قراءة: حسام وهب الله
في الوقت الذي تختلف الرؤى والأفكار بين المواطنين العرب من ناحية، ومواطني إسرائيل- وتحديدا اليهود- من ناحية أخرى.
وفي الوقت الذي يرفض فيه العرب- مسلمون ومسيحييون- التطبيع أو حتى الاتفاق على أي رأي مع يهود اسرائيل على وجه الخصوص، حدثت المعجزة واتفق الطرفان على حساب رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو!
التفاصيل تبدأ من حساب نتنياهو على منصة إكس، والذي نشر تغريدة أعرب فيها عن قلقه بسبب تأخّر عودة عدد من جثامين اليهود المحتجَزين في قطاع غزة، زاعما أن هذا التأخّر يعد خرْقا من جانب المقاومة الفلسطينية على اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم برعاية مصرية أمريكية!
بعد نشر هذا التغريدة بساعات قليلة كان عدد من شاهدها قد زاد عن المائتي ألف شخص، لكن المثير لم يكن في عدد المشاهَدات بل كان في التعليقات التي جاءت عليها، حيث تبارى العرب واليهود في مهاجمة رئيس الوزراء الإسرائيلي متَّهمينه أنه يخطط بخُبث شديد لجرِّ المقاومة لحرب جديدة تتيح له الهروب من المحاكَمة في قضايا الرشوة والفساد التي تطارده. ويرفض المدّعون إسقاطها خاصة بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار حيث كان نتنياهو يتحجّج بالحرب لتأجيل تلك المحاكمة لأطول وقت ممكن.
تغريدات العرب- مسلمون ومسيحيون- واليهود اتفقت على أن نتنياهو يحاول بشتى الطرق كسر وقف إطلاق النار وإعادة الحرب بشتى السبل، حيث كتبت اليهودية “الديانات اليعزر” تقول: خطة نتنياهو قد انكشفت فهو يرغب في الهروب من المحاكمة الجنائية بتُهم الفساد والرّشوة وهو يرغب في انهيار اتفاق عودة الأسْرى ووقف إطلاق النار سعيا للهروب من السجن. وقد بدأ وزراء حكومته في إرسال رسائل الاسترحام لرئيس الدولة للعفو عنه- عن نتنياهو- وإنهاء محاكمته.
أما محمد عبدالرحمن- المواطن الليبي- فردَّ على حساب نتنياهو على إكس يقول: انت ـ نتنياهو ـ من قتل الأسْرى اليهود لقد جاءت بهم المقاومة الفلسطينية إلى غزة وهم أحياء لمبادلتهم بأسراها الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وما أكثرهم! لكن أنت وأعضاء حكومتك قصفتم غزة قصفا عنيفا أدى لمقتل أسراكم وكان هدفك منذ البداية استمرار القتال للهرب من السجن.
اذهب للسجن!
“داليا ميليسترين”، اليهودية الإسرائيلية، عقَّبت من جانبها قائلة: بيبي ألا تعتقد أنه حان لك أن تذهب السجن حتى يستمر توقف القتال ويبدأ الجميع في إيجاد طريقة للعيش بسلام ؟! بيبي هل تعتقد أن الجميع أغبياء وأنت الأذكى حتى تواصل دفع اسرائيل لمزيد من الحرب؟!
أما الإسرائيلي “موشيه تيسلي” فكتب يقول: أنت يا سيدي رئيس الوزراء أخطر شخص على الاستقرار العالمي. تريد ان تحترق اسرائيل من أجل هروبك من المسئولية الجنائية، ومن أجل ذلك ترغب في تحطيم كل فرص السلام حتى ما فرضها عليك ترامب وزعماء العالم، فالهدف ليس عودة جثمان أو أسير، الهدف هو أن تعود المنطقة لويلات الحرب وتهرب انت من المحاكمة.
وقال المواطن اليهودي الإسرائيلي ياكوف كفلان: أنت تريد العودة للقتال للهرب من المحاكمة والبقاء في مقعدك اللعين هذا فقط ما يهمك وتعمل من أجل.
