شهر رمضان العظيم، شهر الصيام عن الطعام والشراب، من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس، شهر الطاعات والنفحات، والخيرات.
و”رمضان” هو اسم مشتق من كلمة “رمض” أي شدة الحر، ويعود سبب تسميته بهذا الاسم إلى الوقت الذي جاء فيه أيام الجاهلية، حيث كان شديد الحر، وقيل ان سبب التسمية يرجع إلى ارتماض الصائمين من حر الجوع، وقيل ايضاً بل لأن القلوب تأخذ في هذا الشهر الفكرة في أمر الآخرة والموعظة كما تستمد الحجارة والرمال الحرارة من الشمس، وقال فريق آخر من أهل العلم إن التسمية مشتقة من الرمض وهو الحرق، لما فيه من إحراقٍ للذنوب بالأعمال الصالحة، وقيل ايضاً إن أصل التسمية مشتق من الرميض وهو السحاب والمطر في آخر الصيف وأول الخريف، وسبب التسمية أنه يرمض الذنوب أي يغسلها بالعمل الصالح، وقال فريق آخر إن سبب تسمية رمضان ترجع إلى أن العرب كانوا يرمضون أسلحتهم فيه، أي يحشدونها ويحضرونها للحرب في شوال.
شهر رمضان العظيم، فيه فضل وثواب عظيم، فهو ركن من أركان الإسلام، وفيه تتفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، وتكون الفرصة أمام المسلم كبيرة للتقرب من الله عز وجل، بالعبادات والطاعات والدعاء والصلوات والاستغفار والبعد عن الآثام والمعاصي وكسب الحسنات ودرء السيئات.
وهو شهر الصبر والتحمل، والشعور بالفقراء والمحتاجين، وشهر الجود والكرم والإحسان والخير والبركة وعمل الخير.
رمضان ينبغي استغلاله في أعمال الخير، منها الإفطار الجماعي، وهي من أعمال الخير في رمضان تفطير الصائمين، لا سيما أنه سبب لمضاعفة الأجور، مصداقاً لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا) بأن يكون ابتغاء مرضاة الله.
شهر الطاعات
حيث حل علينا رمضان فيجلب معه الخير الكثير، فهو شهر الخير والطاعة والصيام والقيام وتلاوة القرآن هو شهر العبادات، وهو شهر مضاعفة أجر الأعمال، يتسابق فيه الجميع إلى مرضاة الله ونيل أعلى درجات والأجر. يأتي رمضان ليرسم البسمات على وجوه الكبار قبل الصغار فمن منا لا ينتظر هذا الشهر كل عام؟! نعم ننتظره كي نشحن إيمانياتنا من جديد، وننتظره كي نستعيد الخير الكامن في نفوسنا وإنسانيتنا التي ربما نفقدها على مدار أشهر العام، نحن ننتظره لكي ننعم بالسكينة والراحة.
وكما أن أعمال الخير تكثر في رمضان، فربما نظن أن رمضان شهر صيام ودعاء وقيام فقط، وأن أعمال الخير فيه تقتصر على ذلك! وهو بالتأكيد ظن خاطئ، ذلك لأن رمضان شهر الخير بجميع أنواعه، صغيرا كان أو كبيرا، ذلك الخير الذي نقوم به، رمضان شهر النشاط والاجتهاد كما أنه شهر صلة الأرحام وتفقّد الجار والعطف على الضعيف المحتاج، ولكن دون رياء بأن يكون العطاء في الخفاء في السر في ستر الله دون مغالاة في التشهير بأعمال الخير، إنه شهر تجتمع فيه أفكار عمل الخير على تنوعها ليتم الاستفادة من كل دقيقة في هذا الشهر.
إن أعمال الخير ليست كلها تحتاج الى المال، وليست مقتصرة على الأغنياء، وليست كلها تتعلق بإعطاء المال إلى المحتاجين، فهناك الكثير من الأعمال التي يمكن أن نقوم بها ولا تحتاج الى تكاليف مادية مرهقة، وبنفس الوقت نتحصل بها على الأجر منها على سبيل المثال:
تبسّمك في وجه من تقابله في طريقك، ذلك أنه أصبحنا نسمع أن الصائم يكون عابس الوجه لأنه صائم ومتعب من ذلك، فكن أنت من يغيّر هذه الأقوال والأفعال الخاطئة، وشارك في الحملات التطوعية التي تقوم بها المؤسسات الخيرية لإطعام صائم، قم بتجهيز السلال الغذائية معهم، أو قم بتوزيع بعض التمرات على المتأخرين في الشارع أو المسافرين وقت الإفطار.
وإن كنت من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فابتعد عن عبارات الضجر في وقت الصيام الطويل، أو العبارات التي تدلل على التعب أو الكسل، بل اجعل صفحتك وتعليقاتك في هذا الشهر تدل على الخير وتحفّز الآخرين على عمل الطاعات، تفقّد أحبابك وأصدقاءك، وإن لم تستطع الوصول إليهم بالهاتف أو برسالة تدعوهم بها إلى الحرص على عمل الخير في هذا الشهر.
لقد أعجبني قول أحدهم- عندما سألته عن رمضان- قال: “يريد أن يفرح” بنفحات الشهر الكريم، رغم كل ما يعانيه! إلا أنه يريد أن يفرح، بروحانيات وعطاء الله الكثيرة، فتركته وقلت له: ادع لنا ولكم بالفرح والسعادة والصحة والعافية والدوام على الطاعة، وانا أيضا أترككم هنا بالدعاء لنا ولكم بالخير والعافية، ودوام الفرح وإدخال السعادة على نفوس الآخرين في هذه الأيام الطيبة المباركة وهذا الشهر الكريم.