تقرير يكتبه: إسلام أبو العطا
أعلن رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة الإماراتي، الدكتور عمر حبتور الدرعي، تعديل موعد إقامة صلاة الجمعة في جميع مساجد الدولة، ليصبح في تمام الساعة 12:45 ظهرا، ابتداء من يوم الجمعة 2 يناير 2026، وقال إن القرار تم اتخاذه بناء على أسباب مجتمعية بعد دراسة استمرت نحو 4 سنوات.
وتابع ان وقت الظهر يمتد إلى العصر، وشرعًا وإيقاع موعد صلاة الجمعة في أي وقت ما بين الظهر والعصر يعد وقتًا صحيحًا وتؤدى فيه صلاة الجمعة، بمعنى تأدية الجمعة في الساعة الواحدة ونصف جائز، وتقديم الموعد ليكون 12.45 جائز أيضًا، لذا القرار ليس فيه أي معنى شرعي ولكن المقصود منه معنى مجتمعي، وقد تم اتخاذه ومن باب التفاعل مع المجتمع».
ولأننا اعتدنا منذ زمن طويل أن وقت صلاة الجمعة ثابت عندنا ولم يحدث فيه اي تغيير فقد أثار هذا القرار لغطا كبيرا وهو مانسعي لإزالته عبر هذا التحقيق لنبين رأي الشرع في جواز تقديم او تأخير صلاة الجمعة.
يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء أن صلاة الجمعة هي صلاة مخصوصة وهناك خطبتين لها قبل الصلاة ويجوز عند البعض طبقا لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أن تصلي قبل الأذان المعتاد وهناك احاديث صحيحه أنهم كانوا يصلون وينصرفون ولم يؤذن الظهر بعد والحنابلة يصلون الجمعة قبل الظهر وعلي هذا المذهب لايجوز الجمع بين الجمعة والعصر لأنهم يصلونها قبل الظهر أنا المذاهب الأخري فتقول إن الجمعة بديل عن الظهر فيجوز جمعها مع العصر..
وعلي هذا المنوال فإن وقت الجمعة ممتد حتي وقت العصر.
يقول الدكتور أحمد مكي إمام وخطيب مسجد النور بالعباسية أن الأصل في صلاة الجمعة هو التبكير عملا لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا مادرج الناس عليه ولكن هذا لا ينفي أن وقت صلاة الجمعة ممتد ويجوز تأخيرها الي ماقبل صلاة العصر بشرط ألا يؤدي التأخير الي إخراجها من وقتها ومن هنا فإن صلاة الجمعة تكون صحيحة حتي قبل صلاة العصر.
واضاف عند تأخير الصلاة بحاجة معينة فإنه لايجوز صلاة الظهر الي حين صلاة الجمعة والتأخير لايكون للاذان بل يكون لصعود الإمام الي المنبر ولايجوز أن يقوم الشخص بتأخير صلاة الجمعة ويؤديها منفردا بل يجب أن تكون في جماعة.
ويقول د/ علاء فتحي الغـريـزي، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف: تُعَدُّ صلاةُ الجمعة من أعظم شعائر الإسلام الظاهرة، وقد خُصَّت بأحكامٍ ومواقيتَ وضوابطَ دقيقة، تدل على مكانتها في بناء الفرد والمجتمع.
ومن القضايا التي أثيرت حديثا: مدى جواز تأخير صلاة الجمعة ساعة أو ساعتين؛ بحجة انتظار انتهاء الناس من أعمالهم، أو من أجل الاجتماع الأسري، ولم الشمل… إلخ، وهل يُعَدُّ ذلك مخالفةً لتوقيت الصلوات الشرعية أم لا؟
فأقول، وبالله التوفيق:
هذه المسألة تحتاج إلى تحريرٍ علميٍّ، يوازن بين النصوص الشرعية ومتغيرات الواقع دون إخلالٍ بأصول الدين.
لذا لا بد من بيان ذلك في عدة نقاط:
أولًا: وقت صلاة الجمعة .
اتفق الفقهاء على أن صلاة الجمعة صلاة مؤقتة بوقتٍ محدد، شأنها شأن سائر الصلوات، غير أنهم اختلفوا في تحديد بداية وقتها، مع اتفاقهم على نهايته.
1. مذهب جمهور الفقهاء: أن وقت الجمعة هو وقت الظهر تمامًا: يبدأ بزوال الشمس، وينتهي بدخول وقت العصر
واستدلوا بـ: قول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ﴾
وقد ثبت أن النداء في عهد النبي ﷺ كان بعد الزوال.
وبحديث أنس رضي الله عنه:
«كان رسولُ الله ﷺ يُصلِّي الجمعةَ حين تَميلُ الشمس»
2. مذهب الحنابلة في رواية واختيار بعض العلماء
ذهب بعض أهل العلم إلى أن وقت الجمعة قد يبدأ قبل الزوال بقليل، قياسًا على صلاة العيد.
