عنوان غامض لكنه صادم، قد يبدو فيه بعض من الغرابة عندما يقرأه أحد، لكن معانيه قوية وشديدة لا يستطيع أى إنسان عاقل أن يتحمل عواقبه، إنه ببساطة وعد الكاذبين الذين يلعبون على أوتار الثقة التى يعطيها لهم الطيبون الأنقياء الذين لا يعرفون الخبث فى حديث بعض الناس فيصدقون ما يقال لهم ببساطة دون التحرى أو التأكد لأنهم بعفويتهم وسريرتهم النقية لا يصدقون أن المؤمن يكذب أو يوعد الوعد الكاذب! وهؤلاء قال عنهم النبى أنهم منافقين؛ فقال من صفات المنافق (إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان وإذا عاهد غدر).
أيها السيدات والسادة، نصيحة غالية، لا تقدموا على وعد لأى إنسان وتجعلوه يعيش فى وهم كبير ثم لا تنفذوا ما وعدتم به، حتى لا تدخلوا تحت صفات المنافقين، فهناك من الناس من يوعد الآخرين حتى يتقى الإلحاح المستمر، فيوعدهم دون أن تكون لديه الرغبة في التنفيذ، فقط لتجنب كثرة السؤال، لكن هذا محرم أن نجعل الناس تعيش فى الأمانى والتطلعات إلى غد مشرق بهذه الوعود التى هى فى أساسها أوهام، فمن الناس من يوعد أحدهم بأن ييسر له وظيفة فيبات يحلم بما ستحمله له هذه الوظيفة من الخير وهو لا يعلم أن أحلامه ستتبدد عن قريب وأنه بعد أن شعر أن الحياة تبتسم له سيعيش فى وهم خادع، نصب شراكه له بعض البشر التى لا تتقى الله فيمن أئتمنهم، وآخر وعد فتاة بريئة وثقت فيه بالزواج كى يقربها منه لكنه أخلف وعده معها وتركها بعد أن حطم قلبها، والبعض الذى يستسمح أحد الطيبين بشراء شيء له، وبعد أن يفعل ذلك يرجع فيما قال دون التحرى، هل تحمل هذا الإنسان من العناء والتكلفة ما يجعله يخسر من الأموال أو حتى ضيق فى الصدر أو التحسر على عدم تقدير هؤلاء له؟! وغيرهم الكثيرون وكأن هؤلاء وهم يخدعون الناس لا يعلمون أن الكلمة الواحدة قد تلقى بصاحبها فى النار إذا لم يكن صادقا فيها، أرجوكم لا تعدوا أحدا إلا وأنتم قادرون على الوفاء بالعهد. فهذا العهد سيسأل عنه كل إنسان من الله، (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا).
إذن سيسأل كل إنسان عن عهده ووعده مع الآخرين، وهذا عن الوعد الصادق، هل أداه الإنسان بأمانة وعلى أكمل وجه، فما بالكم بالوعد الكاذب! هل يستطيع حقا أى إنسان أن يتحمل الوقوف بين يدى الله، يحاسبه على خداع الناس وبيع الوهم لهم! ياللأسف على من يكذبون على البشر ويجرحون القلوب ويتسببون فى لحظات من الحزن العميق! بل قولوا ساعات وأيام! كل حسب جرمه مع الآخرين؛ وأيضا بحسب مكانته عنده، لماذا لا يعيش الناس فى صدق؟ لماذا لا يراقب كل أحد منا الله فى أقواله وأفعاله؟ لماذا أصبحت الوعود الكاذبة وبيع الأوهام هى سمة البعض منا؟ دعونى أذكركم ونفسى بأننا سنقف جميعا فى موقف عظيم بين يدى الله يحاسبنا على الصغيرة والكبيرة، يحاسبنا بل يسألنا: لماذا إستخففنا بنظر الله لنا؛ وهو يرانا ويسمع من كل منا هذا المكر والخداع للناس؟! اتقوا الله وتفكروا فى أن من يفعل ذلك بغيره قد يعود له ذلك فى أولاده (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا).
عباد الله، راقبوا الله فى تصرفاتكم قبل أن يتحسر كل إنسان فى يوم الموقف العظيم على ما فرط فى حقوق العباد، ولتنظر كل نفس ماذا أعدت لآخرتها حتى لا تندم وتعض على يديها (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون).






























