ضيفا عزيزا وزائرا كريما كان شهر رمضان المبارك.. وراحلا عزيزا ومسافرا كريما يمضى وفى سرعة.. حل وحلت معه نفحات كبري، طوبى لمن تعرض لها.. الرحمة فى أوله.. والمغفرة فى أوسطه.. والعتق من النار فى آخره كما وعدنا وبشرنا نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وها هى أيامه المباركة تمر بنا مسرعة ونحن الآن فى أيام العتق من النيران.
وبعد أيام قليلة يحل يوم عيد الفطر، يوم الجائزة الكبري، يوم الفرحة الكبرى لكل مؤمن كما ورد فى الحديث الشريف عن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال: «للصائم فرحتان، فرحة يوم فطره وفرحة يوم لقاء ربه »، وذلك لمن صام رمضان إيمانا واحتسابا، وأحسن الصيام قولا وفعلا مصداقا لقول النبى – صلى الله عليه وسلم – «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .»
أما من أخذ رمضان مجرد قشور وحوله إلى احتفالات مظهرية وإلى موائد باذخة، فقد أضاع جانبا كبيرا من الأجر وقد يذهب بأجر الصيام كله.. وهؤلاء هم الذين ينطبق عليهم قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – «رغم أنفه.. من أدركه رمضان ولم يغفر له ..» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ولعل الأيام القليلة القادمة تكون فرصة سانحة وربما أخيرة لمن فاته أن ينعم بنفحات شهر رمضان المبارك ففى هذه الأيام ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر.. وهى أيام الاعتكاف والتهجد، وأيام إخراج الزكاة زكاة الفطر التى تزكى وتطهر الأنفس والأموال وتشيع روح التضامن بين المسلمين وتمسح على نفوس الأيتام وتطيب خاطر الفقراء وتحقق بهجة العيد.. ولعلنا جميعا نبادر ونعمل على تدارك ما فاتنا فيما مضى من أيام الشهر الكريم.
يحن القلب وتهفو النفس وتتطلع المشاعر والحواس إلى البقاع المقدسة وحين تأتى الدعوة الكريمة للوقوف أمام الأعتاب المقدسة تتسارع الخطى وتتلاشى العقبات وتذلل كل الصعاب.. وأمام الكعبة المشرفة التى جعلها الله – سبحانه وتعالى – للناس قياما ترق المشاعر وتتوحد القلوب فى نداء واحد ودعاء موحد وإن اختلفت الأعراق والألوان واللهجات.. الجميع ينشدون نفحات العفو وجميل الصفح وعذب المغفرة.. وفى الروضة الشريفة وبين يدى الحبيب المصطفى تشف النفوس وتطير القلوب بأجنحة الحب والإيمان واليقين.. فيا أيها الحبيب صلاة الله عليك وسلامه.. أشهد أنك أديت الأمانة وبلغت الرسالة ونصحت الأمة وكشفت الغمة وجاهدت فى الله حتى أتاك اليقين.. القلب يهفو ودموع السعادة تتدفق للوقوف بين يدى خاتم الأنبياء، دموع الوجل والندم على كل تقصير وذنب.. دموع الرغبة فى التطهر، من المعاصى والذنوب والآثام.. اللهم إنا نسألك عودا حميدا لأحب الأماكن إليك وإلى قلب رسولك الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم.
وختاما:
قال تعالي: «محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود .»
صدق الله العظيم.. الفتح آية 29