من المقولات الغريبة والمنتشرة بكثافة على مواقع التواصل هذه الأيام أن الهدف من الصيام ليس الشعور بجوع وعطش الفقير ولا تعلم الصبر وتحمل المشقة، ويقولون إن لو كانت هذه حكمة الصيام لما صام الفقير أيضا، وأن الحكمة الأساسية من الصيام هي التقوي وأن تكون حسن الأخلاق ..إلخ، وهنا أقول: بداية أنت لست مطالبا بأن يكون لكل فريضة حكمة معينة إذا اقتنعت بها نفذتها وإلا امتنعت عنها، فعليك أن تؤدي الفريضة كما هي أولا وإذا توفرت الحكمة منها كان وبها.
وأن الله تعالى لم يشرع حكماً من الأحكام إلا وله فيه حكم عظيمة، قد نعلمها، وقد لا تهتدي عقولنا إليها، وقد نعلم بعضها ويخفى علينا الكثير منها.
أما عن الحكمة الأساسية من الصيام فهي بالفعل التقوي وذكر الله تعالى الحكمة من مشروعية الصيام وفرضِه علينا في قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة / 183 ، فالصيام وسيلة لتحقيق التقوى، والتقوى هي فعل ما أمر الله تعالى به ، وترك ما نهى عنه.
أما ما لا يعلمه هؤلاء أن هناك حكم ذكرها العلماء عن مشروعية الصيام، وكلها من خصال التقوى من بينها أَنَّ الصَّوْمَ مُوجِبٌ لِلرَّحْمَةِ وَالعطف عَلَى الْمَسَاكِينِ, فَإِنَّ الصَّائِمَ إذَا ذَاقَ ألم الجوع فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ, ذكر من هذا حاله في جميع الأَوْقَاتِ , فَتُسَارِعُ إلَيْهِ الرِّقَّةُ عَلَيْهِ , وَالرَّحْمَةُ بِهِ , بِالإِحْسَانِ إلَيْهِ , فكان الصوم سبباً للعطف على المساكين.
وفي الصيام التزهيد في الدنيا وشهواتها، والترغيب فيما عند الله تعالى، فعلينا أن نتعلم ونقرأ قبل أن تفتي بغير علم.