خادم الحرمين: إيقاف خطاب العنصرية والإصغاء لصوت الحكمة
د. مختار جمعة: شعائرنا.. فوق التسييس والمتاجرة
أكد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن المملكة العربية السعودية أدانت كافة أشكال التطرف والعنف والإرهاب، وواجهتها بالفكر والعزم والحسم، وأكدت براءة الإسلام منها، وطالبت بأنّ تسود قيم العدل المجتمعات الإنسانية كافة، وأخذت على عاتقها العمل على نشر السلام والتعايش بين الجميع، وأنشأت لذلك المراكز والمنصات الفكرية العالمية.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الملك سلمان بن عبدالعزيز، الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز- مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة- أمس الاثنين في افتتاح المؤتمر الدولي حول “قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة”، وإعلان “وثيـقة مكة المكرمـة” الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي.
قال الملك سلمان: لقد أدانت المملكة كافة أشكال التطرف والعنف والإرهاب، وواجهتها بالفكر والعزم والحسم، وأكدت براءة الإسلام منها، وطالبت بأنّ تسود القيم العدل المجتمعات الإنسانية كافة، وأخذت على عاتقها العمل على نشر السلام والتعايش بين الجميع، وأنشأت لذلك المراكز والمنصات الفكرية العالمية.
وانطلاقاً من التزامنا بهدي الشريعة في أفقها الوسطي المعتدل، ومن مسؤوليتنا الإسلامية عن قدسية القبلة الجامعة ومهوى أفئدة المسلمين، نجدد الدعوة إلى إيقاف خطاب العنصرية والكراهية أياً كان مصدره وذريعته، كما ندعو إلى الإصغاء لصوت الحكمة والعقل، وتفعيل مفاهيم التسامح والاعتدال، مع تعزيز ثقافة التوافق والتصالح، والعمل على المشتركات الإسلامية والإنسانية، فعالم اليوم أحوج ما يكون إلى القدوة الحسنة ـ التي نقدمها نحن المسلمين ـ والتي تعمل على نشر الخير للبشرية جمعاء، تحقيقاً لرسالة ديننا حيث يقول الحق سبحانه: (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين).
3 نقاط
وركَّز د. محمد مختار جمعة- وزير الأوقاف- كلمته في ثلاث نقاط: الأولى تتعلق بمفهوم الوسطية وبيان أنها فاصل دقيق بين الإفراط والتفريط, فباسم الأحوط ذهب كثيرون في اتجاه التشدد، وباسم التيسير ذهب آخرون في اتجاه التسيب, يقول الإمام الأوزاعي (رحمه الله): ما من أمرٍ أمرَ الله (عز وجل) به إلاّ عارض الشَّيطان فيه بخصلتين، لا يبالي أيّهما أصاب: الغلوّ، أو التَّقصير.
الأمر الآخر: يتعلق بفقه الدولة وفقه الجماعة, ففقه بناء الدول يتسم بالسعة والمرونة, وفقه الجماعات في الغالب الأعم فقه نفعي مغلق, مصلحة التنظيم فيه فوق الدولة, ومصلحة الجماعة فوق مصلحة الأمة.
وقد حاولت الجماعات المتطرفة إحداث حالة من الانفصام والشقاق بين الشعوب وحكامها, فأخذت تسوِّق أنفسها على أنها حامية حمى الدين, وبما أنها في عداء دائم أو شبه دائم مع الأنظمة الحاكمة, فإنها تصور الأنظمة على أنها ضد الدين, فمن كان مع النظام أو الدولة حتى لو كان النظام في عدل عمر (رضي الله عنه) فهو ضدها, وضد الدين, وهذه دعوات مشبوهة تفكك الدول من داخلها, وتحقق أهداف أعدائها المتربصين، بها فهذه الجماعات المتطرفة ترى أن كل ما يقوي الدولة يضعف الجماعة, وكل ما يضعف الدولة يقوي الجماعة, فهي لا تقوم ولا تتغذى إلا على أنقاض الدول .
الأمر الثالث: هو حاجتنا الملحة لاستخدام المنهج النقدي العقلي في إعادة قراءة المتغير من تراثنا مع حفاظنا على ثوابتنا الشرعية فإنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت, وإنزال المتغير منزلة الثابت عين الجمود والتحجر.
