قريبا.. بانوراما حضارية متكاملة تليق بمكانة أسوان التاريخية
نموذج فريد للسياحة المصرية المتكاملة.. مزارات دينية ذات رمزية كبيرة.. لكل الأديان
“بوتقة نادرة”.. ضمت الحضارات السابقة
الشباب هم شركاء التنمية وصنّاع المستقبل
أكد اللواء د. إسماعيل كمال- محافظ أسوان- أن “حياة كريمة” يعدُّ أكبر مشروع تنموى فى الألفية و”الجمهورية الجديدة”، وبسببه ستشهد أسوان قريبا بانوراما حضارية متكاملة تليق بمكانتها التاريخية، باعتبارها نموذج فريد للسياحة المصرية المتكاملة، لما تتميَّز به من مزارات دينية ذات رمزية كبيرة لكل الأديان، ما يجعلها “بوتقة نادرة” تضم مختلف الحضارات السابقة.
أشار إلى أن الشباب هم شركاء التنمية وصنّاع المستقبل، ولذا توليهم الدولة المصرية كل اهتمامها ورعايتها ضمن مبادرات التدريب والتأهيل والإعداد والتمكين، لتحمُّل مسئولية القيادة فى المرحلة المقبلة.
وفيما يلى نصّ الحوار الذى أُجرى معه، على هامش لقائه مع الشباب العربى والمصرى المشارِك بالجلسة الختامية للمنتدى الـ14 للاتحاد العربى للشباب والبيئة، برئاسة د. سيد خليفة- نقيب الزراعيين- وأمينه العام د. ممدوح رشوان، وأقيم بالمدينة الشبابية بأسوان تحت عنوان “دورة الخبير البيئى د. مجدى علام مؤسِّس الاتحاد”، بمشاركة شباب 11 دولة عربية و18 جامعة ومعهدا، ضمن الفوج الثانى لبرنامج “قطار الشباب- أعرف بلدك” وتنظّمه وزارة الشباب والرياضة، برعاية د. أشرف صبحى- وزير الشباب والرياضة- بالتعاون مع جامعة الدول العربية، بإشراف د. إسلام الشامى، ممثِّل وزارة الشباب.
*أسوان معروفة بالسياحة المتنوِّعة، نرجو إلقاء الضوء على النشاط السياحي المتعدّد؟ وما هو نصيب السياحة الدينية منها؟
**محافظة أسوان تعدُّ نموذجاً فريداً للسياحة المتكاملة فى مصر، حيث تجمع بين تنوّع نادر فى الأنماط السياحية، وهو ما يمنحها ميزة تنافسية كبيرة على المستويين المحلّى والدولى، فنحن نتحدث عن سياحة ثقافية وأثرية تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ المصرى القديم، من خلال المعابد والمواقع الأثرية العالمية مثل فِيْلَة، أبو سمبل، كوم أمبو، إدفو، إلى جانب المتاحف التي توثِّق الحضارة المصرية العريقة، والتى تضم فى زهرة الجنوب متحفَىّ النوبة، والنيل الوثائقى سابقاً، والمركز الثقافى الأفريقى حالياً.
كما تتميّز أسوان بقوّة السياحة البيئية والعلاجية لما تتمتّع به من مناخ معتدل وطبيعة خلابة ونِيل متفرِّد وجُزُر طبيعية نادرة، فضلاً عن سياحة المؤتمرات والفعاليات الدولية، وسياحة السفارى والمغامرات، والسياحة النيلية التى تعدّ أحد أهم المقوّمات الجاذبة للسائحين من مختلف دول العالم.
السياحة الدينية
أما فيما يخص السياحة الدينية، فلها نصيب مهم ومتنامٍ ضمن الخريطة السياحية للمحافظة، حيث تحتضن أسوان عددًا من المزارات الدينية ذات الرمزية الكبيرة، مثل مسجد الطابية، دير الأنبا سمعان، إلى جانب الكنائس التاريخية، وهو ما يعكس روح التعايش والتسامح الديني التي تميِّز أبناء أسوان عبْر العصور.