المواطن العربي عمر خالد اتهم من جانبه نتنياهو وحكومته بالعمل على تقويض وقف إطلاق النار وخرْق الاتفاق أكثر من مرة رغم محاولات الوسطاء وفي مقدمتهم مصر الدفع قُدُمًا نحو المراحل التالية من الاتفاق من أجل عودة السلام والاستقرار للمنطقة.
سباق التسلح
من جهة أخرى انتقد عدد من معلِّقي الرأي في وسائل الإعلام العبْرية إصرار نتنياهو على المضي قدما في سباق التسلّح ما يشير إلى رغبته الواضحة لاستئناف العمليات العسكرية بتوسّع ضد قطاع غزة حيث أعلن قبل يومين تقريبا عن نيّته زيادة ميزانية الدفاع بمقدار 350 مليار شيكل خلال العقد المقبل، مقارنةً بما كانت عليه قبل حرب السيف الحديدي. وإذا اتُخذت هذه الخطوة، فستُمثّل قفزة هائلة في ميزانية الدفاع على المدى البعيد: زيادة قدرها 35 مليار شيكل في المتوسط سنويًا. وحتى لو قُدِّر أن ميزانية الدفاع ستُعوّض العجز في العام المقبل وتتعافى من التآكل الذي سبّبته الحرب، فمن الصعب فهم سبب رغبة نتنياهو في تحديد هذه الزيادة.
محلّلون ينتقدون!
وتعليقا على ها الخبر قال المعلّق السياسي الإسرائيلي هاجاي ياميت: كان إعلان نتنياهو محاولةً لسد الفجوة بين مطالب وزارة المالية ومطالب وزارة الدفاع بشأن حجم ميزانية الدفاع لعام 2026 تحديدًا، وفي السنوات القادمة عمومًا، فإن القرار يتوافق تمامًا مع تطلعات وزارة الدفاع، ويثير غضبها.
حتى الآن، دار النقاش بشكل رئيسي حول ميزانية عام ٢٠٢٦. فإذا كانت ميزانية الدفاع في عام ٢٠٢٢ تبلغ ٨٥ مليار شيكل (بما في ذلك المساعدات الأمنية الأمريكية)، فإن المؤسسة الدفاعية تتوقع أن تبلغ 144 مليار شيكل في عام ٢٠٢٦.
في المقابل، تتحدث وزارة المالية عن ميزانية قدرها ٩٣ مليار شيكل عام ٢٠٢٦، بفارق يزيد عن ٥٠ مليار شيكل وهو ما يشير بوضوح إلى طموح نتنياهو باستئناف حروبه ضد الفلسطينيين.
استئناف الحرب
أما اربيل جرايز، فكتب في صحيفة هآرتس، عن إصرار نتنياهو، على استئناف الحرب ولجوئه للاعتداءات على الضفة الغربية ثم سوريا وجنوب لبنان: إن الجمع بين حرب غزة والحرب داخل إسرائيل وجنوب لبنان وسوريا أمرٌ لا يُطاق. ماذا سيحدث لنا؟ هل سيكون هناك مكانٌ يستحق العيش هنا أصلًا؟ وما العمل؟ عقلي ووعيي مشغولان بهذا الأمر كل يوم، ولا أجد راحةً. يُقال إن ما لا يُقْتَل يُقوّي الناس. لستُ متأكدًا. من الممكن أن ما لا يقتل فورًا يقتل ببطءٍ ومن الداخل، موتٌ مُريع. في هذه الأثناء، أحاول التواصل مع الأمل والعمل الإيجابي وأحلام مستقبلٍ أفضل، وكل هذا دون جدوى والسبب نتنياهو! ومع اقتراب موعد تجنيد ابني اتخيّل موقفي إذا أصرّ نتنياهو على حروبه وقتل ابني في إحدى هذه الحروب.






