وأخيرًا: أؤكد أننا جميعا نرفض أي مساس بشقيقتنا المملكة العربية السعودية أو أي محاولة للنيل ولو معنويا من الحرمين الشريفين, فنرفض أي محاولة اعتداء عليها, كما نرفض أي محاولة لتسييس الحج, بل ندعو إلى ضرورة تخليص جميع الشعائر والمناسك من التوظيف السياسي والمتاجرة بعواطف العامة, وأن يتضمن البيان الختامي للمؤتمر ذلك.
وقال د. شوقي علام- مفتى مصر-: كلنا يعلم ما تتعرض له السعودية- قيادة وشعبا- بل والمنطقة بأسرها، من حملات إرهابية إجرامية وهجمات مغرضة شرسة على الصعيدين الداخلي والإقليمي وهذه الحملات الإرهابيةً كما يعلم الجميع، تقف وراءها قوى شر متآمرة، ترفع راية الشر والدمار والإرهاب وتدعم تلك الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح، لذلك فإن الوقوف إلى جانب الحق والخير والوسطية الذي ترفع رايته السعودية، إلى جانب مصر وكافة دول المنطقة التي لم تتورط في دعم الإرهاب لهو فرض عين وواجب على كل مسلم وهو أيضا واجب أخلاقي ومبدأ إنساني، تدعمه دول المجتمع الدولي بموجب المواثيق والعهود الدولية الداعمة والمؤيدة للخير والسلام.
الأمة الوسط
وأوضح رئيس مجلس الإفتاء بدولة الإمارات، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الشيخ عبدالله بن بيه، أن الأُمَّةِ الوَسَط بعيدة عن الإفراط والتفريط وتتميز بالاعتدال في المنهج وبعيدة كل البعد عن الإرهاب بكافة أشكاله وصوره فهي أمة رحمة وعطاء وتضحية وليست أمة تنازع وتنافر، داعيا المجتمعات الإسلامية إلى التمسك بالكتاب والسنة في منهجها الوسطي المعتدل القائم على العدل والحق .
وقال د. يوسف بن أحمد العثيمين- الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي-: إن المسلمين ابتلوا بمهددات ومخاطر من داخلهم بسبب الغلو والتطرف والميل عن سبيل الوسطية الذي خطّ سبيل المسلمين طيلة القرون السالفة، ومكّن لهم في الأرض بعد أن وقفت الأمم والشعوب والثقافات على السماحة واللين التي يتسم بها المسلمون أينما حلوا، ولقد أدخل الحيد عن سبيل الوسطية أوطان المسلمين على اختلافها في أتون الخلاف والاختلاف بل وفتح علينا باب العنف والإرهاب الذي عاث في أمننا واستقرارنا فساداً، بعد أن كانت أوطاننا مأوى للآمنين وملجأً للخائفين، ومضرب مثل للاستقرار والأمن والأمان.
وأشاد مفتي الجمهورية اللبنانية د. عبداللطيف دريان، بمَا قَامَتْ بِهِ السعودية والدول الإسلامية في مُكَافَحَةِ التَّطَرُّفِ العَنِيف، مبينا أن الجميع مُحتَاجُون، وَبِمُقْتَضَى سَبِيلِ الأُمَّةِ الوِسِط، إلى التَّأَهُّلِ وَالتَّأْهِيل، وَهُمَا أَمْرَانِ يَقْتَضِيهِمَا التَّعَارُف فَلابُدَّ مِنْ أَنْ نَقبَل، وَفي ضَوءِ الفَهْمِ المُتَجَدِّدِ لِلكِتَابِ وَالسُّنَّة، على مَعرِفَةِ مُجْتَمَعَاتِنَا وَشَبَابِنَا أَكْثَر، وَعلى مَعرِفَةِ العَالَمِ وَمُتَغَيِّرَاتِهِ أَكْثَر.
واشار د. محمد بن عبدالكريم العيسى- الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي- إلى أن الأطروحات حول قيم الوسطية والاعتدال كثرت لكنها كانت ولاتزال بحاجة إلى إبرازها ببيان علمي، يستعرض النصوص ويوضح دلالاتها، ويكشف أوهام أو تعمُّدَ اجتزائها، ويُبيَّنُ الأخطاء والمزاعم والشبهاتِ في تأويلها أو التقولَّ عليها.