وتعمل المحافظة بالتنسيق مع الوزارات المعنية على إدراج السياحة الدينية ضمن البرامج السياحية المتكاملة، وتحسين البنيّة التحتيّة ورفع كفاءة الخدمات بالمناطق المحيطة بالمزارات، بما يُسهم في تعظيم العائد السياحي، ويدعم رؤية الدولة المصرية للتنمية المستدَامة، ويُرسِّخ مكانة أسوان كوجهة سياحية عالمية متعدّدة الأنماط على مدار العام.
وتم الاتفاق مع ممثِّلى الكيانات السياحية لإطلاق حملة إعلامية شاملة وكبرى لتحسين الصورة الذهنية عن أسوان ودعم حركة السياحة الدولية حيث تهدف الحملة إلى إبراز الوجه الحقيقى لعروس المشاتى بما يعكس تاريخها العريق وعمقها الحضارى وريادتها كأحد أهم المقاصد السياحية العالمية، كما تعتمد الحملة على مشاركة واسعة من جميع فئات المجتمع الأسواني لتصدير الصورة الإيجابية للمحافظة، وتسليط الضوء على التنوّع الفريد فى الأنماط السياحية والمزايا النسبية التى تتمتع بها أسوان، والتى جعلتها وجهة مفضَّلة للسائحين من مختلف الجنسيات .
بالإضافة إلى التركيز على إعلاء المصلحة العامة على المصالح الشخصية، والتصدى الكامل لمواجهة الشائعات المغرضة والهدامة والظواهر السلبية، ورفع الوعى المجتمعى لتحقيق الهدف المشترك وهو ظهور أسوان بالصورة اللائقة أمام أهلها وضيوفها من مختلف أنحاء العالم .
وتم تنفيذ حزمة من الإجراءات الجادة بالتعاون مع الوزارات والجهات المختصة وغرفة شركات السياحة ونقابة المُرشدين وهيئة تنشيط السياحة، الأمر الذى انعكس إيجابياً على ارتفاع معدَّلات الحركة السياحية الوافدة للمحافظة .
كما تمّ- وجارى- تنفيذ خطة للارتقاء بالخدمات السياحية تتمثّل فى العديد من المحاور منها رفع مستوى النظافة العامة داخل المدن والمراكز، وخاصة بالمناطق والمزارات الأثرية، إضافة إلى تكثيف أعمال التطوير والتجميل لتتحوّل أسوان إلى بانوراما حضارية متكاملة تليق بمكانتها التاريخية، وبالتوازى يتم تنفيذ ملْحمة من التطوير والتجميل خلال المرحلة الحالية لتحويل أسوان لبانوراما جمالية وحضارية لعودتها لمكانتها التى تستحقها، وخاصة فى ظل حُسن استقبال أهلها للضيوف والزائرين مما يجعل من أسوان نموذجاً رائداً للاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.
مخزون تراثى
*المحافظة لديها مخزون تراثى وثقافى وفلكلورى غنى جدا بالتنوّع والثراء، هل لكم اطلاعنا على ذلك؟
**بكل تأكيد تمتلك محافظة أسوان مخزونًا تراثيًا وثقافيًا وفلكلوريًا يُعد من الأغنى والأكثر تميزًا على مستوى الجمهورية، ويعكس عمق التاريخ وتعدُّد روافده الحضارية والإنسانية.
فأسوان تمثّل بوتقة حضارية نادرة، امتزجت فيها الحضارة الفرعونية العريقة بالحضارة المصرية الضاربة بجذورها فى عمق التاريخ، إلى جانب التأثيرات الإفريقية والعربية، وهو ما أفرز تنوُّعًا ثريًّا فى العادات والتقاليد والفنون الشعبية.
