا يعلم هؤلاء أنهم إلى الله راجعون وعن كل صغيرة وكبيرة محاسبون؟! ألا ينتبهوا لمن يجلس معهم من الملائكة ويسجِّل عليهم كل شيء، هل حقًّا هم فى غفلة عن أن الله يراهم ويسمعهم؟! ولذلك حذّرنا النبيُّ فقال: (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالِق الناس بخُلُق حَسن). وحقًّا هناك أناس لا تخشى مقام الله ولا تخافه فيقعون فى المحذور وهم لا يدرون بل يتصوّرون أنهم غير محاسبين على أفعالهم رغم أن النبي حذر من الخوض فى أعراض بعض أو أن نغتاب بعض فقال: (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرىء من الشَّرِّ أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعِرضه).
فاتقوا الله واتركوا المعاصى مخافة الله بل اتركوها حُبًّا لله، فإنه يحب المتقين ويجعل العبد التقى فى معيّته فيكفِّر ذنوبه ويعطيه الأجر والثواب الجزيل، بل إن الله يُعينه وينصره دائما، ووالله يكفيكم شَرَفًا وفخرًا يا من تتقوا الله، محبّة الله لكم، فمن نحن حتى يحبّنا الله! عباد الله كونوا مع المتّقين حتى تفوزوا برضا ربِّ العالمين.





























