يُروَى أنه كان هناك ملكٌ ظالمٌ له نفس أمَّارة بالسوء يتبعها ولا يجاهدها، فأراد يوما أن يكيد إلى أحد النجَّارين فطلب منه أن يجمع له ألف شيكارة من نشارة الخشب حتى الصباح، وإن لم يفعل يُحكم عليه بالموت! أصاب النجّارُ اليأس، فهو أمام أمر تعجيزي، فلا مصير ينتظره إلا الموت، فلم ينم ليلته تلك حتى جاءته زوجته المؤمنة فقالت له: نَمْ ليلتك ككل ليلة فالرَّبُّ واحدٌ ولكن الأبواب كثيرة. وفي الصباح استيقظ على صوت طَرَقات بالباب فأيقن أن رجال المَلِك قد قدِموا ليأخذوه ويقتلوه كما توعَّده الملك! فودَّع النجّار زوجته وأولاده وتوجّه نحو الباب وهو يرتجف من الخوف! وبالفعل وجد الرجال بالباب ولكنهم لم يأتوا ليأخذوه ولا ليقوموا بتنفيذ الحُكم عليه بل أخبروه أن الملك قد مات، وإنما جاءوا ليسألوه أن يصنع له نعشًا من الخشب. فنظر إلى زوجته التي أخجلته بقوّة يقينها في الله الواحد الأحد الذي يجد المخارِج ويفتح لهم الأبواب.
قوّة اليقين بالله هي أعلى درجات الإيمان، وهي التي تمنح المؤمن قوَّته النفسية، فقد ترك حوْله وقوّته ولجأ إلى حول الله مدبِّر الأمر وهو يعلم أن قضاءه كله حِكمة، والسؤال الآن: هل قوّة اليقين مكتسَبة أم عطاء ربّاني؟ يستطيع المؤمن أن يزداد يقينا بكثرة تلاوة القرآن وتدبُّره والوقوف على معانيه ووعده ووعيده وتأمُّل أيام الله من خلال القَصَص القرآني “وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور “، وكذلك سيرة الحبيب المصطفى واستخلاص الحكمة والدرس المستفاد من قوله وفعله والتفكّر في أحداث الدنيا والناس، وكذلك الابتهال إلى الله بأن يرزقنا قوّة اليقين «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلّغنا به جنّتك، ومن اليقين ما تهوّن به علينا مصيبات الدنيا…».






