ويظهر هذا الثراء بوضوح فى التراث الأسوانى الأصيل من لُغة وموسيقى ورقَصات شعبية وأزياء تقليدية مميّزة، فضلًا عن الحِرف اليدوية الأصيلة مثل الخرز، النسيج، المشغولات اليدوية التى تعبّر عن الهُوية المحليّة وتعزِّز مفهوم الاقتصاد الإبداعى.
كما تزخر أسوان بالموروث الشعبى المرتبط بالمناسبات الاجتماعية والاحتفالات الشعبية، والقصص والأساطير التى توارثتها الأجيال، والتى تُعدّ جزءًا أصيلًا من الذاكرة الثقافية للمجتمع الأسوانى.
ومن هذا المنطلق، تحرص المحافظة على الحفاظ على هذا التراث الفريد وصونه من الاندثار، من خلال دعمه وتوظيفه فى تعزيز الهُوية الوطنية وتنشيط السياحة الثقافية والتراثية، بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية 2030 التى تضع الثقافة فى صدارة محاور التنمية المستدَامة، باعتبارها قوّة ناعمة ومحرِّكًا رئيسيًا للتنمية الشاملة.
البوَّابة الجنوبية
*عُرفت أسوان طوال تاريخها بأنها البوابة الجنوبية لمصر نحو أفريقيا، بل كانت سوقا تجارية لتبادل السّلع وكافة أنواع التجارة المختلفة، نريد تسليط الضوء على هذا الجانب، مع إبراز جهود الدولة المصرية لتطوير خدمات اسوان لتدعيم أواصر التعاون الافريقي؟
**لقد عُرفت أسوان عبر التاريخ بأنها البوابة الجنوبية لمصر إلى العمق الإفريقي، ومركزًا محوريًا للتواصل الحضاري والتجاري بين وادي النيل ودول القارة السمراء، حيث كانت على مر العصور سوقًا رئيسيًا لتبادل السلع والبضائع، ومنفذًا إستراتيجيًا لحركة القوافل والتجارة العابرة للحدود، وهو ما أكسبها مكانة تاريخية واقتصادية متميّزة.
وانطلاقًا من هذا الدور التاريخي، تولِي الدولة المصرية بقيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي اهتمامًا بالغًا بمحافظة أسوان باعتبارها أحد أهم محاور الربط مع إفريقيا، حيث يجري تنفيذ خطة تنموية متكاملة تستهدف تطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية، ورفع كفاءة شبكات الطُّرق والموانئ البرية والنهرية ومحاور الربط مع دول الجوار الإفريقي.
كما تشهد أسوان طفرة في مشروعات التنمية والخدمات في مجالات النقل، الطاقة، الصحة، التعليم، والسياحة، بما يسهم في تهيئة مناخ جاذب للاستثمار وتعزيز حركة التبادل التجاري، فضلًا عن دعم المنتديات والمعارض والفعاليات الاقتصادية الإفريقية التي تستضيفها المحافظة لتأكيد دورها كبوَّابة للتعاون المشترك.
وتتكامل هذه الجهود مع رؤية مصر 2030، واستراتيجية الدولة لتعزيز التكامل الاقتصادي الإفريقي، وترسيخ مكانة أسوان كحلقة وصل رئيسية بين مصر وأشقائها في إفريقيا، بما يحقّق مصالح مشتركة، ويدعم مسيرة التنمية المستدَامة، ويعكس عمق الانتماء المصري للقارة الإفريقية تاريخًا وحاضرًا ومستقبلًا.
“حياة كريمة”
*اختص الرئيس عبدالفتاح السيسي محافظة أسوان بالرعاية والاهتمام، وظهر ذلك في مبادرة “حياة كريمة”، بإدخالها كاملة ضمن المرحلة الأولى.
