اللغة هُوية ناطقة وليست مجرد وسيلة تواصل، وتعد مقوم التفكير التجريدي المعقّد الذي يميّز الإنسان عن غيره، وهي الأداة التي يخزِّن بها ذخائره المعرفية والوجدانية والثقافية، التي تحمل تاريخ الأمة وتراثها، وهي خير مثال للترابط والوحدة.
تعد اللغة خط الدفاع الأول عن الهُوية الثقافية العربية، ولقد أوجد التسامح في الإسلام رابطة قوية بين اللغة والهوية، وليس أدل على ذلك من الحديث الشريف: “ليست العربية من أحدكم بأبيه ولا بأمَّه، وإنما العربية لسان فمن تكلّم العربية فهو عربي”.
وتواجه اللغة العربية العديد من التحديات في ظل الذكاء الاصطناعي؛ خاصة فيما يتعلّق بالأنظمة الصرفية والنحوية والبلاغية والسياقية- التي تصعب على غير العرب- ومن تلك التحديات: النقص في الموارد اللغوية المتاحة لها والتي تعد مشكلة بالنسبة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، عندما يتعلق الأمر بمعالجة هذه اللغة مقارنة باللغات الأخرى مثل الإنجليزية والفرنسية وغيرهما. هذا إلى جانب قلَّة مصادر البيانات الضخمة المرتبطة بها، مما يعيق تحقيق درجة عالية نتطلع إليها في معالجتها على جميع المستويات، الأمر الذي يقتضي ضرورة العمل على توفير بيانات متنوّعة شاملة تعكس التنوّع الثقافي واللغوي في الوطن العربي.
هناك أيضا قصور كبير في المحتوى المتاح للغتنا على الشبكة العنكبوتية الذي لا يتجاوز ٣%، وهو قدر ضئيل جدا لا يتناسب مع حجم وقيمة وتاريخ لغتنا وهو ما يتطلب زيادة الاستثمار في المحتوى الرقمي العربي، وذلك من خلال: دعم جهود علماء اللغة والحاسوب العرب، والعمل وفقا لنظرية العمل الجماعي الموحَّد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الترجمة الآلية وفقا لطبيعة عمل تقنيات الذكاء الاصطناعي، لن تكون دقيقة، وبالتالى لن تكون أمينة، خاصة فيما يتعلق بترجمة معاني ألفاظ القرآن الكريم، فعلى سبيل المثال، نجد أن ترجمة كلمة “الرحمة” لا تخرج عن معنى “ميرسي”!، بينما تشمل الكثير من المعاني مثل: الرحمة والعطف واللطف الإلهي. كذلك الحال مع كلمة “الميعاد”، تترجم بكلمة “رانديفو” بينما يشتمل المعني على يوم القيامة، يوم الحساب، العذاب للمشركين بالله.
مجمل القول، حتمية قيام العلماء العرب بتطويع الحاسوب للغتنا العربية، حفاظا عليها وعلى هُويتنا.






























