تعيش مصرنا الحبيبة هذه الفترة أيام أعياد واحتفالات وأفراح، ندعوا الله تعالى أن يُديم علينا نعمة البهجة والفرح والسرور، وأن يُجنِّبنا الغمَّ والهمَّ والحَزَن، إلى أن نلقاه فى يوم الفرح الأكبر ونسعد برؤيته “ذلك هو الفوز الكبير”.
فها نحن نعيش أجواء الفرح والسعادة باستقبال شهر القرآن والرحمات، بعد أن احتفلنا مع إخواننا المسيحيين بعيد القيامة المجيد، وقُمنا بـ “شم النسيم” وسط الحدائق والمتنزّهات وفى البيوت العامرة، مع أهلنا وأحبابنا، كما هى عاداتنا وتقاليدنا منذ آلاف السنين، فقد عُرف المصريون بحبِّهم للفرح والبهجة والابتسام، حتى فى أحلك الظروف.
ويُضاف إلى الاحتفالات الدينية والتقليدية، احتفالاتنا بأعياد تحرير سيناء الحبيبة ويوم العُمَّال، فما أحوجنا لتحويل هذه الاحتفالات إلى إنجازات واقعية وعدم الاكتفاء بما حقّقه سلفُنا، بل الاعتزاز به والبناء عليه حتى نترك لأبنائنا وخَلَفنا ما يدعوهم لتذكّرنا والتباهى بنا والافتخار بانتمائهم لنا.
وتستمر الاحتفالات بما تُنجزه السواعد المصرية الشابَّة كل يوم على أرض المحروسة، من مشروعات وعمران وتنمية تزيد مصرنا بهاءً وازدهارا وتقدَّمًا لإسعاد أبنائها وضيوفها وكل من يلجأ إليها، بل وكل جيرانها ومحيطها العربى والإفريقى والإسلامى، بل حتى العالم كله بلا مبالغة، فرخاء مصر ينعكس على الإنسانية جمعاء، لِما أفاء الله تعالى عليها من نعم وفضائل وكرامات، ولذا عرّفها السابقون بأنها “أُمّ الدُنيا”.
وتزداد هذه القيمة والمكانة لمصرنا الحديثة يوما بعد يوم، وخصوصا فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخها الطويل، وبعد تولّيها مسئولية الاتحاد الإفريقى، وفى ظل وقوفها فى وجه التحديات الخطيرة وأشدّها مواجهة ومحاربة الإرهاب الدولى نيابة عن العالم بأسره.
لكن العيد الأكبر، والفرحة الأوسع، فى دنيانا الفانية، هذا الشهر الكريم الذى نتشوّق له جميعا، وننتظره من العام للعام، لما فيه من خيرات ونِعَم لا تُعدّ ولا تُحصى- دنيا وآخرة- فهو شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار، كما أنه شهر القرآن الكريم الذى اختصَّه الله تبارك وتعالى بـ”ليلة القدر” التى هى خير من ألف شهر، لِما تتنزّل فيها من بركات وخيرات، وأعلاها نزول كلام ربّ العالمين فيها، القرآن الكريم “إنَّا أنزلناه فى ليلة القدر”، ليلة “تنزّل الملائكة والرُوح فيها بإذن ربِّهم من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر”.
فأهلا ومرحبا بك شهر كريم، طيب مبارك، نتطلّع أن نستثمر حسناتك وخيراتك، فنحصد منها الخير الوفير، بالطاعات والقُرُبات إلى الله عزَّ وجلَّ، والمزيد من العبادات وأخَصَّها ما يتعلّق بحقوق العباد ومصالحهم وقضاء حوائجهم، حتى نخرج من هذا الشهر الكريم وهو شاهد لنا لا علينا.
اللهم بلِّغنا رمضان غير فاقدين ولا مفقودين، وألهمنا الصواب والرشاد، والفوز بثمار الشهر الكريم، وأدم علينا الفرحة والسعادة والاحتفال.