فماذا تحقّق حتى الآن؟ وما هي معوّقات الانتهاء في كثير من القُرى؟ وما هو الجدول الزمني المحدَّد للانتهاء من التنفيذ؟
**تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسى بضمِّ جميع قُرى ومراكز المحافظة للمبادرة الرئاسية بإجمالى 5 مراكز و 39 قرية رئيسية و 116 قرية فرعية و 380 نجعا وكَفْرًا وتابعا، جارى تنفيذ نحو 1993 مشروعا بقُرى المرحلة الأولى داخل 100 قرية بمراكز إدفو وكوم أمبو ونصر النوبة، وهو الذى توازى معه تنفيذ 19 مشروع للإدارة المحلية.
وتتم المتابعة الميدانية من خلال الزيارات المتتالية لمحافظ أسوان للوقوف من أرض الواقع على معدّلات التنفيذ والإنجاز، ورصد أى ملاحظات لسرعة تلافيها بما يساهم فى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدَّمة للمواطن الأسوانى.
ويعتبر مشروع “حياة كريمة” هو أكبر مشروع تنموى فى الألفية والجمهورية الجديدة، حوَّل حياة ملايين المواطنين فى قُرى الريف المصرى إلى واقع مختلف بتحسين مستوى المعيشة وجودة الحياة، حيث نجد لأول مرّة فى تاريخ مصر الحديثة بأن القُرى والنجوع والكفور والتوابع تشهد لدينا فى أسوان مواقع خدمية جديدة تفوق الموجود فى المدن، مع تنفيذ شبكات ومحطّات جديدة ومتطوّرة بكافة قطاعات المرافق العامة من صرف صحى ومياه شرب وكهرباء واتصالات وغاز طبيعى وطُرق وكبارى، مع تبطين التُّرع والمصارف.
ولهذا فقصص النجاح كثيرة ومتنوّعة، ولكن لنا فى محافظة أسوان قصّة عمل وكفاح متميّزة فى ظل تحديات عديدة كان فى مقدِّمتها تقلُّبات الطقس وتعرُّض المحافظة لموجة غير مسبوقة من السيول، وأيضاً فإن أسوان محافظة طولية والمسافات بعيدة بين القُرى، وهو الذى تواكب مع وقوع معظم قُرى “حياة كريمة” على مرتفعات جبلية غير مستوية، بالإضافة إلى الطبيعة الصخرية للأراضى والتى يصعب معها أعمال الإنشاءات والحفر والمدّ والتركيب للشبكات المختلفة.
وفى دفعة قوية لمسار التنمية وتحسين مستوى الخدمات، واستكمال مشروعات إدخال الغاز الطبيعى بالقُرى المُدْرَجة ضمن المبادرة الرئاسية، فقد تم إصدار تصريح الحفر السطحى الطولى بالطُّرق الإسفلتية، تمهيداً لبدء أعمال مدّ خطوط الغاز إلى القُرى المُدْرَجة بالمبادرة الرئاسية، وتشمل الموافقة تنفيذ أعمال التوصيل بأقطار 355 مللى لخطوط الغاز على طُرق (بلانة/ كلابشة من الكيلو 38 بوادي العلاب وحتى الكيلو 50 عند مزلقان كلابشة)، بالإضافة إلى طريق كوم أمبو/ إدفو الزراعى من الكيلو 41 وحتى قرية مرواو، إلى جانب خطوط بقطر 40.5 سم، وذلك وفق اشتراطات فنية صارمة تتضمن تنفيذ التحويلات المرورية، ومعاينتها من قِبل الجهات المختصة، وسداد قيمة تأمين إعادة الشىء لأصله قبل الشروع فى أعمال الحفر.
ومُدْرَج توصيل خدمة الغاز الطبيعى ضمن خطة عام 2026 إلى 6 مناطق سكنية بمدينة أسوان وهى: الشيخ هارون، عزبة العسكر، الكرور، نجع المحطة، الكسَّارة، والجزيرة.
