في ظل موجات التشكيك والتضليل وانتشار الشائعات وبث المعلومات المغلوطة، لا سيما عبر منصات التواصل الاجتماعي المتنوعة، تتأكد أهمية قضية الوعي بوصفها قضية واجبة وحتمية لتصحيح المفاهيم وضبط مسارات الفهم العام، خاصة مع التأثير الواسع والسريع لهذه الوسائل في تشكيل العقول وتوجيه الرأي العام. ولم يعد التعامل مع “السوشيال ميديا” يقتصر على التحذير من مخاطرها، بل أصبح من الضروري حسن توظيفها والاستفادة من إمكاناتها الهائلة، بحيث تتحول من أداة للفوضى المعرفية إلى فرصة حقيقية إيجابية تخدم عملية بناء الوعي، وذلك من خلال خطط مدروسة ورؤى واضحة تتعامل مع الواقع الرقمي بوعي ومسؤولية.
وتُعد قضية الوعي قضية محورية في بناء شخصية الإنسان، لا سيما في ظل التحديات المتسارعة التي يشهدها هذا العصر، سواء كانت تحديات فكرية أو ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية.
فالوعي لم يعد ترفًا فكريًا، بل أصبح ضرورة ملحّة وركيزة أساسية لمواجهة التحديات المجتمعية المختلفة، وضمان القدرة على التمييز بين الحقائق والأوهام، وبين النقد البنّاء ومحاولات الهدم والتشكيك، كما يشكل بناء الوعي أساسًا مهمًا لتعزيز مسارات التنمية الشاملة في مختلف المجالات، باعتباره الضامن الحقيقي لاستدامتها وفاعليتها.
ويتطلب بناء هذا الوعي تضافر جهود العديد من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، في إطار عمل تكاملي يقوم على وضوح الأدوار وتبادل الخبرات وتراكم التجارب، بما يضمن وصول الرسالة الواعية إلى كل فئات المجتمع دون استثناء. كما يقتضي ذلك تعزيز منظومة القيم الإيجابية، وترسيخ مفاهيم الانتماء والمسؤولية، وبناء وعي جمعي قادر على حماية المجتمع من الانزلاق خلف الأفكار الهدامة أو الخطابات المتطرفة.
إن بناء الإنسان المصري القوي يظل عنوانا رئيسيا وميثاقا جامعا للعمل في المرحلة المقبلة، وهو هدف لا يتحقق إلا من خلال بناء متكامل للوعي الديني والفكري والأخلاقي، باعتباره الأساس المتين في بناء الوطن وحماية مكتسباته، ويستلزم هذا الهدف شراكة فعالة بين مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، تقوم على التنسيق والتكامل، مع التركيز بشكل خاص على الدور الحيوي للمؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية والتربوية والفكرية في تشكيل الوعي العام وتعزيز القيم الإيجابية.
ويأتي هذا الجهد المشترك بهدف تحصين المجتمع ضد الأفكار المغلوطة والرؤى المشوشة، والإسهام في بناء شخصية وطنية واعية ومنضبطة، قادرة على الفهم والتحليل واتخاذ المواقف الرشيدة، بما يدعم تحقيق التنمية المجتمعية الشاملة، ويخدم في النهاية كافة قضايا الإنسان والمجتمع، ويعزز مسيرة الاستقرار والبناء في الدولة.





























