علماء الدين والنفس: يؤذى المشاعر الإنسانية.. وينافى الأخلاقيات الدينية
كتبت- خلود حسن:
استنكر علماء الدين وخبراء علم النفس انتشار ظاهرة “الذبح الاصطناعي” والتى عُرفت على مواقع التواصل بـ”تريند” (ذبح الحيوان الحلوَى)، حيث يقوم بعض الأشخاص بصُنع حيوان من الكِيك أو الحلوَى بشكل يُحاكي القطَّة أو الكلب الحقيقي، ثم يضعونه أمام الحيوان الحقيقي ويقطَعونه بسكِّين، لإيهامه بأن شبيهه يُذبَح أمامه، مما يسبّب له الخوف والفزع.
حذّروا من أن هذا “الذبح الاصطناعي”، محرَّم لما فيه من صور التخويف والترويع المَنهى عنه شرعًا، سواء للحيوانات الأليفة أو غيرها، كما أنه يؤذى المشاعر الإنسانية خاصة لدى الأطفال.
توضح د. داليا محمد- استشاري الصحة النفسية وعضو الدعم النفسي وعضو مجلس إدارة بجامعة كفر الشيخ- أن قطع الرأس أو جزء محدد قد يثير قلقًا لدى بعض الأطفال شديدي الحساسية في لحظة القطْع الأولى، لكن هذا الشعور سرعان ما يزول مع الإدراك بأنها حلوى ولحْمَها ليس حقيقيًا.
وتشير إلى أن القلق النفسي قد ينشأ فقط إذا كانت الكعكة شديدة الواقعية لدرجة تشبه الحيوان الحقيقي بشكل مخيف، مما قد يُربِك بعض المشاهدين حول ما إذا كانوا يقطعون طعامًا أم شيئًا ذا قيمة حيوية أو رمزية عالية، في هذه الحالة، يمكن أن يُثار شعور طفيف بـ”الصدمة الأخلاقية” أو “الخوف من الوادي الغريب”، وهو شعور غير مريح تجاه التماثيل أو الرسوم التي تبدو قريبة جدًا من الواقع ولكنها ليست كذلك.
ويبيِّن الطبيب البيطري د. فايز نديم، المهمة الأساسية للطبيب البيطري بأنها: حماية صحة الحيوانات وسلامتها ورفاهيتها، وإن كانت الكيكة أو الحلوى ليست حيواناً حيّاً- من وجهة نظر بيطرية بحتة- ولا توجد أي معضلة أخلاقية أو مهنية في تقطيع كعكة على شكل حيوان، فالكعكة مادة غذائية غير حيّة تُستخدم كرمز احتفالي، لا يترتب على تقطيعها أي شكل من أشكال الألم أو المعاناة.
لكنه يرى أن الجهد الأخلاقي يجب أن يركّز على الحدّ من معاناة الحيوانات الفعلية (سواء الأليفة، أو التجريبية) وتحسين ظروف معيشتها، وليس على تمثيلها الرمزي المصنوع من الطعام.
ويؤكد د. فايز، أن التوعية والفصل بين الرمز والواقع في هذا الموضوع نقطة مهمة، حيث يمكن أن يؤكّد (خاصة للأطفال) على أهمية الفصل الواضح بين الكعكة كرمز مبهج لا يحمل أي معاناة، والحيوان الحقيقي الذي يستحق الرعاية والرحمة وعدم الإيذاء.
وهذا عكس الاهتمام بالصورة، فالاهتمام المبالَغ فيه بالصورة الجمالية للكعك قد يعكس انشغال المجتمع بالمظاهر بدلاً من الاهتمام الحقيقي بظروف معيشة الحيوانات التي يتم استهلاكها أو تربيتها.
مخالِف دينيا
غير أن د. روحية مصطفى الجنش- أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- فتؤكد أن هذا الفعل مخالِف لمقاصد الإسلام في الرفق بالحيوان، ويتنافى مع ما أمر به النبي من الرحمة والإحسان إلى كل ذي روح، فقد قال ﷺ: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء” (رواه مسلم. وكما ورَد أيضا: “نهى رسول الله أن يُتَّخذ شيء فيه الروح غرضًا” (رواه مسلم)، وكذلك مخالف لما اتفق عليه الفقهاء في آداب الذبح بأن لا تُذبح بهيمة أمام أختها.
فإذا كان الإسلام قد نهى عن ذبح الحيوان أمام نظيره حتى لا يفزعه، فكيف يُجاز أن يُروَّع حيوانٌ بمشهد تمثيلي يوهمه بقتل شبيهه ولو كان من الحلوى؟!
إن ذلك يدخل في باب الترويع المحظور شرعًا، وفيه اعتداء على غريزة الأمان التي أودعها الله في الحيوان، وتشجيع على اللهو بما فيه قسوة وتبلّد في الإحساس بالحياة.
إذن يحرم هذا الفعل ولو على سبيل المزاح أو الترفيه، لما فيه من ترويعٍ للحيوان وإفسادٍ للرحمة في النفس البشرية، وينبغي تحذير الأطفال واليافعين من تقليده تحت مسمّى “المقالب” أو “الترند”، لأن الإحسان إلى الحيوان عبادةٌ يؤْجر عليها المسلم، كما أن إيذاءه بغير حقٍّ يُؤْثم عليه وهذا من تمام حُسن الشريعة واتّصافها بالرحمة والاحسان ومكارم الأخلاق.






























