لم تعد الحروب التي يخوضها البشر اليوم حروبا عسكرية بل أصبحت حروبا فكرية، أفكارا تغزو العقول وتخترق القيم والعادات والتقاليد لتتركنا مسخًا فاقدًا لهُويته.
والواقع انه لا سبيل لصدّ تلك الهجمات الفكرية إلا بالوعي، فكشف المخططات وترسيخ الهُوية والتمسّك بتعاليم الأديان هو الطريق لحفظ مجتمعاتنا. وتتعدد قضايا الوعي التي يجب الالتفات لها ومن أهم تلك القضايا “العنف ضد المرأة”.
وترجع تلك الأهمية إلى أن المرأة هي من تحفظ الأُسرة ومن ثم تستقر المجتمعات، فمجتمع يفرّط في حقّ المرأة وكرامتها مجتمع يتخلّى عن نصف طاقته ويغامر باستقراره. ورغم سنّ القوانين التي تجرّم العنف ضد المرأة بكافة أشكاله الجسدي كالإيذاء البدني والعُنف النفسي، كالابتزاز والتحقير والإهانة والاجتماعي كالعَزْل عن الناس، والعنف المالي كالإجبار على قرارات مالية ضد إرادتها، فرغم كل تلك القوانين إلا أن أمْن المرأة ليس مجرد قوانين بل عقول واعية ونفوس راقية، عقل واعي ليدرك أن حفظ كرامة المرأة وتقديرها واستقرارها ينعكس مباشرة على سلامة الأسرة واستقرارها. وأما النفوس الراقية فهي التى تترفّع عن كل إيذاء أو ابتزاز أو تعنيف. ومن يتتبع خطاب القرآن للمرأة يجد أن الله عزَّ وجلَّ لم يرضَ لها الحزن ففي سورة مريم: “فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا” وفي القصص: “وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ” وفي الاحزاب: “ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ”، ونزلت آية المجادلة لتجبر خاطر امرأة: “قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ”. هكذا عامَل القرآنُ المرأة وهكذا يعاملها من كان له عقل وقلب.
ولا تزال معركة الوعي مستمرة لتمكين المرأة ودعمها نفسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا ومخاطَبة الوجدان المصري للحدِّ من ظاهرة العنف التي لا تليق ببراءة طفلة ولا بِرِقَّة شابَّة ولا بكرامة أُمٍّ.





