ويأتى ذلك أيضاً تتويجاً للّقاء المثْمر لمحافظ أسوان مع المهندس محمد قنديل- رئيس مجلس إدارة شركة غاز مصر- والذي أسفر عن خطوات تنفيذية واضحة تضع المحافظة على الطريق الصحيح نحو التوسُّع فى مشروعات الغاز الطبيعى وتحقيق نُقْلَة نوعية فى مستوى الخدمات المقدَّمة للمواطنين.
وتم إلزام الشركات المنفِّذة بالتوقيتات الزمنية لإنهاء المشروعات المتبقّية بالمرحلة الأولى لـ”حياة كريمة” بنهاية هذا العام.
وهنا نقدّم الشكر والتقدير للجهود الوطنية التى تبذلها الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى والشركة القابضة لكافة المشروعات، كما نشيد بروح التلاحم والعمل الجماعى بين جميع الجهات بمتابعة مباشرة من رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى، والفريق محمد حجازى- مساعد رئيس الجمهورية لمبادرة “حياة كريمة “- وبالتوازى فإن المحافظة من جانبها حريصة على تقديم كل سُبل الدعم الفنى والإدارى لضمان سرعة التنفيذ وفق أعلى معايير الجودة، وهو الذى يتكامل مع الدور البارز للمشاركة المجتمعية من أهالى القُرى لرفع نِسب الإنجاز بما يساهم فى تحقيق تحوّل ملموس فى مستوى الخدمات والبنية التحتية وتجسيد أهداف المبادرة الرئاسية فى بناء “الجمهورية الجديدة” وتحسين “جودة الحياة” للمواطن الأسوانى.
قِبْلَة الشباب
*كذلك حرص الرئيس علي تنظيم العديد من الأنشطة والفعاليات الشبابية الإقليمية والدولية في أسوان، فكيف نستثمر ذلك في جعلها قِبْلَة ومنصة لتجمُّع الشباب، خاصة الأفريقي، في إطار التوجُّه المصري نحو القارّة السمراء؟
**إن حرص فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، على اختيار محافظة أسوان لاستضافة وتنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الشبابية الإقليمية والدولية يعكس مكانتها الاستراتيجية والتاريخية كبوَّابة مصر الجنوبية نحو القارّة الإفريقية، ويؤكّد ثقة القيادة السياسية في قُدرتها على القيام بدور محوري في تعزيز التواصل بين شباب مصر وأشقائهم في إفريقيا.
ومن أبرز المؤتمرات التى تمّ تنظيمها على أرض المحافظة، المؤتمر الوطني للشباب الذي عُقد عام 2017، وملتقى الشباب العربي والأفريقي في 2019، بالإضافة إلى فعاليات محلّية للنشء والشباب، حيث تعمل المحافظة كمنصّة مهمّة لتنمية الشباب والتعاون الإقليمي، وتُعرف بلقب “عاصمة الشباب الأفريقي”.
ومن هذا المنطلق، تعمل الدولة على استثمار هذا الزَّخم من خلال تحويل أسوان إلى منصّة دائمة لتجمُّع الشباب الإفريقي، عبر استضافة المنتديات والمؤتمرات والمعسكرات الشبابية وبرامج التبادل الثقافي، بما يُسهم في بناء جسور من التفاهم والتعاون المشترك، كما يتم التركيز على تطوير البنية التحتية والخدمات السياحية واللوجستية، وتهيئة بيئة جاذبة للإبداع وريادة الأعمال، بما يفتح آفاقًا جديدة أمام الشباب الإفريقي لتبادل الخبرات وتنفيذ المشروعات المشتركة.
وتتكامل هذه الجهود مع رؤية مصر 2030، والتوجُّه المصري نحو تعميق الشراكة مع دول القارّة السمراء، ليصبح شباب إفريقيا شريكًا فاعلًا في تحقيق التنمية المستدَامة، وتغدو أسوان مركزًا إقليميًا للحوار والتواصل وصناعة المستقبل الإفريقي المشترك.
