أعجبتني العديد من رسائل الدعوة للتسامح والصفح -عبر وسائل التواصل الاجتماعي – قبل المناسبات الدينية وخاصة منتصف شعبان وأول رمضان ، وأعتبر أن هذا نوع من التعبير عن ” الخيرية ” التي أختص الله بها أمة الإسلام حين وصفها الله تعالى بقوله ” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ..”
لاشك أن امتلاك “نفس لوامة ” نعمة من الله تعالى حيث تلوم صاحبها دائما علي تصحيح الأخطاء والصفح عن من ظلم ، وطلب العفو السماح في حالة التجاوز أو الخطأ أما المتكبرون الذين تسيطر عليهم ” النفس الأمارة بالسوء ” نحمد ربنا الذي عفانا مما أصاب كثير من خلقه.
منذ ساعات بدأ شهر رمضان الذي يعد فرصة ذهبية للتسامح وترك الشحناء والمسارعة إلي الأعمال الصالحة والتواصي بها والمسامحة ورفع العداوات فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم” إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلا يَرْفُثْ ، وَلا يَجْهَلْ ، فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ ”
لا شك أن النزاع والخصومة بين الناس سبب لمنع الخير ، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة إلى أصحابه في رمضان ليخبرهم بليلة القدر فتلاحى رجلان من الصحابة – أي: تخاصما- فرفعت، أي: رفع العلم بها في تلك السنة، ولذلك ينبغي للإنسان أن يحاول ألا يكون في قلبه غل على أحد من المسلمين ، وما أجمل الدعوة القرآنية ” وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ “.ما أجمل أن تتلازم الدعوة إلى التسامح وطلب العفو برد المظالم والسعي في إبراء الذمة من الحقوق وحث الناس على ذلك سواء في رمضان أو غيره
ما أجمل وصف الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم حين قال: ” وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ “ وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:”مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ” وقال أيضا “إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا” وهل نمتلك الشجاعة لتنفيذ أمر الله تعالى:”وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ”