صدرت طبعة جديدة من كتاب “بناء الاقتصاد العربي” عن مركز الحضارة العربية للطبع والنشر والتوزيع بالقاهرة، للكاتب والباحث الاقتصادي صلاح شعير.
يرصد المؤلف المقومات الهائلة للأمة العربية في شتى المجالات؛ مطالبًا بالتركيز على تنمية الثروة البشرية بوصفها أهم عنصر في محددات الاستثمار الناجح؛ بداية من تطوير التعليم، والقضاء على سلبياته، والاهتمام بالصحة، لضمان رفع إنتاجية العامل على اعتبار أن قوة العمل هى بوابة العبور الاقتصادي نحو المستقبل.
ويحذر الكتاب من خطورة التلوث بمفهومه الشامل، وأضرار المخلَّفات والنفايات الصناعية على صحة المواطن، والبيئة في آن واحد، حيث تتعرض المياه لخطر التلوث الكميائي، والهواء لخطر الانبعاث الحراري بسبب انتشار غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
ويقترح المؤلف ضرورة التوسع في زراعة الأشجار في الطرق، وعلى حافة الجداول والأنهار وحول المدن بهدف تنقية البيئة المحيطة بالإنسان العربي بنباتات ذات عائد اقتصادي، قليلة الاستهلاك للماء، وقد حدد الكاتب عدة أنواع حسب طبيعة المناخ في كل دولة عربية.
ويرى المؤلف أن التكامل في مجالات الزراعة والصناعة والخدمات مدخل رئيس لرفع معدلات التجارة البينية، وأن أنسب مجال لزيادة القيمة المضافة يمكن أن يتحقق عبر التوسع في المجال الصناعي، وخاصة مجال البتروكيماويات، والتحول من تصدير المواد الخام إلى تصديرها كمنتجات تامة الصنع، ومن أهم الخامات الصناعية التي يطالب الكاتب بالتوسع في تحويلها إلى منتجات سلعية تامة الصنع خام الألومونيوم، وذلك لأنه يدخل في صناعات كثيرة ومتنوعة، علاوة على تطوير الصناعات المرتبطة بالحديد والصلب، بهدف إحياء مشروع سكك الحديد العربية، ومده بكل مستلزاماته، للربط بين كافة الأقطار.
يشير المؤلف إلى أن نجاح فكرة التكامل الاقتصادي يتطلب ضرورة حل الخلافات الحدودية العالقة بين بعض الدول العربية؛ بروح من التسامح والأخوة، حتى لا يستخدمها أعداء الأمة كمدخل لنسف المستقبل العربي، وذلك بالتزامن مع تفعيل دور المرأة، بعيدًا عن التمييز بكافة أشكاله، ومحابة الأرهاب، وإعلاء قيم المواطنة، ونشر ثقافة الديمقراطية، ودعم فكرة العدالة الاجتماعية؛ بهدف تحقيق التنمية المستدامة بالوطن العربي.
يتميز الكتاب بأنه يطرح أفكارا جديدة للتوسع في الاستثمار المشترك بين الدول العربية، لأنه يقدم مادة ثرية تفيد الحكومات والمؤسسات والباحثين وطلاب الدراسات الاقتصادية بالجامعات المصرية والعربية، ومن المبشِّر أن إعادة طرح فكرة التكامل تعود إلى الصادرة من جديد، وتنطلق من قلب القاهرة النابض بالعروبة؛ لأن مواجهة مخططات هدم وتفتيت الأمة العربية لا يُقابل إلا بنشر ثقافة البناء ودعم استراتيجيات التنمية الشاملة.