زراعية بجانب السياحية
*أشرت معاليكم إلى أن أسوان ليست وجْهة سياحية فقط، بل زراعية أيضا، فما هي أشهر محاصيلها الزراعية؟ ونصيبها من الناتج القومي لمصر؟
** بالفعل تعتبر الزراعة في أسوان، ركيزة إنتاجية واستثمارية واستراتيجية، فالمحافظة ليست مجرد وجهة سياحية عالمية، فهي تمثّل قوّة إنتاجية زراعية لها خصائصها الطبيعية الخاصة بفضل نهر النيل والموقع الجغرافي المتميّز، الأمر الذي أعطاها قُدرة على الزراعة طوال العام وبتنوّع ملحوظ مقارنة ببعض محافظات الصعيد الأخرى.
ومن أهم المحاصيل الرئيسية: قصب السكر، الذى يُعتبر المحصول النَقْدي الرئيسي، إذ يغطي نسبة متميّزة من المساحة المزروعة، ويشكّل العمود الفِقَري للزراعة النقدية بالمحافظة.
وأسوان تشتهر بأصناف البلح الجافّة مثل: المَلَكَابي، السَّكُّوتي، البرتمودا، الجِنْدِيلة، الدَّجَنَة والجَرجُودة، وتعدّ من أهم مصادر الدخل الزراعي بعد القَصَب.
علاوة على المحاصيل الحقلية مثل: القمح حيث حقّقت أسوان خلال موسم الحصاد لعام 2025 نسبة إنجاز متقدّمة تجاوزت نحو 600 ألف طن، لتمثّل نسبة متميّزة من الناتج القومى.
يضاف لذلك محاصيل النباتات العِطرية والطبية التى تشتهر بها محافظة أسوان حيث تمتلك على أرضها مشروع وادى النُّقْرَة بمركز نصر النوبة، والذى يضم فى مساحته 65 ألف فدان، وتضم أجود المنتجات مثل النِّعناع والكركدية، وأغلب المحاصيل يتم تصديرها مباشرة للأسواق العالمية مما يعزِّز من قُدراتها التنافسية في الأسواق الخارجية ويضيف تنوّعًا اقتصاديًا.
يُضاف لذلك محصول المانجو، حيث تعتبر أسوان من أولى المحافظات المُنتجة للمانجو نظراً للإنتاج المبكِّر لهذا المحصول الاستراتيجى، ومنتجاتها تجذب أسواق الصعيد والدولة بسبب النوعية والمذاق الممتاز، والأصناف العديدة التى تصل إلى 36 صنفا.
ومن هذا المنطلق تمثّل أسوان قوّة زراعية استراتيجية تعتمد على تنوّع المحاصيل، وتساهم بشكل ملموس في الناتج القومي المصري مما يعكس كفاءة المزارعين وقُدرة الزراعة على خلْق فرص عمل داخل المجتمع المحلي، كما تفتح المشاريع الزراعية الحديثة، وفى مقدّمتها مشروع توشكى الخير مما يفتح بالفعل آفاقًا واعدة لتعزيز دور المحافظة في الأمن الغذائي الوطني ودفع عَجَلة التنمية الاقتصادية.
تأهيل الشباب
*ما هي جهودكم لدعم وتأهيل الكوادر الشبابية، على مستوى المحافظة كاملة بالقُرى والنجوع، وليس عاصمة الإقليم فحسب؟
**في إطار رؤية الدولة المصرية لبناء الإنسان، وتنفيذًا لتوجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتمكين الشباب بإعتبارهم قاطرة التنمية، تولِي محافظة أسوان اهتمامًا بالغًا بدعم وتأهيل الكوادر الشبابية على مستوى المحافظة بالكامل، بالمُدن والقُرى والنجوع، وليس عاصمة الإقليم فقط، وذلك من خلال رؤية شاملة تقوم على العدالة المكانية وتكافؤ الفرص، ويمكن تلخيص جهودنا في المحاور التالية: أولًا: التوسُّع في برامج التدريب والتأهيل اللامركزي، حيث حرصنا على تنفيذ برامج تدريبية وتأهيلية داخل مراكز ومدن المحافظة المختلفة، بالتعاون مع الوزارات المعنية والأكاديمية الوطنية للتدريب، ومراكز الشباب، والجمعيات الأهلية، لضمان وصول هذه البرامج إلى شباب القرى والنجوع، وعدم قصرها على مدينة أسوان فقط، مع التركيز على بناء القدرات القيادية والإدارية وريادة الأعمال.