واستدلوا بحديث سهل بن سعد رضي الله عنه:
«ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة»
ومعناه أن الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يبكرون لصلاة الجمعة ويؤخرون الغداء والراحة (القيلولة) حتى ينتهوا من الصلاة، وذلك دلالة على الاهتمام بصلاة الجمعة
لكنهم جميعًا متفقون على أن:
صلاة الجمعة لا تصح بعد خروج وقت الظهر .
ثانيًا: حكم تأخير صلاة الجمعة ساعة أو ساعتين ؟
1. إذا كان التأخير داخل وقت الظهر
إذا أُخِّرت صلاة الجمعة ساعة أو أكثر مع بقائها داخل وقت الظهر، فإن الصلاة تكون صحيحة من حيث الحكم الفقهي، لكن يُكره ذلك بلا حاجة معتبرة؛ حيث إنه يُعد مخالفًا للسنة العملية للنبي ﷺ؛ إذ كان ﷺ: يُعجِّل بالجمعة، ويُخفف الخطبة، ويجعلها في أول الوقت
قال ﷺ: «إن طُولُ صلاةِ الرجلِ وقِصَرُ خُطبتهِ مَئِنَّةٌ من فقهِه»
2. إذا أُخِّرت الجمعة إلى خروج وقت الظهر
لا تصح الجمعة عند جمهور العلماء ، وتُصلَّى حينئذٍ ظهرًا أربع ركعات.
قال ابن قدامة:
«فإن خرج وقت الظهر قبل أن تُصلَّى الجمعة، صُلِّيت ظهرًا بلا خلاف»
ثالثًا: هل يُعَدُّ العمل عذرًا شرعيًا لتأخير الجمعة؟
الانشغال بالعمل أو التجارة ليس عذرًا شرعيًا لترك الجماعة أو تأخير الصلاة عن وقتها، ومن ثم لا يُعَدُّ العمل عذرًا يبيح تغيير مواقيت العبادات.
والدليل على ذلك، قوله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾
وقال بعد الصلاة مباشرة:
﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾
️ فقدَّم الله الصلاة على العمل، لا العكس.
رابعًا: هل في ذلك مخالفة لمواقيت الصلوات؟
لا، ليس في ذلك مخالفة، وتقع جمعة، وتجزىء، طالما أديت وقت الظهر، فيجوز تأخيرها عند الحاجة العامة المعتبرة، طالما لم يخرج وقت الظهر، لكنه خلاف الأولى، لا سيما إذا جُعل توقيت الجمعة تابعًا لساعات العمل لا لأحكام الشرع، فإن ذلك يعد إخلالا بتعظيم الشعائر، ومخالفة لمقاصد الشريعة، وفتح لباب التهاون في بقية الصلوات
فالأصل أن يُنظَّم العمل على الصلاة، لا الصلاة على العمل.
والسنة والأكمل: تعجيل الجمعة وتعظيم شأنها، كما كان هدي النبي ﷺ وأصحابه.
فحيثما تعارضت شعيرة الجمعة مع مصالح الدنيا، وجب تقديم أمر الله، فإن في ذلك البركة في الدين والدنيا معًا.
ويتفق الشيخ أحمد أنور الأزهري إمام وخطيب بالاوقاف
مع رأي دار الإفتاء ان تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها جائزًا، قياسًا على جواز تأخير صلاة الظهر، سواء كان ذلك في فصل الصيف أو الشتاء، ما دامت الصلاة تُؤدَّى كاملةً في وقتها الشرعي. غير أن الأفضل يختلف باختلاف الزمان؛ فيُستحب التعجيل بها في فصل الشتاء، ويُندب تأخيرها في فصل الصيف.
وضابط التأخير في زمن الصيف أن تُؤدَّى الصلاة قبل أن يبلغ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله. وقد نصَّ صاحب البحر الرائق (1/260) عند شرحه قول صاحب الكنز: «وندب تأخير الفجر وظهر الصيف» على أن المراد بالتأخير هنا هو صلاة الظهر، استنادًا إلى ما رواه البخاري أن النبي ﷺ «كان إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة». وبيَّن أن هذا الحكم غير مقيَّد بأداء الصلاة جماعةً أو فرادى، ولا يختلف باختلاف البلاد أو شدَّة الحر، بل هو مطلق في جميع الأحوال.
ولهذا قرر في المجمع تفضيل الإبراد بصلاة الظهر مطلقًا، واعتبر ما ورد في السراج الوهاج من تقييد استحباب الإبراد بشروطٍ معينة محلَّ نظر، بل نسب هذا التقييد إلى مذهب الشافعي على قولٍ. ثم أكَّد أن صلاة الجمعة في ذلك تُلحق بصلاة الظهر أصلًا واستحبابًا في كلا الزمانين؛ الصيف والشتاء، كما نصَّ على ذلك الإِسبيجابي.





























