د. دينا الشربيني: جهل وتخلف وموت للضمير الإنسانى
د. أميمة أبوحساب: البنت هبة من الله.. وعطية نفيسة يجب إكرامها
د. ميادة حسين: مسئولية الدراما تصحيح المفاهيم
تحقيق: مروة غانم
فى واقعة يشيب لها الولدان، ولا تنذر بانهيار القيم الأخلاقية والمشاعر الانسانية فقط، إنما تدل على موتها ودفنها!
حادثة فريدة من نوعها هزَّت أركان المجتمع المصري وأرجعتنا لزمن الجاهلية وعاداته المتحجّرة، حيث تجرّد أب من كل مشاعر الإنسانية وأقدم على “دهس” ابنته الرضيعة بقدميه من غير حول لها ولا قوة، ولا ذنب جنَته سوى أنها إبنة لهذا الوحش الكاسر! حتى الوحوش بريئة منه لأنها رحيمة على صغارها تدافع عنهم بكل ما أوتيت من قوة اذا ما تعرّض لهم عارض!
لكن هذا الأب خالَف فطرته السوية واستبدل قلبه بقطعة من الحجر وأقدم على فعل إجرامى فى حق طفلته، حيث أنهى حياتها و”دهس” رأسها بقدميه انتقاما من والدتها لأنه كان يريد “ولدا”!
نحاول فى هذا التحقيق التصدى لهذه السلوكيات الإجرامية ومعالجتها من قِبل الخبراء والمتخصصين. فتقول د. ميادة حسين- عضو هيئة التدريس بإعلام بنات الأزهر-: هؤلاء قلوبهم كالحجارة بل أشدّ قسوة! فقد ميّز الله الإنسان بالعقل والرحمة لكن مثل هذا الأب لا رحمة فى قلبه ولا ذرّة من إيمان لديه، لأنه لو كان مؤمنا بقضاء الله وقدره ما ارتكب هذا الجرم .
تصحيح المفاهيم
أضافت: الإعلام خاصة الدراما عليها دور كبير فى تصحيح المفاهيم المغلوطة فى المجتمع، وذلك من خلال عدة محاور: بداية من إظهارالجانب الدينى وموقف الشريعة من إنجاب الإناث والحثّ على تكريمهن وتشريفهن والإحسان إليهن، والتحذير من الاعتداء عليهن، بداية من الأنثى الرضيعة وتحريم وأد البنات منذ بزوغ فجر الإسلام، فضلا عن تحريم العنف ضد المرأة ومنحها كافة الحقوق كحق رعايتها والإنفاق عليها وحقها فى التعليم واختيار الزوج المناسب وعدم إجبارها على الزواج، وانتهاءً بحقّها فى الميراث وعدم بخسها أى حق من حقوقها التى أقرّتها الشريعة .
أشارت الى ضرورة قيام الأعمال الدرامية والبرامج المتخصصة بتوضيح العقوبة القانونية للجرائم التى تقع داخل الأُسرة سواء من جهة الآباء نحو الأبناء أو العكس حتى تكون رادعا لكل من تسوّل له نفسه إيذاء أبنائه أو بناته .
موروث جاهلى
واستنكرت د. دينا علم الشربينى- مدرّس الاجتماع ببنات الأزهر- العنف ضد البنات وكراهية إنجاب الإناث فى بعض الأسر، مؤكدة أنه من الظواهر السلبية والموروثات والأعراف الجاهلية فى المجتمع، مستشهدة ببعض الأمثال الشعبية التى تعزّز وجهة نظرها مثل “موت البنات سترة والبنت عار على أهلها!”
أضافت: الكثير من الناس يفضّلون إنجاب الذكور ومن لا يُرزق بالولد تنقلب حياته الزوجية الى أزمة شديدة! ناهيك عن الاضطراب والتوتر داخل الأُسرة، فالمرأة التى تنجب بنات فقط تسيطر عليها مشاعر سلبية وقهر وتكون مهدَّدة فى أى لحظة بالطلاق أو الزواج بأخرى.
وتطالب د. دينا بتشديد الرقابة ووضع الضوابط على الأطباء حيث يُساء استخدام بعض التقنيات الحديثة والتى تعرِّف بنوع الجنين مما يدفع الآباء فى بعض الأحيان الى إجهاض الجنين اذا كان أنثى والإبقاء على الذكر .
وأرجعت هذه السلوكيات الخاطئة الى الفهم الخاطىء لتعاليم الدين، فضلا عن الجهل والتخلّف وموت الضمير الانسانى والتنشئة الاجتاماعية الخاطئة، وانخفاض مستوى التعليم، بالاضافة الى تدخُّل أهل الزوج وانصياعه لأوامرهم .
وتشدّد على أهمية رفع الوعى الدينى من خلال وسائل الإعلام والسوشيال ميديا والعمل على إزالة كافة أشكال التفرقة بين الذكور والإناث مع رفع الوعى حول بناء الأسرة السليمة التى حددها الشرع الحكيم من حُسن اختيار شريك الحياة وضرورة التوافق بين الزوجين .
وأد البنات
توافقتها الرأى د. أميمة أبو حساب- مدرس التفسير وعلوم القرآن، الواعظة بالأوقاف- مؤكدة أن الاسلام كرّم الأنثى بطُرق كثيرة وفى أمور مختلفة، بداية من استنكار العادة الجاهلية السيئة التى كانت موجودة عند العرب وهى “وأد البنات” وقد وصفها تعالى بقوله: “وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)” سورة النحل.
تستطرد: إن كنا نرى هذه الأمور زمن الجاهلية لأنه لم تشرق بعد شمس الإيمان، فما بالنا بزماننا الذى كثرت فيه المفاسد والاعتداء على حرمات الله، حتى أصبح الأب يقتل ابنته كراهة للبنت، وتمييزا للولد عليها؟! فما عذرنا نحن الآن؟ ألم نسمع قول النبى:” من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين”.
وأشارت الى أن المسلم التقى لا يدرى أي ولديه أقرب إليه نفعا: الولد أم البنت؟ بل انه يعلم أن البنت هبة من الله وعطية نفيسة لا تفرق عن الذكر شيئا حيث قال تعالى: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)”، سورة الإسراء.
واستشهدت بمحبّة النبى لبناته وأن الله رزقه أربع بنات فكان يحسن إليهن ويحبهن حبًّا شديدا، فقد ورد عنه قوله عن السيدة فاطمة “فاطمة بضعة منى، يؤذينى ما آذاها، ويربينى ما أرابها”، فعلينا أن نقتدى به- صلى الله عليه وسلم- فى تعاملنا مع بناتنا وفى كافة نواحى الحياة لنعيش آمنين مستقرّين راضين بقضاء الله وقَدره.





