ثانيًا: تفعيل دور مراكز الشباب كمنصات تنموية شاملة
تم العمل على تطوير ورفع كفاءة مراكز الشباب في القرى والنجوع من خلال تنفيذ المبادرة الرئاسية ” حياة كريمة ” لتتحول من مجرد أماكن لممارسة الأنشطة الرياضية إلى مراكز تنوير وبناء شخصية، تقدم برامج ثقافية وتوعوية وتدريبية، وتستضيف ورش عمل لاكتشاف المواهب وصقل المهارات في مختلف المجالات.
ثالثًا: دعم المبادرات والمشروعات الصغيرة للشباب
تولي المحافظة اهتمامًا خاصًا بتمكين الشباب إقتصاديًا في القرى الأكثر إحتياجًا، من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وتسهيل إجراءات الحصول على التمويل، وربط الشباب بفرص التدريب الفني والتسويق، بما يساهم في خلق فرص عمل حقيقية داخل مجتمعاتهم المحلية والحد من الهجرة الداخلية.
رابعًا: الإكتشاف المبكر للمواهب وتنمية القدرات
نعمل على إكتشاف الطاقات والمواهب الشابة في القرى والنجوع، سواء في المجالات الرياضية أو الثقافية أو الفنية أو الابتكارية، بالتنسيق مع مديريات التربية والتعليم، والثقافة، والشباب والرياضة، وتوفير الرعاية اللازمة لها لضمان تنميتها بشكل علمي ومستدام.
خامسًا: تعزيز المشاركة المجتمعية والسياسية للشباب
تحرص المحافظة على إشراك الشباب من مختلف المراكز والقرى في المبادرات الوطنية، والكيانات الشبابية ، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم والمشاركة في صنع القرار المحلي، بما يعزز روح الإنتماء ويخلق جيلًا واعيًا بقضايا وطنه ومحافظته ، وهذا تجسد من خلال مشاركة الشباب والفتيات فى برنامج “أهل مصر” للمحافظات الحدودية.
سادسًا: الربط بين مبادرة “حياة كريمة” وتمكين الشباب.
تم استثمار مشروعات المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” في القُرى المستهدَفة لتهيئة بيئة مناسبة لتمكين الشباب، من خلال تحسين البنية الأساسية، وإتاحة مساحات للأنشطة والتدريب، وربط التنمية العمرانية بالتنمية البشرية.
ومن هذا المنطلق فإن محافظة أسوان تنظر إلى شبابها في القُرى والنجوع باعتبارهم ثروة حقيقية لا تقل أهمية عن شباب المدن، وتعمل على بناء منظومة متكاملة تضمن وصول الدعم والتأهيل إلى كل شاب وفتاة على أرض المحافظة تحقيقاً للتنمية الشاملة والمستدامة.
ونؤمن إيماناً راسخاً بأن الشباب هم شركاء التنمية وصنّاع المستقبل، وأن أفكارهم ومقترحاتكم تمثّل ركيزة أساسية فى صياغة رؤيتنا المستقبلية للمحافظة وتعزيز جهود التنمية، ومن هذا المنطلق نرحب بكل تساؤل أو فكرة أو مبادرة أو مقترح يساهم فى دعم مسيرة التنمية والبناء.
